
ماجد الحجامي
انتهى الحفل الغنائي الذي حضره حشد كبير من الكنديين في مبنى مركز المؤتمرات (كونفينشن سنتر) الذي يقع في مركز مدينة ( وينيبك) وكنت أحد سائقي الأجرة الذين هرعوا الى ذلك المكان لنقل الحاضرين إلى منازلهم . كان المكان مكتظا بأعداد الحاضرين الذين كانوا يتسابقون عندما تصل أحد سيارات الأجرة اليهم. انطلقت بأحدهم إلى جنوب المدينة ’ رجعت مسرعا لأحظى برحلة أخرى ,وصلت بعد قرابة ساعة لأجد المكان خال تمام إذ لاوجود لأي مخلوق سوى رجل الأمن الذي كان يقف أمام بوابة المبنى الأمامية. خرج أحد أعضاء فرقة الموسيقى قبل أن أغادر المكان يسير بعجالة إلى سيارتي، فتحت له صندوق السيارة الخلفي ليضع حقيبة كبيرة سوداء، اغلق الصندوق وبقي ماسكا طبلا صغيرا بيده، جلس في المقعد الامامي والطبل بين فخذيه، اتجهنا كما أراد غربا، سألته قائلا:
-هل تشعر بالارتياح في مقعدك أرى أن الطبل يسبب لك الضيق في جلستك.
- بالعكس يا بني لا يضايقني تماما،
- طبل جميل حقا .
- جمال الهيئة لا يعني شيئا، إنه جميل بإيقاعاته ولن تكون ايقاعاته جميلة إلا ببراعة أصابعي، قد يظن البعض أن الطبل هو أسهل آلات الموسيقى إداء لكن له عالما مختلفا عن باقي الادوات . لا يظهر جمال الموسيقى إلا إذا رافقه صوت الطبل، تصمت جميع آلات الموسيقى أحيانا حتى ينجز الطبل مهمته ثم تنطق آلاتهم بعد أن يأذن الطبل لهم بذلك . يرافقني هذا الطبل لأكثر من عشرين عاما، بفضله أسكن منزلا كبيرا ولدي سيارة فاخرة وعندي ما يكفي من المال.
- يبدوا أنك تعرف العديد من الإيقاعات هل استمعت الى الايقاعات العربية .
- بالتأكيد، ايقاعات رائعة وتعلمت العديد منها .
- ما رأيك أن اسمعك ايقاعا عربيا من العراق.
- لابأس، بكل سرور .
أسمعته أغنية لأحد المطربين من جنوب العراق وما إن سمع صوت الإيقاع الريفي حتى فتح فمه ونظر الي مندهشا ثم عاد بنظره إلى حيث يدور القرص قائلا :
- يا إلهي ماذا يفعل هذا المجنون كيف لأصابعه أن تتحرك بهذه السرعة والبراعة. ما اسم هذا المحترف ؟
- عبود بدن، يوجد ايضا إسكندر ابو القرنين وهاشم الأطرقجي وعباس الناصري وكثيرين غيرهم.
- أعترف لك بأنني لن أصل الى مهارتهم وخفة حركاتهم،
- بل أنت الأفضل سيدي .
- عجبا ! كيف حكمت بذلك وأنت لم تسمع إيقاعي بعد .
- لأنك أصبحت من الأغنياء وهم جميعا ماتوا فقراء .