[caption id="attachment_4177" align="alignnone" width="182"]
امين يونس كاتب عراقي[/caption]
قُلتُ لحمكو : ما لي أراكَ مهموماً يارجُل .. وكأن سُفُنك غرَقَتْ في أعالي البحار؟
- ألا تعرف مابي ؟ أنتَ وأمثالك ، لم يهدأ لكم بال ... وأكَلْتُم رأس الحكومة ، بإنتقاداتكُم اليومية ، حتى اضطَرَتْ لإجراء ما يُسّمى (إصلاحات) .
* وماذا يهمك أنت ؟ وهل أنتَ ضد الإصلاحات؟
- ياسيدي أن الإصلاحات .. ستُطَبَق على رأسي أنا العبد لله الفقير . فلقد كُنتُ مُرتاحاً، أقبض كُل شَهر راتبي بدون أن اُداوِم يوماً واحداً . لكنني تبلغْتُ مُؤخَراً بأنه عليّ أن أدوام في وحدتي اعتباراً من رأس الشَهر ، وإلاّ سأُفصَل ويُقطع راتبي .
* وماذا في ذلك يارجُل .. داوِمْ . فربما ستشعُر بعد ذلك بأن ماتقبضه من راتب ، حلال .
- بالفعل سأداوم بعد أيام .. المشكلة أنني لستُ متعوداً على النهوض مُبكِراً ولا الالتزام اليومي لساعاتٍ طويلة .. ولكن ما العمل ؟ أنا مُضطَر .
* وماذا ستفعل ؟ هل ستُدرب الجنود على اليسار واليمين والقِفْ والدُر ؟ أنتَ نفسك لا تعرف المشي باستقامة ! . أم رُبما ستُعلمهم كيف يُفككون البندقية إلى أجزاء وتنظيفها ثم تركيبها من جديد ؟
- عُدتَ إلى إسلوبك الساخِر المُزعِج ... يا أخي ، سوف أمارس عملاً كتابياً في الذاتية بعيداً عن التدريب والسلاح . ولكن ألا ترى بأنني سوف اُحْرَج .. فكيف وأنا في هذا العمر وأحمل رُتبة جيدة ، أقوم فقط بأعمال كتابية بسيطة مثل أي مُنتسبٍ مُستجِد صغير ؟
* وهل ذلك مدعاةٌ للإحراج أيها الغشيم ... فعلى الأقل أنت خريج وتجيد الكتابة وربما تصبح مسؤولاً على المنتسبين الشُبان في الذاتية . أما رتبتك التي تُسميها «جيدة» فهنالك مَنْ يحملون نفس رُتبتك ويعملون طباخين وحتى جايجية ! .. ألا تعرف ذلك ؟
- لا اُصّدِق ذلك .
* بلى يا حمكو صّدِق ... وهنالك أيضاً بُستانيين وبرادين وميكانيكيين ومضمدين ... إلخ ، لهم رُتب ضُباط . ومن المُحتمَل أن تُجرى عملية غَربلة لهؤلاء ويُجّرَد الذين لا يحملون مُؤهلات ، من رُتبهم . وهذا جزء من عملية الإصلاح العتيدة .
على أية حال .. على الأرجح ان ذلك لن يشملك.
( ثُم وانسياقاً مع رغبتي الجارِفة في إرباكهِ وإزعاجهِ ) :
* لكني سمعتُ بأنّ المرحلة الثانية من عملية الإصلاح ، تتضمن استرجاع كُل الرواتب التي اُعطِيَت للذين لم يكونوا يُداومون فعلياً ... ومن الطبيعي ، أنك مشمولٌ بذلك . إذن عليك أن تُعيد للحكومة كُل الرواتب التي استلمْتَها طيلة الفترة الماضية ! .
بَدَتْ على حمكو علامات الغضب والاستياء:
- ماذا ؟ مِنْ أين سمعتَ بهذهِ التخاريف؟ ثُم ان الحكومة تعرف حَق المعرفة بأنني لا أملك شيئاً ، فلقد كُنتُ أصرف راتبي كله الذي كان بالكاد يكفيني . فكيف اُعيد هذه الأموال ومِنْ أين ؟
* سمعتُ أيضاً ، بأن الحكومة فكرتْ في إيجاد حلولٍ لِمثل حالتك : إذ سيقسطون المبلغ المطلوب ، ويستقطعون جزءاً من راتبك شهرياً ، تعويضاً عن المدة التي لم تُداوِم فيها. إذن عليك أن تستعدل ياسيد حمكو وتصبح «خوش وَلَد»، وتُداوِم حسب الأصول أولاً ، وترضى بالاستقطاع الشهري ثانياً ، وتُنّظِم حياتك بحيث يكفيك نصف الراتب ثالثاً ! .
يبدو أن كلامي لم يُعجب حمكو .. لأنهُ غادرَ حتى من دون سلام .