رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المرأة في شعر محمود درويش .. جماليات نصوص الحب


المشاهدات 1517
تاريخ الإضافة 2015/09/15 - 7:51 PM
آخر تحديث 2023/06/06 - 8:59 AM

من أرقّ شعراء العاطفة وأغناهم في تاريخ الشعر العربي الحديث يسرى الجنابي يحلل الباحث إسماعيل السعافين في كتابه “المرأة في قلب محمود درويش: جماليات نصوص الحب”، الصادر حديثا عن دار فضاءات في عمّان، ثيمة الحب في قصائد محمود درويش وكتاباته النثرية، عبر ثلاثة محاور لكل مرحلة خصائصها وظروفها وملامحها: الأولى مرحلة الشباب وجماليات قصائد “الحبّ تحت الاحتلال”، الثانية مرحلة الأوج وجماليات قصائد “الحب في المنفى”، والثالثة مرحلة التأمل: جماليات قصائد “الحب حتى الموت”. يرى السعافين في تقديمه للكتاب أن محمود درويش واحد من أرقّ شعراء العاطفة وأغناهم في تاريخ الشعر العربي الحديث، فهو -بلا منازع- شاعر القضية الفلسطينية الأول، لكنه من جهة أخرى شاعر المرأة الأول، فقد أفرد لها مساحة كبيرة في قلبه وأدبه. تبدأ المرحلة الأولى منذ انطلاقة درويش الشعرية سنة 1960 حتى خروجه من فلسطين سنة 1970، وفيها اشتعل قلبه بالحماسة والحب، وتداخلت قصائده الأولى، فكتب الشعر في المرأة والوطن قائلا “أكتب عن الحب الذي ولد في وسط قضية فيحمل ملامحها وهمومها ويصبح جزءا منها”. إن حبه للمرأة في هذه المرحلة ليس حبا مترفا، بل متأثرا بمعاناة أهله وشعبه من الاحتلال والقهر والمطاردة، لذا يدعو حبيبته إلى مقاومة الظلم يدا بيد. هو وحبيبته والوطن: الثلاثة متّحدون في روحه وجميعهم منكوبون بالاحتلال. تداخلت مستويات المشاعر وغاصت الصورة فالتبست الحبيبة بالوطن. ففي قصيدة واحدة نراه يتحدث عن حبيبته، وفي مقطع آخر منها نجد هذه الحبيبة قد تحوّلت إلى وطن، ثم تتداخل فتتحول إلى أم أو أخت، وهكذا فالحب والوطن والحرية والطبيعة كلها معانٍ تختلط بعضها ببعض، إنها ذات ملامح متشابهة، فالحدود بينها تلغى كليا. ويظهر في شعره نوع من وحدة الوجود، وذوبان الكل في واحد: “رأيتك في جبال الشوك/ راعية بلا أغنام/ مطارَدة في الأطلال/ رأيتك في مقاهي الليل خادمة/ رأيتك في خوابي الماء والقمح محطّمة،/ رأيتك في شعاع الدمع والجرحِ/ رأيتك عند باب الكهف عند النار/ معلِّقةً على حبلِ غسيلٍ ثيابَ أيتامكِ”. ويتخذ من الحبيبة رمزا للوطن، ويتصدى للغاصب المحتل الذي يحاول أن يطمس ملامح الوطن وما عليه، كما في قصيدتيه “عيونك شوكة في القلب وأعبدها” و”أحن إلى خبز أمي”. يقسم الباحث المرحلة الثانية إلى قسمين: أ- مرحلة بيروت، وتبدأ منذ التحاقه بصفوف الثورة الفلسطينية وحتى خروجه من بيروت أي من 1972-1982. ب ـ مرحلة باريس، وتبدأ بعد تشتت فصائل المقاومة الفلسطينية حتى عودة بعضها في ظل اتفاق أوسلو، أي من 1982-1994، وخلالها تنقّل درويش بين عواصم العالم، لكن باريس كانت هي المكان المحبب إلى نفسه. يجد الباحث أن مرحلتي بيروت وباريس هما أهم مراحل حياة درويش الأدبية، فقد انتشر صيته حتى صارت طبعات دواوينه تنفد من الأسواق في أيام قليلة. واتسعت تجربته وتعمقت ثقافته في العمل الوطني في بيروت بانخراطه في الخنادق الأمامية لصفوف المقاومة، فكان حضور موضوع المرأة طفيفا، ذلك أن الظرفين الموضوعي والذاتي منحا الأولوية القصوى لشعر المقاومة. ورغم ذلك فإن المرأة ظلت امتدادا رمزيا للأرض أو مكملا له، فالحنين للأم، أو الحبيبة أو الأخت يتداخل مع الحنين إلى الأرض المحتلة في قصائده الغنائية التي نضجت فنيّا إثر تطوّر وعيه وانفتاحه على الثقافات الإنسانية المعاصرة والقديمة. ويقول السعافين: المرحلة الثالثة بأنها مرحلة التأمل والحكمة والجمال، وتبدأ منذ عودة الشاعر للعيش في رام الله سنة 1994 إلى تاريخ وفاته في 10/ 08/ 2008. وهي مرحلة العودة واللاعودة، فقد عاد إلى وطنه، لكنه لم يعد إلى موطن الطفولة، والاحتلال لا يزال يدنّس شوارع المدينة وحديقة بيته، بل يدخل إلى غرفة نومه ومكتبه ويعبث بكل شيء ويدمّره. ويعطي درويش موضوع الحب أهمية خاصة في هذه المرحلة، فلا يربطه بالحال السياسية التي يعيشها، وإنما بجوّه النفسي الخاص. وقد أصدر خلالها ديوان “سرير الغربية” حيث احتلت “المرأة” لغته بعد أن كانت قبل ذلك حاضرة، وبقوة، لكنها متصلة بالصراع، ومنخرطة معه في المقاومة.

تابعنا على
تصميم وتطوير