[caption id="attachment_157737" align="alignnone" width="277"]

احمد الجنديل[/caption]
أتذكر قولاً سمعته يوما من أستاذي الراحل حنا مينه مفاده أن أكبر الجوائز لا تخلق ابداعا وأكبر الألقاب لا ينتج أديبا ، ويحضرني قول الكاتب الساخر برناردشو الذي حصل على جائزة نوبل للآداب والذي رفض قيمتها المالية : ( هذه الجائزة أشبه بطوق نجاة يلقى به الى شخص وصل بر الأمان ، ولم يعد هناك خوف عليه من الخطر) ويضيف : ( اني أكتب لمن يقرأ لا لأنال جائزة ) .
لا أحد ينكر فائدة الجائزة لأديب يخوض غمار التجربة الابداعية بنجاح أو مبدع وصل بر الأمان ، ولا أحد يستطيع القول بأن الجائزة لا تدفع الكاتب الى مناطق الشهرة وتجعله داخل دائرة الضوء ، ولكننا نقف بحيْرة أمام كثرة القنوات المانحة لهذه الجوائز والتي لا تتوفر لبعضها أبسط عوامل الكفاءة والنجاح ، جمعيات صغيرة وتجمعات لأفراد ووكالات غير معروفة ومنظمات لم يسمع بها أحد وأسماء مغمورة جميعها تعلن عن مسابقات أدبية هنا او هناك ، وهواة لم يستطيعوا بعد فك طلاسم الحروف ولم يقتربوا يوما الى الابداع يهرولون وراءها ، واذا ما فاز أحدهم بالجائزة البائسة بدأ ينشر اسمه على حبال الشهرة ويلوح براية النصر المؤزر معتقدا انه وصل الى درجة الكمال وعلى الجميع الانحناء له ولإبداعه ، وتبدأ لعبة الوهم تفرز لعابها بين الفائز والجهة التي منحته الفوز وتتمخض هذه اللعبة عن شهادة تقديرية من الكارتون تبرهن على غش اللاعبين .
من البديهي أن ثمة صبغة سياسية لبعض الجوائز العالمية المعروفة تمنح لأدباء المعارضة والموالاة لهذا النظام أو ذاك ، ولا نريد عرض الأمثلة على صحة ما نذهب اليه ، فالروائي الروسي (ليو تولستوي) أحد عمالقة الأدب العالمي والذي تعتبر روايته (الحرب والسلام) أحد أفضل انجازات الابداع وحصلت على المرتبة الأولى كأفضل ( 100 ) كتاب من قبل مجلة نيوز ويك عام 2009 لم يحصل على جائزة نوبل للآداب ، وهذه الحالة ممكن القياس عليها بالنسبة للكاتبة الانكليزية ( فير جينا وولف ) اذا ما قورنت بالنساء الحاصلات على جائزة نوبل أمثال ( سيجريد دليدا ) و ( أليس مونرو ) وغيرهما، وكذلك الكاتب الارجنتيني ( خورخي لويس ) والكاتب الايرلندي ( جيمس جويس ) صاحب رواية ( يقظة فينبجان ) والروائي الفرنسي ( مارسيل بروت ) صاحب رواية (البحث في الزمن المفقود) والقائمة تطول ، في الوقت الذي منحت فيه جائزة نوبل للآداب الى السياسي ( ونستون تشرشل ) رغم انه لم يكتب سوى رواية واحدة في شبابه لا تستحق هذه الجائزة باعتقاد أغلب النقاد .
هذا ما يتعلق بجائزة نوبل فكيف هو الحال مع الجوائز الأخرى ؟ .
يسعدنا فوز أحد الأدباء العرب بجائزة من جهة تتوفر فيها عوامل النجاح والابداع ، ونفتخر بكل اديب وصل الى بر الامان وهو ممتلئ بقيم النجاح والتألق ، ويبقى النجاح حليف المبدعين سواء تقدمت الجائزة اليه أو انحرفت عن مساره .
الى اللقاء .