ابتسام الحديدي
اعشق الجبل وأنا أتحدى كبرياءه، ذات يوم خريفي قررت اقتحامه، المسافة بعيد ، انظر إلى قمته فتبدو لي قريبة واستطيع لمسها. أعياني المشي فتهالكت على الطريق ، العرق يكسو جسدي ، لساني يتقلب عطشا، ففكرت في العودة وهممت أن افعل لكن صرخة طفل شدتني ، رميت التعب ونسيت العطش ، جريت ناحية الجبل . وصلت ، اندهشت لصمود جسد طفل مشدود وثاقه إلى شجرة وكهل ينهال عليه ضربا ً ، ارتميت على الجسد الملطخ بالدم حتى أمنع عنه ضربات العصا . نزعت الشال لأمسح دموعه وأجفف الدم . حاول الكهل افتكاكه مني ثانية ليواصل مسرحيته المؤلمة مبررا ً فعلته ( لقد أضاع الشياه ، وهي مورد رزقي الوحيد ، ما العمل الآن ؟ ) .
جلس الكهل القرفصاء ينتحب . نظرت في عيني الطفل متمتمة : (هل هو أبوك ؟) فحرك رأسه نافيا، أمسكته من يده الخشنة ومن دون استئذان أخذته معي .