رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حكمـــت الحلــي: حــــلاق الملــــوك والباشـــــوات


المشاهدات 2115
تاريخ الإضافة 2015/08/11 - 8:38 PM
آخر تحديث 2023/06/05 - 5:34 PM

تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن أول محل للحلاقة في بغداد كان قد تأسس زمن الدولة العثمانية عندما كانت بغداد هي أحدى الولايات التابعة لها وبالتحديد في مقهى ألكمرك القريبة من المدرسة المستنصرية، ويذكر أن الحلاق أو (المزين) كان يقوم بمهام وأعمال أخرى إضافة الى مهنته الأصلية في الحلاقة، فهو طبيب المحلة وحجامها، وقيامه بمهمة ختان الأطفال ودكانه يعد أيام زمان من صفات الأحياء الشعبية البغدادية المميزة، الى جانب أطلاعه ومعرفته بالأخبار والأسرار لسكان الحي أو المحلة قبل غيره .. قبل سنوات التقيت (حكمت الحلي) من مواليد عام (1924) اي قبيل وفاته كونه كان يعد من أقدم حلاقي بغداد في محلة القديم الكائن بمنطقة الحيدر خانة في شارع الرشيد، واستذكرنا سوية جوانب أثيرة من حياته وذكرياته الجميلة عن أيام بغداد وأحداثها ومبانيها وشوارعها وناسها القدامى واستعراض صورا ومواقف مربها وعاشها في الفترة الماضية التي استغرقتها مسيرته الطويلة في مجال عمله مع عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والأدبية والفنية المعروفة قبل ما يزيد عن نصف قرن من الزمان لأنه على الرغم من تجاوزه الخامسة والثمانين عاما يومذاك كان يتواصل مع زبأنه القدامى الذين كانوا يترددون عليه بين فترة وأخرى لحلاقة رؤوسهم أو للسؤال عنه. وحين سألته عما أذا كان يحتفظ بأدوته التي كان يستخدمها ايام زمان بالحلاقة قال لي: نعم ما زلت أحتفظ بها لأنها تمثل جزءا من تأريخي مع هذه المهنة التي أفتخر وأعتز بها كثيرا وأعشقها. كما حدثني في وقتها بأنه يتشرف بكونه الحلاق الخاص للملك فيصل الثاني، وهو أيضا حلاق الأعيان والباشاوات: وكما يقول لقد حذروني بعد حلاقتي للملك فيصل والملك حسين بن طلال ملك الأردن بأن لاأبوح بهذا السر لاحد .. وقد منحتني العائلة المالكة وساما خاصا ما زلت أحتفظ به لحد الآن. وقد قمت بحلاقة شخصيات أخرى حكمت في العراق منهم نوري باشا السعيد والزعيم الراحل عبد الكريم قاسم يوم كان برتبة مقدم. ومن زبائني مطرب العراق الأول محمد القبانجي وقبل وفاة حكمت الحلي رحمه الله كنت قد مررت بالقرب من محله للسلام والسؤال عنه، فوجدته وهو يهم بلملمة بعض أغراضه وأدواته، فقال لي حين سألته عن ذلك بألم وغصة: لقد حان وقت الاعتزال الآن عن مواصلة العمل بالحلاقة وسأعود الى مدينتي التي غادرتها منذ زمن بعيد (الحلة) لأقضي ما تبقى لي من ايام العمر هناك بين أهلي ومعارفي فصحتي الآن لم تعد تعينني على العمل كالسابق. قلت له: ولكن على الرغم من كل ذلك ستبقى بغداد وأهلها يستذكرون دائما أقدم حلاقيها الذي ما زالت ذاكرته حافلة بأيامها وبعض أحداثها التي لاتنسى ...كما تمنيت وأنا أغادر محله وقتها مودعا، بأن يحظى من هم من امثال الحلي من شخوصنا التراثية وممن يحتلون مكانة كبيرة في نفوسنا، بشي من الرعاية والاهتمام، كونهم يشكلون علامات اجتماعية وفولكلورية فارقة في ذاكرتنا الثقافية الشعبية الغنية في دلالاتها ومعانيها.

تابعنا على
تصميم وتطوير