رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
القادة الإيجابيون عنصر أساسي في الأداء الامثل للأفراد والجماعات والمنظمات


المشاهدات 2070
تاريخ الإضافة 2021/05/26 - 4:58 PM
آخر تحديث 2024/03/25 - 8:34 PM

الدكتور مصطفى جعفر العيسى
استاذ  كلية الادارة والاقتصاد /جامعة بغداد

 

منذ ظهوره في  نهاية القرن الماضي ،  أثر السلوك التنظيمي بشكل كبير على عدد كبير من النماذج المفاهيمية والنظرية التي تم تطويرها في مجال سلوك الافراد العاملين .
حيث توقف السلوك  التنظيمي  تدريجياً  عن التركيز على ما يجعلنا غير سعداء وغير منتجين ، وركز بدلاً من ذلك على ما يخفف المعاناة ويزيد من سعادة الافراد العاملين  والنتائج الإيجابية.
  وفي موازاة ذلك،  تركز كليات الادارة  من خلال السلوك التنظيمي على دراسة هياكل وصيغ السلوك التنظيمي الفعال لضمان نجاح الأنظمة الاقتصادية والسياسية التي تؤدي إلى تحسين إيجابي بالاعمال الادارية  والنتائج.
   والقيادة الإيجابية هي من أهم العوامل الحيوية في السلوك  التنظيمي الإيجابي . فالقادة الإيجابيون هم عنصر أساسي في الأداء الأمثل للأفراد والجماعات والمنظمات.  وبلتالي الإزدهار للجميع بالأبعاد الإيجابية للإنسان وتعزيز التنظيمية والمهنية الرفاه والصحة، سواء على المستوى الفردي أوالجماعي.
لكن ما الذي يتطلبه الأمر لتصبح قائداً إيجابياً؟ ما الذي يجعل القيادة الايجابية مختلفة إلى حد ما عن القيادة العادية؟
ووفقا ل  (لين بيري ووتين ) و(كيم إس كاميرون )  وهم اساتذة ادارة الاعمال في جامعة ميشغان عندما قاموا  بتحليل كيفية تصور المنظمات وتنفيذها واستدامتها. و كيف تؤثر القيادة المنحرفة قياسا الى القيادة الإيجابية  على وجه التحديد من ثلاثة مكونات ضرورية:
1.التركيز على نقاط القوة والقدرات لدى الناس لتأكيد إمكاناتهم البشرية.
2.التركيز على النتائج ويسهل أعلى من متوسط الأداء الفردي والتنظيمي.
3.التركيز على مجالات مكونات العمل  التي يمكن اعتبارها فضائل أساسية لحالة الإنسان.
لقد تعمق الإطار المفاهيمي للقيادة الإيجابية في انواع  مختلفة من القادة الإيجابيين (القائد التحولي ، والقائد الخادم ، والقائد الروحي ،والقائد الأصيل ، والقائد الأخلاقي).
ومع وجود قاسم مشترك حول أولوية التشجيع والحفاظ على المستويات المثلى لأداء االمرؤوسين ، من خلال الترويج للسلوكيات الفاضلة والسليمة ،  حدد الاستاذ ( بروس أفوليو) الاكاديمي في مجال القيادة  في مدرسة فوستر لإدارة الأعمال في جامعة واشنطن  و (ويليام إل غاردنر ) مدير معهد أبحاث القيادة في جامعة تكساس التقني .  أيضًا خمسة مكونات مشتركة لجميع هذه االانواع من القيادة:
1)نظرة أخلاقية إيجابية.
2)المعرفة الذاتية للقائد .
3)النموذج الإيجابي لسلوك االمرؤوسين في المنظمة.
4)التعريف الشخصي والاجتماعي للمرؤوسين للقائد والمجموعة.
5)التبادل الاجتماعي الإيجابي بين القائد واالمرؤوسين.
وسوف نوضح للقارئ الكريم نبذة عن تلك الانواع الخمسة لتكون منطلقا للقيادة العراقية في جميع المنظمات الحكومية او منظمات الاعمال العراقية.
اولا:القيادة التحويلية ((Transformational leadership
  تم تقديم نموذج (القيادة التحويلية) لأول مرة على عكس المفهوم التقليدي( قائد المعاملات ) باعتباره النموذج الذي يصوغ تبادل المكافآت المشروط للمرؤوسين  الذين ينتجون العديد من السلوكيات المرغوبة.
 وبخلاف ذلك ، يوصف القادة التحويليون الذين يلهمون المرؤوسين  لتجاوز مصلحتهم الذاتية والذين يكونون قادرين على إحداث تأثير عميق وغير عادي على المرؤوسين و قادرون على تحفيز أتباعهم على تجاوز مصالحهم الفردية ، لتوجيه سلوكهم لتحقيق أهداف جماعية.
وفقًا (لبرنارد إم باس)  في جامعة ولاية نيويورك في بنغهامتون من خلال كتابه (Handbook of Leadership )  ، وبتأثير القائد التحويلي في  أربعة عوامل أساسية:
1)التأثير المثالي
2)الدافع الملهم
3)التحفيز الفكري
4)الاعتبار الفردي للمرؤوسين.
 لقد أدت دراسات  وكتب  (برنارد ام باس) في هذا المجال إلى تطوير استبيان  حول القيادة متعدد العوامل  المستخدم كثيرًا لفهم فعالية القادة في المنظمات. و بحوث مكثفة بناءً على الأدلة التجريبية التي تشير إلى كيفية أن السلوكيات المتعلقة بالقيادة التحويلية لها تأثير إيجابي على المتغيرات الفردية والجماعية ، مثل مشاركة الموظفين ، والتحفيز والتنفيذ الفعال للمهام وكذلك المتغيرات المتعلقة بالفعالية التنظيمية الشاملة وأداء الشركة.
ثانيا: القيادة الخادمة (Servant Leadership)
لقد (أدرك روبرت جرينليف ) أن المنظمات وكذلك الأفراد يمكن أن يكونوا قادة بالخدمة. في الواقع ، كان لديه إيمان كبير بأن القائد بالخدمة يمكن  في المنظمات أن تغير العالم.
. بهذه الطريقة ، تؤكد نظرية القيادة الخادمة على مفهوم الخدمة للآخرين والاعتراف بأن دور المنظمة هو تمكين تكوين الأفراد الذين يمكنهم المساعدة في خلق بيئة تنظيمية إيجابية.
وبناء عليه يركز  القائد بالخدمة بشكل أساسي على نمو ورفاهية الأشخاص والمجتمعات التي ينتمون إليها. بينما تتضمن القيادة التقليدية عمومًا تراكم السلطة وممارستها من قبل شخص في (قمة الهرم) ، فإن القيادة الخادمة مختلفة. يشترك القائد بالخدمة في السلطة ، ويضع احتياجات الآخرين في المقام الأول ويساعد الافراد العاملين على التطور والأداء بأعلى مستوى ممكن، فلا يمكن لخميرة القيادة أن ترفع من شأن المرؤسين إلا إذا كنا معهم ونخدمهم، لان القائد الذي يتقبل الهزيمة ويتقاضى راتبه دون الشعور بالذنب هومجرد سارق.
ثالثا :القيادة الروحية (Spiritual Leadership)
مستوحى من أفكار جرينليف الذي وضح لا تكفي فيه القيادة التقليدية لتلبية احتياجات الأفراد في البيئة التنظيمية ،  حيث حدد( جيلبرت دبليو فيرهولم)  مؤلف كتاب ( القيادة الاستثنائية)  في جامعة فرجينيا نظرية ونموذج ( القيادة الروحية ). استنادًا إلى عدد من الصفات المحددة مثل وجود أهداف حياتية محددة ، وقناعات أخلاقية عميقة الجذور ، وقدرة فكرية عالية ، ومهارات اجتماعية وتوجه فريد لتنمية القيم في الآخرين ، يتضمن هذا النموذج عناصر مرتبطة بالقدرات والاحتياجات و مصالح كل من القائد وأتباعه، وكذلك أهداف وغايات المنظمة.
رابعا : القيادة الاصيلة (Authentic Leadership)
عرّف ( أفوليو وغاردنر ) أبرز المؤلفين في هذا المجال ، القادة الاصلاء على أنهم أولئك الذين يتمتعون بقناعات أخلاقية عميقة ، والذين يستلهم سلوكهم بقوة من هذه المبادئ الأخلاقية لصالح المجموعة. مدركين تمامًا لأفكارهم وعواطفهم ومهاراتهم ونظام القيم وإدراك الآخرين ، فهم يمتلكون جرعات عالية من الثقة والتفاؤل والأمل والمرونة والقوة الأخلاقية ويتجنبون التصرف بشكل غير متسق حتى عندما يكون ذلك غير مريح المرؤوسين هم. ظهرت نظرية ونموذج القيادة الأصيلة ردًا على العديد من الأمثلة للسلوك غير الأخلاقي الذي تم تجربته في بعض المنظمات ذات الطابع السياسي او منظمات الاعمال.
وبناء عليه يتمتع القادة الاصلاء برأس مال نفسي إيجابي ومنظور أخلاقي ومعرفة ذاتية وتنظيم ذاتي للسلوك. وحيث تتميز القيادة الاصيلة  بعملية تأثير إيجابية مع سهولة التعرف على الشخصية والاجتماعية ، ونموذج السلوك الإيجابي ، والعدوى الانفعالية (Emotional Contagion)  بين المرؤوسين ، والتبادل الاجتماعي على أساس المعاملة بالمثل.
ومن خلال علاقات الوثيقة وسلمية للقادة الحقيقيين مع اتباعهم  ، يطور المرؤوسين  وعيًا ذاتيًا وتنظيمًا ذاتيًا وازدهارًا شخصيًا. وتتفاعل كل هذه االمتغيرات مما ينتج  ميزة تنافسية تنظيمية مستدامة مع نتائج نفسية إيجابية لجميع أعضاء المنظمة .
خامسا :   القيادة الأخلاقية (Ethical Leadership)
على الرغم من وجود الأبعاد الأخلاقية في (النموذج التحولي ، الخادم ،وخاصة النموذج الأصيل) للقيادة يحاول بعض اساتذة ادارة الاعمال تطوير مفهوم القيادة الأخلاقية كمتغير وبناء مستقل.
ومع ذلك وفي ظل البحث المتعمق ، تسعى القيادة الأخلاقية إلى تعزيز السلوكيات المناسبة من الناحية المعيارية ، لدى االمرؤوسين ، من خلال الإجراءات الشخصية والعلاقات الشخصية بينهم وبين القائد ، باستخدام نظام المكافآت والتواصل الشفاف.
أن القيادة الأخلاقية هي موضوع له إمكانات كبيرة للباحثين الأكاديميين. وكانت نتيجة حتمية لاخفاقات بارزة في القيادة الأخلاقية لبعض المنظمات الحكومية الكبيرة كالوزارات التربوية مثلا.
لذا تسعى المنظمات معرفة كيفية اختيار القادة الأخلاقيين وتطويرهم والاحتفاظ بهم. وتريد كليات إدارة معرفة أفضل السبل لتعليم طلابها أن يصبحوا قادة أخلاقيين، وليس فقط حاملين شهادات عليا.
  وبناء على توضيح المفاهيم الخمسة للقيادة الايجابية اقترح على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مايلي:
أ‌-استحداث ماجستير العلوم في القيادة (MSL) .
ب‌-استحداث(( مركز بحوث القيادة العراقية  في ظل الازمات)) في جامعة بغداد .
ت‌-ادخال المدراء العامين والوزراء  في معظم دوائر الدولة  بكورس مكثف و تحليل شخصياتهم  بواسطة مختبر للقيادة (The Leadership Lab)  قبل  وبعد تسلمهم مناصبهم الادارية كشرط رئيسي لتبوء تلك المناصب كما هو الحاصل الان في جميع منظمات الفيدرالية الحكومية الامريكية.
ث‌-       استحداث منهج القيادة في كليات الادارة بشكل منفصل عن مادة السلوك والنظرية والتركيز على القيادة في البيئة العراقية في كافة المراحل الجامعية.
     واخيرا أن الرجال يصنعون التاريخ وليس العكس، وفي الفترات التي لا توجد فيها قادة عراقيين أصلاء ، سوف يقف المجتمع العراقي  ساكناً  وبالعكس  يحدث التطور والازدهار  عندما يقتنص  القادة الشجعان الفرصة لتغيير الأشياء إلى الأفضل . فمهة  العظيمة  لرجل الدولة هي تطبيق الدروس السابقة على المواقف الجديدة ، لرسم المقارنات الصحيحة من اجل التغييرلهذا الوطن .
ومن يتكلم عن الجودة والاداء  فنقول له الجودة في القيادة هي بلا شك النزاهة ، و بدونها  لا يمكن تحقيق نجاح في ادارة مؤسسات الدولة  ، بغض النظر عما إذا كان ذلك موظف  في  دائرة خدمية أو لاعب كرة قدم ، أو ضابط في الجيش ، أو وزير في مكتبه ،واعتقد جازما  في اللحظة التي يسود فيها شك من قبل الموظفين  حول دوافع هذا القائد المنحرفة ، يصبح كل ما يفعله هذا القائد للاسف ملوثًا.
إن (العملة) الأكثر قيمة في أي منظمة  تنشيط  المبادرات والابداع  للمرؤوسين وغرس روح التفاؤل ، فكل قائد لديه المسؤولية الأخلاقية الجليلة لتطوير ابداع المرؤوسين ، هذه هي الأولوية القصوى للقائد، لان القيادة هي أمتياز وليست فقط درجة  وظيفية خاصة في السلم الوظيفي .


تابعنا على
تصميم وتطوير