رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الرابحون يستحوذون على السوق كله...!


المشاهدات 1008
تاريخ الإضافة 2018/11/11 - 4:56 PM
آخر تحديث 2025/04/23 - 3:06 PM

[caption id="attachment_179474" align="alignnone" width="246"]مظهر محمد صالح مظهر محمد صالح[/caption] تقترب العبارة في اعلاه من العنوان الذي اعتمده استاذ الاقتصاد والادارة الشهير في جامعة كورنيل في الولايات المتحدة روبرت فرانك في كتابه الذي نشره في العام 1995 مع زميل له والموسوم : الرابحون يستحوذون على (المجتمع ) كله والذي اكد فيه بان قلة من الشعب الامريكي ممن يقطن في محيط بشري لا يتعدى 1 بالمئة من سكان الولايات المتحدة يستحوذ لوحده على نسبة تزيد على 40 بالمئة من اجمالي نمو الدخل السنوي في الولايات المتحدة. واللافت ان نسبة ضئيلة جداً من بين اولئك المحظوظين من اصحاب المهارات و المواهب سواء في سوق الرياضة او في سوق الموسيقى والغناء او اسواق السينما و النشر، يتمكنون من الاستحواذ على ايرادات ضخمة تدرها تلك الاسواق سنوياً مقارنة بمتوسط ايراد السوق كله.ويعود السبب في ذلك الى ان جمهور المستهلكين والشركات هم من يبحث عن تلك المهارات ليجعلها قوى رابحة تستحوذ على السوق بشكل متسارع. فالاختلافات في المواهب او المهارات او الشهرة، وان كانت قليلة فإنها تؤدي لا محالة الى عوائد دخل سنوية كبيرة والى تراكم في الثروات بصورة هائلة مقارنة بالمنافسين الاخرين و على نحو لا يصدق!. وتفسر العولمة اليوم جانبا مهما من ظاهرة الاستحواذ تلك بسبب ثورة الاتصالات بين مناطق العالم واسواقه الناجمة عن التطور الهائل في انظمة تكنولوجيا المعلومات.ففي العام 2007 احدث لاعب الكرة البريطاني ديفيد بيكهام موجة كبيرة عندما تداولت وسائل الاعلام تخلي ذلك اللاعب عن نادي مدريد الملكي لكرة القدم لقاء توقيع عقد مع نادي لوس انجلس كالكسي الامريكي بمبلغ 250 مليون دولار لمدة خمسة اعوام.ولا يخفى على الجميع ملكة الغناء الشعبي الكندية شانيا توين قد حصلت على عشرات الملايين من الدولارات من بيعها ملايين الاقراص المدمجة في سوق الغناء عبر العالم. ولكن يبقى التساؤل، هل ان ضربة الجزاء التي يؤديها ديفيد بيكهام والتي ربما لا تخطئ الهدف كما يقال تستحق مبلغ 50 مليون دولار سنوياً؟ وهل ان ما يدفع لذلك اللاعب هو ذو قيمة اجتماعية حقاً؟ هنا يجيب فرانك في كتابه بالنفي! ولكن يقول ان تحقيق مدخولات خيالية على غرار بيكهام او غيره ستدفع الناس في البحث عن اختيار فرص عمل مخطوءة. فبدلا من ان يقدموا الطلاب على تعلم علم الرياضيات فانهم يضيعون اوقاتهم بالتدريب على مهارات رياضية هم ليسوا قادرين بدنيا عليها!. والنتيجة ان الاسواق الحرة قد تؤدي بسبب دافع الربح الى ضياع المهارات التي يمكن ان تكون نافعة في مجالات اُخرى. ولكن يبقى التساؤل: ما هو السر في دفع كل تلك المبالغ العالية لتلك المهارة من الاداء؟ ياتي الجواب من المدرسة النمساوية في الاقتصاد وبالاخص من العالم( كارل مانجر) في كتابه مبادئ علم الاقتصاد 1871. ففي حواره مع آدم سمث حول الفرق بين منفعة قدح الماء وقطعة من الماس عند تناول موضوع قيمة الاشياء. ينتهي (كارل مانجر) الى مسألة الحد margin وهو الذي يخفي كل هذه الحقيقة الجدلية! ولكن كيف؟.. تصور انك في الصحراء وانك في عطش شديد هل انت مستعد ان تعطي قطعة الماس التي في جعبتك لقاء ذلك القدح الاول او(الحد الاول)؟ الجواب نعم انها منفعة القدح الاول من الماء!. ختاما ستبقى ركلة ديفيد بيكهام في شباك كرة القدم مثلها مثل منفعة القدح الاول من الماء في الصحراء وليس القدح الثالث او الرابع. فقيمة الاشياء هي مسالة ذاتية تحددها الندرة وهو ما يطلق عليه في علم الاقتصاد بالثورة الحدية! ومع ذلك يبقى العمل المنتج هو مصدر القيمة واساسها.

تابعنا على
تصميم وتطوير