العراق عطر البداية ومسك الختام
المشاهدات 1012
تاريخ الإضافة 2019/10/23 - 8:25 PM
آخر تحديث 2025/05/29 - 8:08 AM

الخطابُ السياسي عندما يضعه صاحبه في خضم الصراعات والتجاذبات يأخذ صفة الخطورة البالغة عندما يفقد الكياسة والموضوعية، وقد ينتج عنه فعل شرس، أو يثير زوبعة تؤدي الى الشحن السلبي، عندها يصعب وضع الحلول، وتصبح وسائل الاعلام، التي تسوق الخطابات السياسية وسط قوة الخلافات، أكثر خطورة من أسلحة الدمار الشامل.
في العراق، وعبر السنوات العجاف التي مرت عليه، خطابات شبيهة بالبالونات الفارغة، وقريبة الى الألعاب البهلوانية التي تلامس العواطف الساذجة وتثير الدهشة، لكنها لا تحرك ساكنا باتجاه الاصلاح، ولا تدفع الفقراء الى رغيف الخبز، هدفها تأجيج الرأي العام، وكلما انتعشت سوق هذه الخطابات، وازدهرت تجارة أصحابها، تضخمت الأزمات، وانتشرت سُحب التمزق والاختلاف بين صفوف الشعب.
وفي العراق، وعبر أزماته المتلاحقة، لم نسمع يوما صوتا يطالب السياسيين باعتماد خطاب وطني واضح قائم على التراحم دون التخاصم، ومناقشة ما يحدث بروح المسؤولية بعيدا عن لغة الاتهام والتخوين، واستهداف الاشخاص.
ولأننا لسنا من أصحاب الخطابات السياسية المتشنجة والمعاقة، ولا من هواة ممارسة الفرقعات الاعلامية، وما يهمنا في كل ما نقوله هو العراق ومستقبله، وشعب العراق ومصيره، فلابد من الخروج أمام وجه الشمس، والكتابة بوضوح أمام عرش الله القادر القدير، ونتحدث بلغة نقية بعيدة عن دهاليز المصالح الشخصية، نقول :
كل الخطابات السياسية التي نسمعها كل يوم، والتي يهدف بعضها الى الاثارة والتصعيد وزرع الفتنة بين أوساط الناس، والاساءة الى هذا الطرف أو ذاك بطريقة لا تعرف الاعتدال والتهذيب، إنما هي خطابات جوفاء تعبر بوضوح عن عجز أصحابها وافلاسهم في طرح الخطاب الوطني الحريص على مصلحة الوطن والشعب، وان ما نسمعه من خطابات، ومن مختلف الأطراف، لا يضع العراق وشعب العراق في أولوياته، هي خطابات فارغة لا تستحق الالتفات إليها.
تمهلوا قليلا أيها السادة، وأنتم تنثرون ما تجود به ألسنتكم على مسامعنا، وتريثوا قليلا عندما تتقاطع تصريحاتكم بعضها مع البعض الآخر، وتأكدوا أن الكلمة مسؤولية كبيرة، والخطاب حجة على صاحبه، والتصريح مقياس للاختبار، ولغة الشتائم والطعن والاتهام هي لغة العاجزين والفاشلين، ومن يريد الخروج علينا بمظهر المحب للعراق والحريص على مصالح شعبه، عليه بالخطاب الوطني المعتدل، ويعتمد على الحوار الرصين الهادف الى خدمة الجميع، وصولا الى تحقيق المصالح الوطنية العليا.
كفانا خطابات وتصريحات تكدست بعضها على البعض، وما أشبعت جائعا، وما عادت آذاننا مفتوحة لهذا السيل الهادر من الكلام العاجز عن حفظ كرامة الشعب، ومن يريد النجاح عليه أن يقفز حاجز القول ليقف في ميدان الفعل الوطني، حيث رحمة الله، والتاريخ في انتظاره .
إلى اللقاء...