رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المسؤولية التاريخية


المشاهدات 1001
تاريخ الإضافة 2020/11/10 - 5:12 PM
آخر تحديث 2024/11/07 - 12:48 AM

امين غانم مات بداء السل في العام 1848 بعد حياة قصيرة وبعد تسعة وستين عاماً (1917) نجحت ثورة البلاشفة، من راهن على الأدب وظل يدعو الكتّاب الروس لاسيما كتاب القصة والروائيين للعودة للواقع عبر رسالته الشهيرة (رسالة إلى غوغول) حيث تحولت كلماته لمغبة الجرائر الجسام وقد تفضي بمن يتداولها لحبل المشنقة. وبإعتقادي جاءت دعوة بيلنسكي في حدود حركة المثقف والمبدع وبالأحرى في الحيز الذي يتحتم ألا يغادره ابداً، منطقة فاصلة بين السلطة والشعب لحركة الفعل المباشر للإرادة الحرة المعبّرة عن الجماهير، وتغدو معها أدوات الفن كإحساس عميق بالمهمة التاريخية (كموقف) بغض النظر عن طبيعة النتاج الإبداعي. لقد سعى الناقد والمثقف اليساري فيساريون بيلنسكي لشحذ همة المثقف دون المساس بملكات الفن او حتى إغراءها والدفع بها لأتون معركة سياسية، وأعتبر النزعة التاريخية هي جوهر الفن وميزته لمواكبة العصر. طريقة إستنهاض بيلنسكي لطاقة الإبداع بدت لكتاب روسيا القيصرية حينها كنظرية نقدية خالصة وإن سعت لربط الفن في الحقل التاريخي المتبدّل، فالفن هو إشتغال مضني للبقاء في بقع الألم الإنساني، حالة من الذود المطلق عن الحاجة العميقة للإحساس به او بالأحرى الإلتحام به، مساحة صغيرة تحمل اعباء عصور شتى بعيدة وعديدة، يجد الفنان أسباباً ساحرة للعيش والموت على السواء، للرضى والحزن، للتصالح مع العالم والبصق بوجه العصر بكل مهادناته، لكنها تبقى مساحة خادعة ولو ظلّت تتمدد وتضيق تبعاً لتجانس الحياة القائمة مع الحقيقة المبتغاة ضمن دورات حضارية متقلّبة، وتبقى خيانة الإنسان لنفسه هي كل مايفسد الإتزان الخلّاق لإفرازات تلك المساحة. لقد نجح بلينسكي وغوغول وديستوفيسكي في إذكاء حاجة الناس للتحرر من نظام القنانة وأخفق ستالين وخورتشوف ويلسين في تحقيق الحرية بشروطها الخالية من الغبن والفساد، مثلما نجح بابلو نيرودا وإبرهام لنكولن وشوبنهاور وأخفقت كل السلطات للحفاظ على فكرة الثورة والعمل ضمن فلسفتها حتى النهاية في البدء نجاح نسبي ومايلبث ان تعقبه جرائر طغيان دائم، كولاج متنافر يقسرنا لإستيعاب الموجة والتحلّي بأحزان الأذكياء حين لايجدون ولو فسحة صغيرة للإنبراء بالمقارنة. لقد نجحت الايديولوجيا الثورية لليسار واليمين على السواء في إستلهام ملكات الفن وعبرت بأجندتها إلى الضفة الأخرى، لكن كالعادة يتحول المثقف بعدها لوسيط سمج بين السلطة الحاكمة والجماهير حين يستميت في الدفاع عن السلطات السياسية بإعتبارها الإمتداد الأمثل لشرارة البداية العظيمة، فأدب ماقبل الثورة ليس كما بعدها، فالملكات لاتنمو في الظروف الرغيدة وأن فعلت تغدو محض هراء بغيض.

تابعنا على
تصميم وتطوير