ساهم الملحن العراقي «كريم هميم»، وهو من أبرز رموز الأغنية العراقية، في صناعة مجدها، خاصة في فترة الثمانينات، حيث كان من الكبار الذين أسسوا الجيل الذهبي للأغنية الملتزمة.
واسهم في رفد الغناء العراقي بألحان جميلة غناها وحيد علي وعلاء سعد وعلي جودة وحسن بريسم، اضافة الى الصوت الراقي لابنته اصيل الهميم صاحبة الصوت الشجي.
وضع لنفسه بصمة مهمة في سلسلة الملحنين، ولهذا احتسب من المهمين في قائمة الملحنين العراقيين، ينتسب في سيرته وانتمائه السكاني الى مدينة عريقة بالابداع والانتماء لتراث الوطن، ونتيجة لقدراته الفنية ولمعرفته بأصول التلحين تمت دعوته من قبل وزارة الثقافة العراقية مع عدد من الملحنين ورواد الاغنية العراقية للتباحث ووضع أسس سليمة لإنقاذ الاغنية العراقية مما وصلت اليه اليوم من مستوى من التردي والإسفاف في كلمات الاغنية العراقية وألحانها البعيدة عن التذوق .
«جريدة الزوراء» وجهت الدعوة للفنان كريم هميم لإجراء حوار حول مسيرته، إضافة الى استعراض لأهم الاساليب التي يجب ان تتخذ لإيقاف هذا التردي في الاغنية ووضع اسس صحيحة تعيد للاغنية مكانتها وتراثها الحقيقي النابع من الاصول العراقية وألوانها التي عرفت بها.
* اهلا ومرحبا بك استاذ كريم وانت اليوم ضيف على الزوراء؟
- اهلا ومرحبا بكم وبالزوراء التي عرفت بشغفها وحبها للاصالة والمبدعين .
* اولا نود ان يقدم الاستاذ كريم نفسه وبعضا من بطاقته الشخصية ؟
-انا كريم هميم داوود، اصولي من محافظة ميسان ولادة بغداد 1960 اكملت دراستي المتوسطة وقدمت الى معهد الفنون الجميلة سنة 1974 تم قبولي في المعهد وكنت الاول على دفعتي وكان من بين زملائي ودورتي الفنان قحطان العطار ورعد بركات وامال ياسين وسامي هيال ومجموعة مهمة من الفنانين، ودرسنا خيرة الاساتذة، أما انا فقد درست اختصاصا في آلة العود على يد الاستاذ جميل سليم وهو ملحن كبير وهو من اوائل الاساتذة في الاذاعة والتلفزيون في الخمسينات وكان متخصصا في كتابة النوطة لأعماله واعمال الاخرين .
* حدثنا إذاً عن بدايات المسيرة وكيف بدأ الاستاذ كريم نشأته ومسيرته وما هي تأثيرات المناخ العائلي الذي ارتكزت عليه ؟
-بداياتي من العائلة فقد كان والدي ذواقا وصاحب صوت جميل ورجلا ديمقراطيا، اضافة الى ان اصوات اقاربي كانت ممتازة لذا فأنا اعتبر نفسي واحدا منهم، وجدت انني امتلك حنجرة بإمكانها ان تؤدي الالحان البسيطة والصعبة وانت تعرف جيدا ان العمارة تتجسد فيها اجمل الالحان والغناء والاصوات نتيجة لطبيعتها وجمال بساتينها ومياهها ومناخها العذب، اضافة الى ان صوت والدتي كان رائعا بشكل ملفت للانتباه حتى انك لو استمعت الى العتابة والالحان الحزينة اتحداك إن لم تبكِ. أما ما يتعلق بي فقد كان واحدا من اقاربي في بغداد وهو معلم كان مهتما بي بشكل غير اعتيادي وكان يتابعني وفي يوم من الايام جاءني بهدية وانا طفل صغير وكانت الهدية آلة بدوية اسمها (الربابة) وكانت تصدر اصواتا متنوعة اعجبتني كثيرا ومنها تشكلت حياتي الموسيقية بل وكانت نواتي الموسيقية واستمر تذوقي الموسيقي وبدأت أسأل من خلال محيطي واصدقائي كيف اكون موسيقيا فارشدوني الى معهد الفنون الجميلة لدراسة الموسيقى وفعلا عندما أنهيت دراستي المتوسطة دخلت المعهد ودخلت عالم الدراسة الموسيقية .
* قبل ان نصل الى مرحلة الدراسة في المعهد بودي ان نتحدث عن تأثيرات المنطقة التي كنت تسكنها بأجوائها الريفية ؟
- أنا من بيت متلاحم ولكن تأثيرات اقاربي واهلي كانت ذات تأثير قوي ففي وقتها اخذت ارافق بعض الاصدقاء ومرة حضرت مناسبة مفرحة فسمعت المغنين كيف يغنون ويطربون الناس ومرة استعرت مسجلا للصوت من والدي فسمعت فيه اغنية لأم كلثوم (غلبت اصالح في روحي ) ومن شدة تذوقي للاغنية سمعتها كاملة اكثر من مائة مرة. أما كنشاط فليس لدي نشاط فني في وقتها لاني كنت فقط متلقيا وبعد ان نمت قابلياتي وصارت واضحة المعالم اخذني والدي الى معهد الفنون الجميلة وتم قبولي في المعهد .
* وكيف تم اختبارك ؟
- اختبرني الاستاذ روحي الخماش وحسين قدوري وفؤاد الماشطة، فتم قبولي في قسم الموسيقى وبالذات على آلة العود وتدربت على يد الاستاذ جميل سليم وعند دخولي المعهد واجهتني صعوبات في النوطة وبعد شهرين تقريبا اصبحت امتلك قدرة بحيث اصبحت انا ادرب الطلبة بمعلوماتي التي سريعا ما تعلمتها واستمرت مسيرتي هكذا .
* حدثنا عن قابلياتك التي تطورت في المعهد ؟
- استمرت دراستي وتعلمي السريع حتى انني في الصف الثالث اصبحت اقدم محاضرات في المنظمات الجماهيرية فحاضرت في مدرسة الموسيقى والباليه ولما تمكنت من آلة العود اسست فرقة في احدى المنظمات الشبابية .
* اول انجازاتك الفنية هل تتذكرها؟
- اول بداياتي الفنية الحقيقية هي تأسيس فرقة للشباب في مركز شباب الجولان تابعة الى وزارة الشباب .
* ما دمت تدرس الموسيقى وبالذات آلة العود كيف صممت ان تكون موسيقيا ؟
- في مرحلة الثالث في المعهد جاءتنا استاذة روسية تدرسنا الغناء وبالمصادفة كان في صفنا طلبة يمتلكون اصواتا ممتازة منهم قحطان العطار وسامي هيال ورعد بركات، فتلاحمنا وتم اختيارنا كمغنين، أما أنا فكنت لا انسى الموسيقى اضافة الى انني امتلك صوتا جيدا فدرست الغناء وكنت عازفا فدرست التلحين بعدها احسست انني امتلك طاقات جيدة في اكثر من اتجاه فأخذت اركز على الموسيقى والغناء والتلحين ايضا، وكملحن احتسبت عندما قدمت اغنية للتلفزيون عنوانها «عيني يا بعد عيني» وغناها محمود انور .
* كم لحن قدمته لحد الآن ؟
- ألحاني كثيرة واتذكر منها لحنت الى وحيد علي ( ردتك بس تجي ) ولحنت الى حسن بريسم اغنية «وينك يالكلت هذا انه» ولحنت لمي ووحيد اغاني كثيرة ولحنت لعلا سعد «انت طالق» ولحنت الى مضر محمد اغنية «الله ما اجملك» ولحنت لكثيرين ايضا وقد توجت ألحاني بأغنية علي جوده (حتى انتها الربيت بهاي العيون) ودخلت مسابقة كبيرة، فكانت نتيجتها مع اغنية «شيصبرني اولى مكرر» .
* هل تفضل الغناء ام التلحين ؟
- التلحين والانتاج طبعا .
* هل لحنت لعرب ؟
- نعم لحنت للفنانة الدكتورة سميه عبد العزيز ولحنت الى المطرب الاردني ناصر شهيد والمطرب السعودي بسام السلامه والمطرب القطري منصور المهندي ولحنت للفنانة السورية هديه السبيني والمطربة السورية اقبال علي وعي زين العابدين واخرين كثيرين.
* طيب كل هذه الالحان وغيرها شكلت لديك نهجا معينا فما هو نهجك في التلحين بشكل عام ؟
- عندما تستمع الى الراحل محمد جواد اموري تعرف لحنه وصوته وكذلك طالب القرغولي وجعفر الخفاف. أما انا الوحيد فقد اخذت خطا خاصا بي ولكوني امتهنت التلحين والانتاج لذا فأنا احاول ان اذيب شخصيتي في صوت المطرب وأتنقل في الحاني بين الريف وبين الاجواء الاخرى لهذا فنهجي ملون في التلحين ولا اثبت على حالة واحدة .
* ايهما اقرب الى نفسك ان تكون مغنيا ام ملحنا ؟
- انا يستهويني التلحين اكثر من كوني مغنيا او موسيقيا .
* المطرب يظهر للعيان أما المخرج والملحن فهو ربما لا يعرف كثيرا إلا من خلال المانشيت فهل فكرت في الظهور مرة ؟
- عمري كله لم اكن انانيا ولم افكر إلا في الابداع .
* هل شاركت مغنيا في حفلة او مهرجان ؟
- أبدا لم اظهر كمطرب .
* هل بينك وبين الفنانة اصيل كريم هميم ابنتك تواصل في التلحين او غير ذلك ؟
- عندما ولدت اصيل كنت احاول ان اسمعها وهي في بطن والدتها ألحانا جميلة وقراءات للقرآن، ولهذا ولدت وهي شاربة للفن وسأذكر لك حالة عملتها مع اصيل جعلتها تغني «أسألك الرحيل« لمحمد عبد الوهاب وهي في الرابعة من عمرها .
* وهل لحنت لها ؟
- نعم لحنت لها ( عندي حب ) كلمات كاظم السعدي ولحنت لها اغنية من كلمات رانيه زند الحبيب وهي شاعرة سورية والاغنية اسمها «سلطني صوتك» ولحنت لها مقدمة مسلسل عفيفه اسكندر «فاتنة بغداد».
* وكيف تقيّم اصيل كمطربة ؟
- اصيل من الاصوات المهمة في الوطن العربي .
* هل لك تعاون مع الاذاعة ؟
- نعم لدي تعاون مع الاذاعة فأنا من سنة 1915 – 2020 مشرف وموظف في اذاعة صوت الريان في قطر وكانت لي استضافات كثيرة في اذاعات عراقية وخليجية ونفذت لإذاعات خليجية بصوت اصيل بنتي حوالي 60 عملا عراقيا وحصل تعاون مع اذاعة بغداد وقد استضافتي المذيعة العراقية نوال محسن واستوديو 10 وغيرها الكثير .
* سمعنا انك تتواصل مع وزارة الثقافة هذه الايام ومع عدد من الملحنين الممتازين ومنهم فاروق هلال وغيرهم لوضع اساسيات للاغنية العراقية وانقاذها مما وصلت إليه بعض الاغاني العراقية من استهانة حدثنا عنها ؟
- حالة الاغنية العراقية غير مريحة هذه الايام بسبب بعض الشباب الذين يسمون انفسهم مطربين وملحنين، ولهذا جاءتنا دعوة من وزارة الثقافة وبرئاسة الاستاذ عماد جاسم وكيل الوزارة ومدير عام دائرة الفنون الموسيقية لي ولبعض الملحنين والمطربين الممتازين للمناقشة حول مستوى الاغنية العراقية والارتقاء بها من حالتها وقد وضعنا الاسس المطلوبة والشروط التي تخرج بها الاغنية من نص ولحن واداء .
* من هو اكثر فنان جسّد ألحانك ؟
- الفنان علي جوده والفنانة اصيل بنتي صوتها رائع ومؤخرا لحنت بالفصحى من كلمات سلام قزاز للفنانة مياده الحناوي .
* كم عمل تلحيني قدمته في حياتك؟
- لحنت اكثر من 100 عمل لمطربين عراقيين وعرب .
* من هو اقرب المطربين ادى لك بدقة؟
- علا سعد.
* اخر ما لديك ؟
- أنا امتلك أستوديو في دمشق يعتبر من اهم الاستوديوهات في سوريا وقد عملت نهضة في الانتاج وتحريك الغناء في سوريا وقد انتجت اكثر اغاني العراقيين والعرب .
* هل لحنت لمسلسلات ؟
- نعم لحنت لمسلسل ابو طبر ولحنت لمسلسل عفيفه اسكندر فاتنة بغداد ومسلسل مرافيء الحنين اخراج فارس طعمه التميمي، وحاليا بالتعاون مع وزارة الثقافة اتفقنا ان نقدم امسية لفناني القصائد العربية الفصحى وهو مشروع يسعدني كثيرا .
* أخيرا ما الذي تتمناه للغناء وللموسيقى والالحان في الوقت الحالي؟
- بالنسبة الى شبابنا اقول ان العراق ولود وفي فترة وانا في الخارج اعتقدت ان العراق لن يوجد به عازفون للكمان لان كاظم الساهر اخذهم معه ولكني عندما عدت الى العراق وجدت ان عازفي الكمان كثيرون جدا.
فالعراق ولود في الابداع لكن مشكلتنا في الملحنين والمطربين فهم شباب يسعون ان يلحنوا ويكتبوا اغاني تقدم في المطاعم الليلية ولهذا فعمرها قصير .
* هل تجد من هو قرين لك في الالحان؟
- كلهم اصدقائي واحبابي فأنا امشي على محبة والوان الاستاذ فاروق هلال واعشق ألحان طالب القرغولي وكلهم مشينا على خطاهم وتأثرنا بهم وكلهم احترم اعمالهم .
* وهل تأمل من مساعيكم الاخيرة مع وزارة الثقافة ان تقومون الاغنية العراقية ؟
- كل الشباب المشاركين يأملون من مسعانا التقدم والاحسن ونحن نسعى من المثقفين واصحاب الذوق ان يشاطرونا الرأي، وان لا يستمعوا الى الاغاني الضعيفة .
* وما رأيك انك الآن ضيف على الزوراء؟
- انا سعيد جدا بكم وانتم اصحاب خبرة وباع طويل في تذوق الالحان والاغاني لذا اقدم لكم الشكر الجزيل والاماني الكبيرة .
* شكرا لك أخا وملحنا من الطراز الاول في العراق .