رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
البطالة الفكرية أخطر أنواع البطالة


المشاهدات 1010
تاريخ الإضافة 2018/12/18 - 7:59 PM
آخر تحديث 2024/12/28 - 9:49 AM

[caption id="attachment_195943" align="alignnone" width="138"]د. مصطفى عبيد دفاك  د. مصطفى عبيد دفاك[/caption] ان التكرار الاعلامي لتناول مفهوم البطالة الذي يحصر المفهوم بمجاله الاقتصادي انما هو تجنٍ على الحقيقة لأنها اخطر بكثير من غيرها، فالخواء الفكري الذي يعم البلدان الفقيرة أو غير المواكبة للنمو النشط للفكر في العالم يؤدي الى تراجع الابداع وبالتالي سيادة البطالة الفكرية التي تعني في ما تعنيه عقم الانتاج الفكري . فمثلا ثلة من الموسومين بالمثقفين سواء أكانوا طلبة او أساتذة أو ادباء أو فنانين يتناولون افكاراً قديمة دون تجديد او تحديث لمعلوماتهم ، وعدم تفاعلهم مع المعاصرة غير المخترقة للثوابت الانسانية والاخلاقية، او غياب ابداع افكار بديلة تتوافق مع تطور بنية المجتمع انما يدل هذا على بطالة فكرهم و عدم اشتغاله لما يقطع صمت الركود الابداعي . ويلاحظ في بعض المجتمعات بشكل عام والجامعات بشكل خاص عزوفاً واضحاً عن القراءة ولمختلف الاسباب، فهل هذا بعيد عن البطالة؟ في ظل غياب اي هدف لهم سوى اداء المقررات والنجاح للحصول على شهادة و ثم السعي للحصول على وظيفة مع وقف كامل لدعم و تسويق فكرة سامية أو مشروع عمل من شأنه النهوض بواقع الثقافة . ولابد ان نعرج على تأثير وسائل الاتصال المتعددة الحديثة ودورها في نشر البطالة الفكرية عند البعض حيث ان سلبية التلقي للمعلومات و عدم المناقشة او الإضافة او التصحيح توقع في شرك البطالة اضافة الى غياب بعض القيم الأخلاقية التي تسهم في استقامة المجتمع . البطالة الفكرية و الارهاب : ان الخواء الفكري الذي يتسبب به الفقر الناتج عن البطالة او الفساد في بلاد ما سيؤدي حتما الى ضياع المبادئ واتساع دائرة الفاقة الفكرية وبالتالي اللجوء لكسبٍ اسهل مقابل عدم حاجة الى ثقافة أو وعي فالحاجة العظيمة لديمومة الحياة تدفع بصاحبها الى القبول (احيانا) بترويض الفكر وتغييب الصراع بين الحق و الباطل وبين الخير و الشر انتصارا لصراعها من اجل البقاء . ان ضيق مساحة الفكر تؤدي بالتأكيد الى تسلل بعض مشجعات الكسل الفكري والتغاضي عن ضوابط الاخلاق و العلاقات الآدمية. مشفوعة بإغداق مادي يعوض تلك الحاجة التي يعيشها الفرد ستقود الى الانصياع للتجهيل الفكري والاغراق في مفاهيم عقدية او مذهبية لتصبح البطالة واحدة من الاسباب المؤدية الى امتهان الارهاب الى جانب اسباب مرتبطة بميول اخرى. غياب التخطيط ان التنسيق بين مؤسسات التعليم و بين مؤسسات التخطيط هو الامر الاكثر حسما لتضييق دائرة البطالة والفقر وتأمين الحاجة للأيدي العاملة. فمعرفة حاجات البلد للاختصاصات والمستويات التعليمية المناسبة سيؤدي الى حصر الحاجه وتأمينها، فليس من المعقول تخريج الاف المهندسين والمشاريع متوقفة او معدومة او آلاف الاطباء او الاعلاميين وبقية الاختصاصات وخاصة الانسانية منها دون تهيئة فرص عمل تحتوي كل تلك الاختصاصات ، ففي هذه الحالة ستسهم الدولة في زيادة نسبة ( البطالة المتعلمة) و هذا النوع من البطالة هو اشد خطرا واعظم فتكا. ان الدراسات الميدانية و احصاء الحاجة الحقيقية لمؤسسات الدولة من الكوادر العلمية يسهم بشكل كبير في خفض البطالة. الاعلام والبطالة: لم يعد العالم بعيدا عن بعض و لم تعد ثقافة بلد خفية على آخر ولا اقتصاد بلد مجهول للبلدان، بل لم تعد صرخة جائع في اقصى بقاع الارض عصية على السماع من الطرف البعيد للأرض ، فوسائل الاتصال الحديثة ألغت كل الفواصل والحواجز واصبح العالم مكشوفا للكل و بهذا تجاوز الاعلام مقولة ان العالم قرية صغيرة بل صار غرفة صغيرة جدرانها زجاج مرئية ومسموعة ومقروءة للكل وهذا يضاعف من مسؤولية الاعلام في مكافحة الأوبئة الانسانية الخطيرة ومن اهمها البطالة والفقر ليس بعرض المشكلة فحسب بل بوضع الحلول لها من خلال تسليط الضوء والتحليل والاستقصاء مع ذوي الاختصاص ووضع مؤشر على مكمن الخطأ ومفتاح الحل اضافة الى التوعية المستمرة ونقل التجارب للاستفادة منها. ان تعرض المتلقي – وخاصة الاطفال – لمشاهد العنف والارهاب يسهم في تحفيزهم للقيام بأعمال مماثلة لترسيخ ذلك في خزين ذاكرتهم واستعادته في سلوكياتهم للقيام بتقليدها وجعلها جزءاً من العابهم وينسحب بالتالي على طريقة معالجتهم لما يواجهون من مشاكل في حياتهم . وتأتي خطورة الاعلام في ايجاد الحلول ، عندما تصر بعض الاعمال الدرامية ذات التأثير الكبير والواسع على مختلف شرائح المجتمع ان الحل - وخاصة عندما تضيق سبل الحياة وانعدام فرص العمل - باللجوء الى الجريمة او اختراق عالم المخدرات أو الانضمام الى منظمات ارهابية تمنح مميزات مالية عالية وغالبا ما تكون معالجات الدراما هذه ساذجة حيث تكون مساحة قبول فكرة الانحراف الفكري اكبر من مساحة الرفض له و السعي لبدائل عمل اكثر شرفا وانسانية و غالبا ما تكون غير مقصودة ولكن المعالجة الخاطئة توصل رسالة خاطئة وتؤدي الى نتائج كارثية تزيح بوصلة التأثير من الايجاب الى السلب. و كثيرا ما تعمل قنوات تلفزيونية او وكالات اخبار او محطات اذاعية الى مساعدة الارهاب و العمل كوسيلة دعائية له وتقديم خدمة مجانية في نشر افكاره و نشاطاته ظناً منهم ان عرضها هو كفيل بردعهم و فضحهم امام الراي العام . ان عرض مشاهد الذبح والحرق وحجم الدمار الكبير الذي يسببه الارهاب هو اسهام في بث الرعب في قلوب الناس وترهيبهم من قوة البطش وسعة الحيلة والمقدرة العسكرية وهذه اهم اهداف الارهاب تتحقق بفضل غياب الوعي والدراية الاعلامية وغياب الدراسة وعدم الاخذ برأي ذوي الاختصاص في التعامل مع ماكنة العدو الاعلامية .

تابعنا على
تصميم وتطوير