ســوق الهـــرج... دعوة للاهتمام به
ثقافية
أضيف بواسطة zawraa
الكاتب
المشاهدات 1033
تاريخ الإضافة 2020/02/16 - 4:50 PM
آخر تحديث 2025/06/10 - 12:26 PM

كل شيء قد يتغير بفعل تقادم السنين الا التراث فهو باق مادامت الناس باقية وما دام الباحثون والمتتبعون يبحثون في بطون التاريخ .
نعم قد تتغير الملامح وقد تتغير الاشكال الا ان الهدف الذي انشئ من اجله يستمر باقيا لدهور طويلة.
تلك هي الحال بما نراها في سوق الهرج ان كان في بغداد او في بعض محافظات العراق .
كل من دخل سوق الهرج بمنطقة الميدان في بغداد لابد ان شاهد وسمع ذلك الصراخُ والهرج والمرج الذ هو صفة لازمت (سوق الهرج) ذلك السوق التراثي الذي يعود تاريخه الى العهد العثماني ومعنى الهرج والمرج صوت المناداة العالي والضوضاء والصخب بين البائعين والدلالين الذين يروجون لبضاعتهم و(سوق الاحمدي) هو اسمه القديم نسبة الى جامع الاحمدي الذي يقع وسط السوق تاسس سوق الهرج في عهد الدولة العثمانية وكان يحتوي على محلات بسيطة مبنية من الاجر وقد ترك على وضعه الى ان جاء احد الوزراء العثمانيين فاستهواه السوق وحاول ترميمه وزرعه بالورود والاشجار فاحبه الناس وامتدحه الشعراء اكراما لعمله هذا في سوقهم المحبة وفي عهد الملك فيصل الاول تطور هذا السوق واعيد تبليطه وتجهيزه بالماء والكهرباء وبعد عام 1958 اعيد تطور السوق من جديد وفي سوق الهرج ايضا حمامات قديمة مثل (حمام الباشا) المشيد منذ مئات السنين وكذلك قريب من السوق مرقد السيد عثمان ابن سعيد العمري السفير الاول للحجة (عج) وكذلك مسجد عثمان اللذين مازالت اثارهما ومزارهما قائمين الى يومنا هذا. تباع في هذا السوق الاسلحة القديمة مثل (السيوف) والخناجر وكذلك الدلال والساعات القديمة وبعض الحلي وكذلك محابس الفضة وغيرهما من تلك الاشياء كان قديما زبائن هذا السوق هم من المحافظات والبادية كما وتباع ايضا في هذا السوق الملابس والمسجلات وصندوق القوان وفي العهد الملكي تغيرت السلع المباعة في هذا السوق فقد تخصص جانب منه لبيع الملابس الرجالية مثل الزبون والبتة والصاية والزري والسدائر والعباءات الرجالية وفي جانب اخر من السوق كانت تباع مكائن الخياطة والساعات والراديوات والدراجات الهوائية وهناك ركن خاص لتصليح الادوات المنزلية وكذلك الخردة فروش حيث يعود اصل كلمة خردة الى اللغة الفارسية وهي تعني مواد عدد مختلفة متنوعة اي ان التخصص غير وارد في هذه الخردة فروش. اما في باب السوق كانت تقف وسائط النقل المسماة (البرشقات والربلات) لتنقل الركاب من زبائن السوق الذين جاؤوا اليه للتبضع وهم فئة خاصة من الناس فمن اراد اصلاح حاجة جاء الى ذلك السوق ومن اراد شراء جزء عاطل في لديه وجدها في سوق الهرج ومن كسر له اناء او (قوري) زجاجي جاء يصلحه بطريقة (خياطة الفرفوري) في سوق الهرج كل شيء موجود في سوق الهرج في ذلك الوقت اما اليوم فقد خبأ بريق هذا السوق المتميز وللخصوصية التي ينفرد بها عن اسواق بغداد الاخرى واليوم تجده بعد هذه الخصوصية قد اصبح سوقا عاديا حيث الباعة قليلون والمواد قليلة بعد ان كثرت المولات والاسواق الكبيرة مثل السوق العربي وسوق الشورجة وكثير من الاسواق المتميزة وعندما تسأل شخصا اصابه الافلاس في الزمن الماضي فانه كان يردد (انا على الحميد المجيد) والحميدي المجيدي هي احدى العملات القديمة التي كانت مستخدمة في العهد العثماني اضافة الى الرشيدي والبيزة ثم جاءت الربية ايام الاحتلال البريطاني للعراق والربية تعادل (75) فلسا في العهد الملكي في اواخر العشرينات وفي بداية الثلاثينيات تحولت العملة الى الفلس والدينار والدرهم الذي كان قادرا في الثلاثينات ان يعيل عائلة كاملة في يوم واحد واخيرا فان سوق الهرج ما زالت معالمه قائمة الى يومنا هذا وخاصة من الاجانب الواقع قرب مدخل شارع الرشيد وان امانة بغداد مدعوة للحفاظ على هذا المعلم التراثي لاعادة الحياة اليه باعتباره جزءا من تراث مدينة بغداد وهذه دعوة مخلصة من جريدة الزوراء الغراء للاهتمام بهذا السوق الازلي .