الإرهاب بوصفه موضوعا للمسرح المعاصر
ثقافية
أضيف بواسطة zawraa
الكاتب
المشاهدات 1455
تاريخ الإضافة 2015/09/08 - 8:36 PM
آخر تحديث 2023/05/31 - 1:12 PM
عواد علي
أطلق بعض الفنانين في القرن العشرين على نفسه اسم “الإرهابي الجمالي ” مثل جان فاير، الرسام والنحات والمخرج والكاتب المسرحي والممثل الذي أطلق على نفسه اسم الإرهابي المغامر شاعر الرسم والكتابة الذي يعمل بإخلاص لتحقيق أفكاره. وذهب براين جينكنز صاحب فكرة مؤسسة “راند لبرامج بحوث الإرهاب” إلى “أن الإرهاب هو المسرح”، لكنه لا يقصد طبعا أن الفعل الإرهابي فعل جمالي، بل يشير إلى البعد الاستعراضي والأدائي والتأثيري فيه، إضافة إلى سمته التكرارية.
وفي كتابهما المشترك “الإرهاب والدراما الحديثة”، الصادر عن جامعة كولومبيا الأميركية، والمترجم إلى اللغة العربية من قبل أمين حسين الرباط بعنوان “الإرهاب والمسرح الحديث”، يختار محرراه جون أور ودراغان كليك مجموعة دراسات لعدد من الباحثين تحاول إيجاد صلات بين التاريخ الدرامي والسياسي، والكشف عن مناطق جاذبية الإرهاب بوصفه موضوعا للمسرح المعاصر.
البروفيسور دانيال جيرولد يكتب عن التاريخ الدرامي والسياسي للإرهاب، ويتناول مايكل باترسون تجارب كل من بيسكاتور وبريخت والمسرح الألماني الحديث.
وتحلل سوزان جرين هالج تجارب النساء والإرهاب في الدراما المعاصرة، ويكتب دراغان كليك عن الكاتب المسرحي اليوغسلافي دوسان جوفانوفيتش، ويدرس لادو كرالج نماذج من الإرهاب في الدراما التعبيرية الألمانية، وتركز ماري داهل على الاستجابة الدرامية لإرهاب الدولة في العالم المعاصر. أما ريتشارد بون وديفيد رابيه فيتناولان الدور المحوري الذي لعبه الإرهاب لإعادة الحيوية إلى المسرح البريطاني في سبعينيات القرن الماضي.
التعريف الذي يقدمه جون أور ودراغان كليك للإرهاب هو التعريف الشائع في الخطاب السياسي والإعلامي، أي العمل العنيف الذي يقصد إحداث تأثير عام موجه عادة ضد أفراد أو مؤسسات الدولة، أو شرائح عشوائية من السكان. وهو غالبا ما يهدف ليس إلى إيذاء ضحاياه الرئيسين فحسب، بل كل أولئك الذين يناصرونهم. ويرى المحرران أن الإرهاب وثيق الصلة بالدراما المسرحية لسببين، أولهما الطابع المسرحي العنيف والموحي بالموت الذي يحيط بالإرهاب، والذي لا بد أن يجذب المشتغلين في المسرح، وثانيهما أن الإرهاب، شأنه شأن “المعاصرة” ذاتها، صار قدر الإنسان.
من نقاط الجذب في الإرهاب الأثر الدرامي الذي يمكن أن يكون مباشرا ومثيرا للمشاعر والأصداء الواسعة في الوقت نفسه
يقول جون أور إن إحدى نقاط الجذب في الإرهاب، من وجهة نظر الكاتب المسرحي، هي الأثر الدرامي الذي يمكن أن يكون مباشرا ومثيرا للمشاعر والأصداء الواسعة في الوقت.
ويشير أور إلى أن أساليب الإرهاب ذات طابع أدائي عال، فمن أجل الأهداف السياسية يكون للإرهاب تأثير، وإن لم ينجح فلابد أن يكون نوعا من الدراما الاجتماعية. وبالتعارض مع الدراما الجمالية، التي ترتبط بالمسرحة ونقص الفعالية وقوة التأثير، ترتبط الدراما الاجتماعية بالنزعة الأدائية وهدف الحماية والتغيير وإسقاط الوضع الراهن. أما رابيه، فإنه يتناول صور الإرهاب في الدراما البريطانية في السبعينات والثمانينات بصورة عامة، ويوسع مجال المشكلة التي يثيرها برنتون في مسرحيته “الروعة”، وهي مشكلة البطل الإرهابي، ومدى تكامله مع شبكة إرهابية واسعة، أو انفصاله نهائيا عنها. ثم يحلل رابيه عددا آخر من المسرحيات، وفقا للمنظور نفسه، ليصل إلى رأي مفاده أن مفهوم الشبكة الإرهابية التخريبية الجماعي يتعارض والعظمة والسمو التقليديين للبطل الدرامي الوحيد، والانقسام الذي يقع بين العامة والخاصة نتيجة لتقاليد البطولة.