رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
(مارية وربع من الدائرة) جديد القاص البطران


المشاهدات 1007
تاريخ الإضافة 2020/05/03 - 3:14 PM
آخر تحديث 2024/03/29 - 5:49 AM

متابعات ثقافية : أصدر حسن البطران عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع بمصر المجموعة القصصية ( مارية وربع من الدائرة ) ، المجموعة تتكون من ( ٩٦ ) صفحة من القطع المتوسط وهي من جنس القصة القصيرة جداً وجاء في الإهداء ( النبض لا يدوم بعد عروج الروح إلى السماء ، لكنه في حالات ربيعية يستمر لأشخاص هم جزء منه ..! وتبقى « مارية وربع من الدائر « نبضاً باقياً لمن يثيره ويمده طاقةً كأنت يا إثارة ) .وقد قسم البطران مجموعته على عشر حزم إبداعية وكل حزمة إبداعية تحتوى على عددٍ من القصص القصيرة جداً ، يجمعها رباط خفي ومن نصوص هذه المجموعة ( لعبة الغميمة ) : تسلل إلى وكره الآخر خوفاً من كحة قد يصاب بها ، صحا من نومه وعاد إلى وكره الأول .. بعد ثلاثة أيام ، كحة وحمى وصداع حاد لصغار قطته الثانية ، ظل هو في عزلته الانفرادية أربعة عشر يوماً ..! قطته الأولى تمارس لعبة « الغميمة « مع صغارها الثلاثة ..!! . وفي نص ( طلاسم بيضاء ): يطوف حول القبر ، يتبعه آخرون ، ينظر في وجوههم ، لا يعرفهم ، يشتركون معه في الطواف ، والوضوء بينه وبينهم مختلف ، يغادرون القبر ويبقى هو يصلي ركعات ويقرأ « طلاسم» لا يعرف فلسفتها غير بني تربته . يذكر أن مناهج التعليم العام في المملكة العربية السعودية تضمنت اسم البطران كمبدع في القصة القصيرة جداً ويراهن البطران على هذا الجنس من خلال إصداراته المتعددة فيه حيث يعتبر هذا الاصدار العاشر له والذي تتميز نصوصه بالمفارقة والرمزية والدهشة والعنونات المختلفة والصادمة. لقد اتسمت معظم النصوص بحسن الاستهلال والخاتمة ، وكتبت بلغة شعرية راقية محافظا فيها الكاتب على وحدة الموضوع والشخصية من المنبع وحتى المصب. المجموعة القصصية للبطران اتخذت مسار التكثيف فابتعدت عن حالات الترهل والوعورة فوصلت الينا بانسيابية جميلة. يبدو ان المؤلف استفاد من تجارب الرواد الاوائل في كتابة القصة القصيرة الحديثة من أمثال غوغول في روسيا وموباسان في فرنسا وادجار آلن بو في أمريكا ويبدو هذا واضحا في ابتعاد قصصه عن الرخرفة اللغوية والتقريرية والخطاب المباشر حيث نجد المستملح فيها مبتعدا عن المستقبح في سياق لغته القصصية . في المجموعة القصصية ماريا والربع من الدائرة يكون الفضاء القصصي مبنيا أحيانا على التلميح دون التصريح مما أعطى المجموعة بعدا جماليا وفتح الباب أمام المتلقي لكي يجتهد في لعبة اكتشاف الانساق المضمرة للنصوص . ما يلاحظ على البطران مهارته في اختيار العنوان الذي يشكل جزء من القصة المستقاة من مرجعية ثقافية لها صلة وثيقة بثيمة القصة. تمتاز القصة القصيرة عند البطران بالعمل على الحركة الداخلية التي تجسد الانفعالات والاحاسيس، والحركة الخارجية التي تشمل البناء العام للقصة، ومن خلال الحركتيْن تنمو المفارقة داخل رحم النص وتكون الدهشة قد وصلت الى أوج توهجها دون اللجوء الى اهدار الكلمات والجمل الزائدة .بعض قصص المجموعة رسمها المؤلف وفق معمارية السرد وفق مراحلها الاساسية : البداية والسير بها الى لحظة التثوير والتنوير وصولا الى الخاتمة مستخدما بذلك فن الحذف أو ما يطلق عليه ( إجاعة اللفظ وإشباع المعنى ) مع التأكيد على الايحاء الذي يعتبر أهم خصائص هذا النوع الجنس الادبي .كما ان القصص التي حملتها المجموعة الينا امتازت بالإيقاع السريع وهذا الايقاع قد زاد من لهفة المتلقي لمعرفة الخاتمة ، وهو من الفنون الصعبة التي لا يجيدها غير الكاتب الحاذق والعارف بكتابة اسرار القصة القصيرة .

تابعنا على
تصميم وتطوير