رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عدنان عزيز.. النص غير المجنس بين الاختزال والمعنى


المشاهدات 1007
تاريخ الإضافة 2020/04/29 - 6:50 PM
آخر تحديث 2024/04/15 - 6:21 AM

صباح محسن كاظم من عتبة الإهداء ومن ثريا النص يترآى لي حجم اﻵسى المختزن الماكث بقلب ومرايا الروح للشاعر «عدنان عزيز دفار»: ((إلى الذي دفنته بين أضلعي ولدي الشهيد أكثم)).. إرتكنت النصوص غير المجنسة ال 65 في الكتاب. الصادر عن دار تموز. دمشق 2015. إلى حبر القلب، ودم القلب، المسفوح على بياض الورق، المكتوب بالوجع المغمس بأسى فقد الأبن ووأد الحلم.. وقد استخدم «الناص» بكتابه تقنيات عديدة، من خلال البنى السردية، والنسق البنائي، مستخدما النص النثري تارة، وأخرى الومضة، الأقصوصة، المتن الحكائي، مستعينا بالمجال البصري او اللقطة السينمائية لمشاهد الرعب، والقتل، والذبح، والتفخيخ البعثسلفي، من خلال دراما الحدث الفجائعي اليومي بدلالات إيقاعية مؤلمة، هذا ماكان يبغي مبدعنا «دفار» في مشغله الجمالي بالنصوص غير المجنسة تلك والتشابك السرد شعري.. وفق ابعاد الشخصية الثلاث.. 1-البعد الشكلي 2- البعد الإجتماعي 3-البعد النفسي.. أرى البعد الثالث ركز فيه بأغلب نصوصه، محطات إجرائية: نص5. اولا: القميص الأبيض ملتصقا على الرصيف يخبئ جسد ذلك الشاب..،تجمهر الناس .ثمة رجل يتأبط جريدة يتابع باهتمام المشهد احدهم طلب منه تلك الجريدة ليغطي وجه ذلك المضرج بالدم ....رفض لأنه لم يكمل قراءة صفحة الوفيات. فإستخدام لعبة المفارقة بإستمرارية الموت الذي لاحصر ولاعد له وعدم توقف الحروب لعقود وديمومة إستمراره مع اللامبالاة التي جردت المجتمع من إنسانيته، والصراع المشوب بإعتياد النفس والسلوك على مشاهد ذبح الابرياء بلا ذنب يذكر.. وتلك المشاهد المروّعة المٌرعبة المقززة التي يشمئز منها ويأنف منها السلوك الإنساني بسبب العدائية الشديدة المتمركزة بالتربية التي تغذت عليها أجيال العنف البعثي دون أدنى وازع من ضمير..؛ في الديوان الأول والثاني أجد أن نصوص «دفار» ترفع لافتات الإحتجاج والرفض على كل مستبد ومن يحمل المدية لحز الرؤوس بالسابق.. وكما تدين الوضع السياسي الراهن برمته بعد أن أصبح هدر كرامة الضحايا أمرا مألوفا وواقعا مجسدا يستأسف أن تصان كرامته بدثاره بجريدة.. نص 12ص 20 النهر يمر وسط المدينة شقي لايأبه بأحد؟ الناس ينظرون إلى النهر بسخرية ﻷنه لايطفيء عطشهم؟ النهر نحيل رثته الضفاف.. لايملك القدرة.. الى النهر الناس.. جثث تطفو؟ نص مكتنز بالمولو دراما ومأساة رمي جثث الأبرياء بالأنهار والأزقة. هنا مهارة «الناص بنصه» بجعل الزمان والمكان مفتوحا على التأويل.. فاي جسر من جسورنا نراه وعليه تسيل الدماء؟ أي نهر من أنهارنا؟ هل في جسر الا ئمة؟ أو بجسر الناصرية؟ أو بجسور الموصل والغربية؟ ولا مكان لجغرافية المذابح بسبب الإرهاب الداعشي أو رجالات الحرس القديم للدكتاتورية المقيته وحواضنهم التي تبيح قتل الجندي والشرطي والموظف...فكل جسورنا شهدت مذابحنا .. الإغتراب النفسي: في تلك النصوص تجد الإغتراب جليا بتأثير الحدث النمطي المعتاد. القتل.. التفخيخ.. الابادة.. التهجير.. استباحة الدم.. الذي لايفسح لوجودنا اﻻنساني التامل لشم عطر وردة والتغزل بانثى والشعور بجدوى وجودنا. فالحلم ضاع.. والقهر لازم حياة الفقراء.. اختزلت حيواتنا بالاغتراب والانقطاع مع الواقع المعاش المستفز بحوافز الفقد الدائم فالمثير السايكولوجي يتركز بإستدعاء ذكرى الإرتباط الأبوي بمن فقد ه، لذلك فالإغتراب النفسي هو إنفصال عن كوة الأمل بعد فقد الأحبة فلذة الكبد -الإبن- لقد إنزاحت تلك النصوص لمواطن الفقد المؤلم. وأصبحت سلطة الجغرافيا بيئة احزان الشاعر.. فوطن الخسارات والإنكسارات المدجج بالوجع المزمن يمتح من فلذات الأكباد لتعمد ساريته بدماء الشهداء فيما يتربع الفساد السياسي بكل الوزارات والمؤسسات المنهوبة.. ولتتماهى الأوجاع مع مرايا الروح لتشكل برمزيتها نصوص «عدنان»المفجوع بولده.كما في نص 61 جلس إلى المائدة تحلق أصحابه من حوله وقال لهم: ماستحدثون من بعدي؟ قال أحدهم: السقيفة.. وقال آخر: واقعة الطف.. وقال اﻷخر: الى آخر النص المؤلم. ويمرون على القبور تباعا قبرا قبرا فيبعث بهم الحياة ويمضون في طريق النور الأبدي وكان بينهم ولدي أكثم.

تابعنا على
تصميم وتطوير