بانتظار الفرح القادم يا بغداد
المشاهدات 1020
تاريخ الإضافة 2019/12/25 - 6:39 PM
آخر تحديث 2025/06/30 - 8:50 PM
[caption id="attachment_103308" align="alignnone" width="300"]

أحمد الجنديل[/caption]
يا لحن الوتر السماوي وهو ينثر عطره على أرجاء الكون الفسيح.. يا لهفة العاشق الولهان وهو يرى حبيبته مثخنة بالجراح، مدلهمة بالرزايا، مكتظة بالأحزان.. يا شهقة الحكيم وهو يتلمس الخيبة في وجه مَنْ منحته الحكمة، بعدما كانت قلادة على جِيد الزمن، وسواراً في معصم الكون، وبسمة على شفاه الفرح.. يا حسرة الشاعر الولهان الذي صاغ درره وقوافيه من منجم درركِ يا سيدة العواصم، وتاج الحواضر، وحاضنة العلم والمعرفة .
أقداحنا فارغة، ومآقينا جفّت من كثرة البكاء، وأرواحنا فارغة من ألق العشق، ونظراتنا منكسرة ونحن ننظر إليكِ كئيبة خجلة من كثرة الجراح، بعدما كنتِ بحيرة لكل الأفراح والمسرات، مضيئة بكل عناصر الإشراق، مترعة بالبهجة والسناء، مبحرة دوماً صوب الشمس، سائرة نحو مرافئ العشق والعلم والازدهار.
لم يبق لنا غير صلاة الخوف نقيمها بين محرابي الكرخ والرصافة، وغير البكاء بين أحضان دجلة وهي تغفو على صدر الفرات، وغير البحث عن ذبالة فرح ملتصقة بين أزقة الحيدرخانة، أو بقايا أغنية تركها عشاقكِ على مدخل جسر الشهداء، أو حدوتة تدور على ألسنة العجائز وهنّ يستذكرن حلاوة العيش في ربوعكِ أيام كانت الدنيا تمنح الجميع الأمن والأمان والسلام .
يا حسرة العمر وهو يسير نحو نهايته دون أن يكحل عينيْه بوهج كبريائكِ، ويا لهفة الشباب وهو يغادر دون أن يرضع من صدركِ حليب الحكمة، يا سيدة الحكماء، وملهمة الشعراء، وحاضنة العلماء، وراعية الفقراء، أخبرينا يا سيدة الرواء، كيف تموت النوارس المثقلة بالفرح جوعاً في بيادركِ الغارقة بالخير؟ وكيف يغادر العشق نفوس الصبايا، وهنّ مستلقيات على شواطئك المتدفقة بكل ألوان العشق؟ وكيف تصاب أرضكِ بالجدب واليباب وبين ذراعيكِ دجلة والفرات؟ وكيف يمسخ الفرح الطفولي البهيج إلى بغض وحقد بين أبنائكِ الأوفياء؟ وكيف ينتكس الزمن المضيء ليدخل إلى الأوكار المظلمة، والدهاليز المعتمة؟ وكيف ترتد الرؤوس المتطلعة إلى غد مشرق سعيد للوراء، وتغرس بذور الفتنة والفرقة والتناحر؟ حكمة لم أستوعبها سيدتي الكريمة، ومشهد لا أستطيع فهمه ونحن نشاهدك تنثرين دموعك على أرواحنا لكي نستقبل العام الجديد بموجة من البكاء المر .
يا حاضرة الزمن المتوج بالكبرياء دعينا نفتح الباب على عالم المسرات والانتصارات ونحن نستقبل العام الجديد، كحّلي عينيك بأريج الزغاريد يا منبع الفرح السماوي المقدس، فلقد ملّت نفوسنا ألاعيب السياسة والسياسيين، أعيدي لرأسك تاج الكبرياء والمجد والشموخ، ودعينا نمارس أعيادنا ونحن نستقبل عاما جديدا سيضاف الى التاريخ .
جهزْنا عدة العيد، وأوقدْنا الشموع، وأعددْنا رقصة العيد، ونحن بانتظارك يا سيدة المدن الجميلة .
إلى اللقاء...