رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الرحيل والمنفى في رواية (شموس الغجر)


المشاهدات 1139
تاريخ الإضافة 2018/11/14 - 4:46 PM
آخر تحديث 2024/05/06 - 8:23 AM

الزوراء / خاص /د. عبد الله محمود الرحيل والمنفى هما القطبان الموضوعيان المهيمنان على سجايا السرد في رواية ( شموس الغجر ) للروائي السوري حيدر حيدر. تروي لنا شموس الغجر حكاية طفلة اسمها (راوية) تولد في بقعة من بقاع الشرق ، لأب اسمه (بدر نهبان) ينحر من اصول ارستقراطية تضطره سلطة الاب الغاشم الى الرحيل بصحبة امه ( دربة نبهان ) وأن يستقر في بيروت ، حيث يتفتح وعيه على الحرب الاهلية، وتتغير نظرته للأشياء والعالم، وإثر انتقاله الى مزرعة في الريف اللبناني يعمل على تكوين اسرة يحاول أن يبث فيها من روح مبادئه التنويرية وفكره التحرري ، الى أن يعتقل ذات يوم، ويمضي بضعة أيام في المعتقل ، عندها يصير شخصا آخر ، منكسرا ، مرتدا عن كل مبادئه، ويسعى للتكفير عن تاريخه للانخراط في احدى التنظيمات الاصولية . تلك هي الحبكة الرئيسة التي تمتد تفاصيلها عبر تفريعات سردية عديدة في الرواية ، تتصل بشخصيات المحيط الأسري لـ (راوية) وتطوراتها الدرامية ، ويمكن تصنيف هذا الشخصيات بمنطق التمرد والارتداد الى نوعيتين مركزيتين : نوعية أولى تشمل (بيسان) و (ساجي) (الأخوين الصغيرين) و (دربة نبهان) الجدة وقد طبعتها روح البراءة الفطرية على نحو كفل التوازن لوظائف الساردة في صراعها مع محيطها الذكوري المشدود الى الماضي . ونوعية ثانية : تشمل الأب المرتد ( بدر ) والملازم (نذير) اللذين شكلا امتدادا لا واعيا لسلطة ( الأغا سعيد نبهان ) البطركية . وبقدر ما ينقسم المحيط الأسري الى نواتين تكرس أحدهما الاختلال ، وتكفل الأخرى التوازن ، يتوزع المحيط الانساني العام بين نوعية تذكي جذوة المقاومة : وقد شملت أصدقاء الجامعة ، وشخصية ( ماجد زهوان ) الفلسطيني رفيق المنافي النائية ، ونوعية تكرس التراجع : وتبدو في معظمها غير معينة ، ومكتنفة بالغموض ، وقد تمثلت أساسا في أفراد التنظيم الأصولي . والحقيقة ان رواية ( شموس الغجر ) ستمثل ـ برغم كل تقاطعاتها وتداخلاتها الدرامية تلك ـ نسيجا بليغا من الصور الروائية ، المتجانسة أشد التجانس ـ في تمفصلها السياقي الموحي بحدة الانفصام الذي طبع جيلا بكامله ، ومرحلة برمتها، أهم ما يميزهما ضياع الذاكرة وفقدان القدرة على الاستشراف واعاقة الطموح : تقول الساردة : ( لابد انها حكاية غريبة ، ومفجعة في آن ، هذه الحكاية التي أرويها عنا وفي هذا الزمن ) على هذا النحو تفتتح الرواية ، لتهجس بعنف التحول الذي يركب مصائر الشخصيات ، والفضاءات ، والأزمنة المسكونة بالتوتر والدينامية ، تحولٌ ينبع من أعماق الذات التمثيلية للوعي الجمعي في سفرها النقدي عبر ذاكرة الأسطورة والتاريخ والمحكي اليومي .

تابعنا على
تصميم وتطوير