رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الصحف الثقافية .. هل أصبح حضورها هلاميا؟


المشاهدات 1276
تاريخ الإضافة 2022/05/17 - 8:50 PM
آخر تحديث 2024/04/12 - 8:33 PM

نهاد الحديثي
لعبت الصحافة الثقافية، على امتداد تاريخها، دوراً محورياً في دعم المبدعين وإتاحة الفرصة لتقييم أعمالهم ونشرها ورفد المشهد الإبداعي بعديد من المبدعين الجدد، لا سيما البعيدين عن أضواء العاصمة إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً في هذا الدور، وعلى الرغم من أن الصحافة الثقافية لم تختفِ من المشهد، لكن حضورها أضحى هُلامياً في المشهد الإبداعي.. الصحافة الثقافية تعيش أزمة حقيقية وتعاني من تراجع ملحوظ واختلال في المستوى الذي ظهر في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، كما يقول مختصون، بوقوع الصحافة الثقافية في إطار الأزمات الفرعية وتصفية الحسابات.
الصحافة الثقافية باتت في احيان كثيرة تفتقر إلى التركيز على الحياة الثقافية ومجتمع المثقفين، وتصب تركيزها على العلاقات بين المؤسسات الثقافية، وتبحث عن الفضائح داخل الأروقة الثقافية والأزمات التي تتصاعد داخل المجالس الثقافية، متناسية الإبداع الأدبي والثقافي الذي يجب أن يطيح بتلك الأزمات.
وللآسف نجد محرر صحافي أومسؤول صفحة ثقافية، لا صلة له أصلًا بالثقافة، هذا في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون الصحافة جزءا من الثقافة وتدعمها وتغذيها، إذ لا يمكن اعتبار الصحافة كياناً بعيداً عن الثقافة , ويجب رفع مستوى هذا التخصص كما كان من قبل، من توسيع إطار المفهوم الثقافي والاهتمام بالقراءة والشعر والأدب، وتغطية المجتمع الإبداعي من مثقفين وكتاب وقراء وظواهر أدبية، والخروج من عباءة تغطية أزمات الثقافة والمؤسسات الثقافية، فضلا عن تكوين كوادر إبداعية حقيقية داخل المؤسسات الصحافية.
الصحافة الثقافية يوصفها كثيرون بالمهمشة، سواء على صعيد الصحف والمجلات القائمة أو ضمن الصفحات الثقافية في صحيفة أو مجلة ما. والمؤسف فعلياً أن هذه الصفحات من السهل حاليا التخلي عنها وحذفها، فقط بسبب وجود إعلان أو مادة سياسية أو اقتصادية أو... يراد أن يتوسع بها، هذا يعكس النظرة المتدنية للثقافة بشكل عام والصحافة الثقافية بشكل خاص، وهو ما يهدد المشهد الثقافي لعدم وجود نقاد ومتابعين للمشهد الإبداعي ومتغيراته، كما أن هذا الأمر ينعكس على القارئ وطبيعة متابعته للحياة الثقافية، وهنا تنبع ضرورة ربط الصحافة الثقافية بنطاق التغطية الجيدة والتعامل معها على أنها جزء لا يتجزأ من التغطية الصحافية العامة، مع ضرورة تخصيص مساحة أكبر من التغطية والتعامل مع صحافيي الحقل الثقافي بقدر من الاهتمام والجدية، وكذا الحث على الارتباط بها أكثر، حيث إن الثقافة إحدى وسائل بناء الفكر والعقل.
الصحافة وسيط بين المؤسسات والقطاعات والمتلقين، لذا لا بد أن تكون على قدر المتغيرات والتطورات في جميع الساحات، ومنها الساحة الثقافية التي تهمشها غالبية المؤسسات الصحافية، وهذا ما يفسر تراجع المتابعة للحياة الثقافية بصورة أو بأخرى. وفي رأيي، لا بد من زيادة الوعي بأهمية هذا النوع من الصحافة المتخصصة، لأن الثقافة تمثل الوجه الآخر للمجتمع، الصحافة الثقافية تعاني من أزمات متعددة، بدءاً من المحاباة والمجاملات ووصولاً إلى التغاضي عن تغطية الأنشطة الثقافية المتنوعة، ولا سيما الشعر الذي يعاني من تراجع سواء للمتابعة أو التغطية.. إضافة إلى تركيز الاهتمام على العاصمة، وتجاهل الأقاليم التي تزخر بمبدعين يعانون من التجاهل والنسيان.
لا يقتصر دور الصحافة الثقافية، على الترويج أو التغطية للساحة الأدبية، بل من شأنها أن تعمل على رفع مستوى الوعي المجتمعي بالأدب عن طريق النقد الأدبي، الذي يشهد بدوره تواريا كبيرا في العقود الأخيرة، لاسيما مع فقد العلاقة بين الكاتب والقارئ لعدم تركيز الأخير على الأدب، أو العزوف عن القراءة بصفة عامة، خاصة مع الزيادة الرهيبة في أسعار الكتب وفي الوقت نفسه تدني الحالة الاقتصادية للمواطنين, الصحافة الثقافية ينبغي أن تستعيد مكانتها بدعم وتغطية جميع أشكال الفنون الأدبية من القصة القصيرة والرواية والشعر ومناقشة الظواهر الأدبية وتحليل المتغيرات التي تطرأ على المشهد الإبداعي بموضوعية، معتبرا أن التجاهل الحادث حاليا يبعث على إحباط الكُتاب والمبدعين.. كذلك القراءالمؤسسات الثقافية والدولة بصفة عامة، لا تهتم بالأنشطة الثقافية ولا تعطي لها مساحة وجود كافية أو حتى مخصصات مالية تحرك المياه الراكدة في مسيرة الإبداع فضلا عن الحاجة المجتمعية العامة بأهمية أن تعي الدولة قيمة دور المثقف وضرورة دعمه ودعم موقفه، بعيدا عن التهميش وتثبيط المواهب، من دون وعي أو وجه حق. 


تابعنا على
تصميم وتطوير