رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الغزل في الشعر الأندلسي


المشاهدات 1241
تاريخ الإضافة 2023/01/25 - 8:12 PM
آخر تحديث 2024/03/28 - 4:43 PM

سامي ندا جاسم الدوري
يُعدّ الشعر أحد أهم الألوان الأدبية حيث قد نال اهتمام فئة كبيرة جدًا من العرب سواء في العصر الجاهلي أو عصور النهضة العربية والإسلامية ، وكان يعدّ أحد أهم الوسائل الإعلامية وتناقل الأخبار والحكايات المختلفة ، وكان الشعر يأتي بالعديد من الأغراض المختلفة حيث نجد غرض الغزل والذي كان منتشرًا بشكل كبير في الشعر الاندلسي إلى جانب أغراض المدح والهجاء والرثاء وغيرها .
وقد تميّز الأندلسيون في مختلف الآداب والفنون ومختلف العلوم، وأبدعوا في مجال الأدب فأنتجوا أدبًا متنوعًا غزيرًا، وتركوا حضارة عظيمة تشهد على عظمتهم . والشعر الغزلي على مر العصور  والازمان مر بالعديد من الفترات الزاهية، فعلى سبيل المثال لم يكن شعر الغزل منتشرا بكثرة في العصر الاسلامي ، اما في العصر الاندلسي فقد انتشر الشعر الغزلي، ولم يكن هذا النوع من الشعر محصورا فقط ما بين الشعراء المحترفين وانما تشارك الشعراء مع الامراء  والكتّاب والفلاسفة، ويرجع السبب وراء ذلك للطبيعة الاندلسية والتي كانت مشهورة بجمالها، إذ ان الطبيعة كانت تزيد من رغبة الشعراء في القاء اجمل  واروع ابيات الغزل الجميل، لم تكن الطبيعة فقط هي السبب في انتشار الشعر الغزلي بل كذلك ثقافة المجتمع الاندلسي بنفسه، وكان للشعر الغزلي الاندلسي ثلاث اتجاهات وهي الاتجاه المحدث والاتجاه المحافظ  والاتجاه المحافظ الجديد، وأتبع الأندلسيون في شعرهم عامة وفي غزلهم خاصة مناهج المشرقيين فعرفوا الغزل التقليدي والغزل الأباحي والغزل العفيف واخذ كل شاعر نصيبه منها حسب اهواء نفسه وتربيته الخلقية الا ان امورا جديدة طرأت في الادب الاندلسي منها: ظهور الموشحات وقد طرق معظمها موضوع الحب وشيوع الغزل بالمذكر بشكل فاق نظيره في المشرق دون حياء في وصف أو خجل في تصوير الشذوذ الجنسي أو ذكر عورات الجسد مع أنحدار بالالفاظ والمعاني الى درك مزرى لم يعهده الشعرالعربي من ذي قبل. ثم أقبال المرآة الاندلسية على قول شعر الغزل وتغزلها بالرجل مع بعض أختلاف بين غزلها وغزل الرجل . وكثرة الشاعرات الأندلسيات في هذا المجال. وهذه الحالة تعكسها طبيعة المجتمع هناك.
ومما لا شك فيه أن ميل الأندلسيين إلى التحرر وانتهاز فرص العيش الرغيد وحرصهم على تحقيق الإنسجام مع ما وهبه الله تعالى للأندلس من خيرات وجمال في الطبيعة وحتى في المخلوقات، كانت جميعها عوامل او اسباب دافعة إلى شيوع شعر الغزل. وقد كانت هذه الظواهر اكثر بروزاً في شعر الطبقات الثرية والمترفة منها في شعر الطبقات الفقيرة. لذالك نرى شاعرات اندلسيات أخريات التزمن الورع والتقوى والعفاف والرصانة في سلوكهن الشخصي وفي شعرهن. وكان كل شيء في بيئة الاندلس الجميلة يغري بالحب ويدعو الى الغزل ومن ثم لم يكن امام هذه القلوب الشاعرة غير الانقياد لعواطفها فأحبت وتغزلت فانتجت وراءها فيضا من شعر الغزل الرائع الجميل. وكان المتوقع ان ينفعل الشاعر الاندلسي بمؤثرات الحياة الجديدة الطبيعية والاجتماعية فيبدل من نظرته الى المراة ومن مفهمومه لقيم الجمال وظل الغزل الاندلسي غزلا حسيا بعيدا عن تصوير خلجات النفوس وما يضطرب فيها من شتى المشاعر على ان أوضح سمات هذا الغزل تتجلى في عذوبته ورقته في وصف محاسن من يقع الشعراء في حبهن من نساء الاندلس الجميلات وفي تصوير مشاعرهم المتضاربة اتجاهن من وصل وهجر وقرب وبعد واقبال وصدود وغيرها من حالات الوجد والشوق . وقد اعتمد الأندلسيّون أيضًا إلى توظيف غرض الوصف إلى جانب الغزل، وغالبًا ما كانوا يقرنون هذين الغرضين معًا، فعندما يريد الشّاعر أن يتغزّل بامرأة، كان يلجأ إلى وصفها بأوصاف الطّبيعة، فالمرأة عندهم صورة من محاسن الطّبيعة. وقد نلاحظ في الغزل الاندلسي وقوفه عند حدود الوصف المادي لما يتعشقه الشاعر من اعضاء جسم حبيبته كما فعل الشاعرالعربي في الجاهلية والعصر الاموي . قال الشاعر :
ما أرى الخال فوق خديك ليلا على فلق
انما كان كوكبا قابل الشمس فاحترق
وكان للخيال دور بارز في شعر الغزل الأندلسي في تلك الفترة، وذلك في تصوير المحبوب  ومخاطبته، وبث الأشواق إليه، فكان الخيال الابتكاري، والخيال التأليفي،فضلا عن استخدامهم للخيال البياني أو التفسيري، وقد امتزجت تلك الأخيلة وهي تصور لنا عواطف الشعراء ومشاعرهم، مقدمة أدبا راقيا معبرا عن نفسية، ومزاج الشعراء الأندلسيين الغزليين،  وسعة خيالهم، وقد أدى الخيال دورا كبيرا في الشعر الغزلي الأندلسي في تلك المدة، فكان الميدان الذي لجأ الغزل إليه في تصوير الحبيبة، وبث الشوق والحنين إليها بعد أن عز اللقاء. ومن خصائص الغزل الأندلسي هو التحرر من المعاني البدوية القديمة إذ كانت معاني الشعر الاندلسي تتماشى في ذلك الوقت مع البيئة المتحضرة، والتي كانت سائدة في العصر الاندلسي ولم تكن هذه السمة تشمل جميع القصائد الغزلية في العصر الاندلسي، وكذلك رقة الالفاظ بالاضافة الى خفّة الاوزان  والتراكيب ولهذا السبب جاء شعر الغزل في العصر الاندلسي رقيقا جدا ، وتصوير الطبيعة  مفاتنها وكان ذلك يخدم معاني الغزل والتي تقوم بوصف المحبوبة، فتارة يقوم الشاعر بوصف الطبيعة على انها تشبه المحبوبة  ومحاسنها، وتارة اخرى يقوم بوصف محاسن المحبوبة مستعينا بالطبيعة، فقد كان يشبه اعين المحبوبة بالمها ، ومن امثلة ذلك قول ابن خفاجة/
وَصَقيلَةِ الأَنوارِ تَلوي عِطفَها
ريحٌ تَلُفُّ فُروعُها مِعطارُ
عاطى بِها الصَهباءَ أَحوى أَحوَرٌ
سَحّابُ أَذيالِ السُرى سَحّارُ
وَالنورُ عِقدٌ وَالغُصونُ سَوالِفٌ
وَالجِذعُ زَندٌ وَالخَليجُ سِوارُ
وطغيان الوصف المادي للمحبوبة على الوصف الخلقي إذ  لم يعد الشاعر مهتما بصفات المرأة من خلق حسن او حياء، بل كان يعتمد على الجمال. اما انواع الغزل في الشعر الأندلسي فهي الغزل الطاهر العفيف: وفي هذا النوع يقوم الشاعر بتصوير فرحة اللقاء ، إذ يقوم بوصف ما يلاقيه من مشاعر مختلفة سواء الم وغرام او عذاب، بالاضافة الى لوعة الحب، وان الشاعر لا يتطرق الى الجوانب الحسية في المحبوبة. والغزل الحسّي : وهنا
لقد أرسلت
 


تابعنا على
تصميم وتطوير