سبل مواجهة سياسة الإلهاء الرأسمالي
أراء
أضيف بواسطة zawraa
الكاتب
المشاهدات 1004
تاريخ الإضافة 2018/12/22 - 5:37 PM
آخر تحديث 2024/12/28 - 9:49 AM
[caption id="attachment_196459" align="alignnone" width="300"]
أيمن عبد الخالق[/caption]
«حياة يقودها عقلك أعظم بكثير من حياة يقودها كلام الناس» – شكسبير
من الأساليب الخطيرة التي يعتمدها النظام الرأسمالي لفرض هيمنته على الشعوب المستضعفة، هو أسلوب الإلهاء، من أجل منع الناس من التفكير المنطقي المستقل.
والإنسان العاقل يمكنه أن يفهم بسهولة طبيعة هذه الأساليب الإلهائية، والتي يمكن إرجاعها إلى أسلوبين رئيسيين:
الأول ـ إلهاء الناس بتحصيل لقمة الخبز، حيث نجد أكثر الناس، لاسيما طبقة الشباب، يلهثون في الليل والنهار وراء أرزاقهم؛ لتأمين حاجاتهم الحياتية الضرورية، ويعودون في آخر الليل إلى بيوتهم مرهقين مستهلكين، ليتناولوا مقداراً من الطعام، ليخلدوا بعدها إلى النوم، مثقلين بمعاناة اليوم، وهموم الغد، ليستأنفوا مع صباح اليوم الثاني أعمالهم المضنية.
وبطبيعة الحال، من كان هذا حاله، فأنّى له أن يجد الوقت المناسب ليفكر تفكيرا عقليا مستقلا، عن فلسفة حياته في هذا العالم.
الثاني ـ إلهاء الناس بالبرامج السخيفة، والتسالي، والألعاب التافهة، أو غير النافعة، من شتى ألوان اللهو، والفنون والرياضة، التي تشغل كل أوقات فراغهم القليلة في آخر الليل، أو في عطلة نهاية الأسبوع، أو في بعض التعطيلات الصيفية، ليحولوا بينهم، وبين الرجوع إلى أنفسهم، بالتأمل، والتفكير الفلسفي المستقل.
ويشير الفيلسوف اليساري «نعوم تشومسكى» إلى هذا الأسلوب الإلهائي في كتابه القيم «عشر استراتيجيات للسيطرة على الشعوب»، نقلا عن الوثيقة السرية المعروفة «أسلحة صامتة لحرب هادئة» التي تفضح هذه السياسات المدمرة للإنسانية «حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، ألهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها. أبقُوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا، دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى».
وهو يؤكد على اعتماد نفس السياسية، ونفس المؤامرة في إلهاء الناس عن التفكير العقلي، بالإضافة إلى بيان الغاية المقصودة لهم من كل ذلك، وهو صيرورة الناس مجرد قطيع في مزرعة، يأكل، ويشرب، وينام، ليسير بعد ذلك خلفهم بلا أي مانع أو تردد.
وهذه النظرة الازدرائية للناس، وللإنسانية، تكشفه عن أنهم يحملون أجندة شيطانية، تستهدف القضاء على الإنسانية، لإنسانيتها لا غير.
والهدف المشترك من كل هذه الأساليب الإلهائية، هو إبقاء الناس مشغولين على الدوام، ومنعهم من التفكير العقلي المستقل، الذي ربما يدعوهم إلى اكتشاف المؤامرات التي تحاك ضدهم، وإعادة حساباتهم من جديد، الأمر الذي قد يؤدي إلى التمرد على تلك القوى الشريرة، وهو ما يخشون منه دائما. ويشير «تشومسكي» أيضا في كتابه المشهور «السيطرة على الإعلام» إلى هذه السياسة الخطيرة التي يتبعها النظام الرأسمالي الليبرالي في الغرب، فيقول:
«في الواقع لديهم تصور عما يجب أن تكون عليه الديمقراطية، حيث يجب أن تكون نظاما يسمح فيه للطبقة المتخصصة بالتدرب للعمل في خدمة السادة ـ أي أولئك الذي يملكون المجتمع ـ أما بقية المجتمع فيجب حرمانه من أي صورة من صور التنظيم، لأن التنظيم يثير المشاكل، حيث يجب أن يجلسوا بمفردهم أمام شاشات التلفزيون، وأن يلقنوا رسالة مفادها، «أن القيمة الأساسية في الحياة هي أن يتوافر لديك أكبر كمية من السلع، أو أن تعيش مثل الطبقة الغنية المتوسطة(البرجوازية) التي تشاهدها».
ويضيف في موضع اخر مشيرا إلى هذه السياسة «فالقطيع الضال يعد مشكلة، وعلينا منعه من الزئير ووقع الأقدام، عليهم أن ينشغلوا بمشاهدة أفلام العنف، والجنس، أو المسلسلات القصيرة، أو مباريات الكرة... وعليك أن تجعلهم خائفين طوال الوقت، حتى لا يبدأوا في التفكير لأنه أمر جد خطير، لأنهم ليسوا مؤهلين للتفكير، ولذا فمن المهم تشتيتهم، وتهميشهم.