عندما يختلط الحابل بالنابل
المشاهدات 1019
تاريخ الإضافة 2018/12/03 - 6:29 PM
آخر تحديث 2025/05/01 - 6:58 PM
[caption id="attachment_157737" align="alignnone" width="277"]

احمد الجنديل[/caption]
يمكن تسمية العصر الذي نحن فيه بعصر التهديدات ، عصر التحديات والخطابات النارية ، فأينما يممت وجهك تجد مشهد العنف يلوّح لك بلسانه ، وكلما فتحت أذنيك واجهتك أصوات الرصاص ، وعندما تنظر من منافذ الأحداث لتطلّ على هذا العالم تجد الجميع يتسابق في صنع الاسلحة وتصديرها تحت ذريعة الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار .
في هذا العالم بدأت مظاهر الفرح تندحر بفعل هيمنة الدول الكبرى والتحالفات الكبرى للهيمنة على مقدرات الشعوب الضعيفة ، الجميع يتحدث عن الحرب والسلام ، ومن أجل أن ترتفع راية السلام فلابد من الحرب الشاملة التي تنجب لنا عالما قائما على الرخاء والعدل .
في هذا العالم المزدحم بكل الأفكار المتناقضة تذكرت قصة قرأتها للقاص الروسي الساخر ميخائيل زادورنوف بعنوان ( بيت مجانين الكون ) يقول فيها :
( لقد اختلط الحابل بالنابل في بيتنا – الأرض وكل شيء تداخل وتشابك وتشوش . الحرب أصبحت تدعى عملية احلال السلام ، والعسكريون صانعو السلام يطلقون النار سلميا ، ويقتلون سلميا، لديهم دبابات سلمية ، وقنابل ذرية سلمية ، وفي صراعهم من أجل السلام قلب صانعو السلام عدة بلدان رأسا على عقب ).
كل الدول الكبرى التي ترفع شعارات الديمقراطية والسلام تصدّر الموت الى الشعوب الضعيفة وتجبرها على تناوله لكي تعم الديمقراطية وينتصر السلام وتزدهر الحياة . وكل الحكومات التي ترتجف خوفا من بطش الاقوياء تمارس الركوع والسجود وتجبر شعوبها على ممارسة لعبة الدم ارضاء لأسيادهم لكي تكون راية السلام غارقة في بحر الدم ,والشعارات براقة بدموع الضعفاء ممن لا حول لهم ولا قوة فيما يحدث على هذه الارض المنكوبة بأعاصير التهديد والوعيد .
يتحرك العسكريون مدججين بكل صنوف الاسلحة الفتاكة ,وتقلع الطائرات حاملة معها اشكال الدمار وتتبختر الدبابات محشوة بالموت الزؤام تقذف حممها لتحرق الاخضر واليابس وسط اهازيج المنشدين الذين يتحدثون عن مبادئ السلام وارساء دعائم الديمقراطية .
رغم وضوح اللعبة وما افرزت من كوارث واهوال وويلات الّا ان القوة العظمى راعية السلام والديمقراطية والحرية لازالت سعيدة بممارستها ,وهي تطلق زغاريدها كلما اتسع بحر الدم وازداد حجم الفجيعة وتصاعدت نسبة الفوضى العارمة .
قاموا بتصدير الموت من اجل حياة هانئة سعيدة ,واجتهدوا في اشاعة ثقافة الظلام لكي تكون الحياة مضيئة ,وتفننوا في تسويق الظلم لكي تتمتع الشعوب بالعدل والمساواة .
نحتاج الى قلم ساخر ينقل لنا ما يدور في هذا العالم الطافح على مستنقع التناقضات ونحتاج الى ريشة ترسم لنا الدبابات والطائرات والصواريخ التي تنثر على رؤوسنا عطر المحبة والوئام والصفاء والنقاء ,ونحتاج الى لسان ذرب يقدم الشكر والعرفان لأسيادنا الكبار ، ولا حول ولا قوة الا بالله .
الى اللقاء .