الإعلام الرياضي ولغة الشارع
المشاهدات 1002
تاريخ الإضافة 2018/10/06 - 6:35 PM
آخر تحديث 2024/11/19 - 1:08 AM
[caption id="attachment_128210" align="alignnone" width="300"]
د. موفق عبد الوهاب[/caption]
نعي ونعلم جيداً أن الوسائل الإعلامية المتعددة تتطلب تعدداً في مستويات اللغة، وعلمياً قد يتطلب الأمر الحاجة إلى خبراء ودراسات كثيرة لفهم الفروقات بين المكتوب والمرئي المسموع، لذا ليس معقولاً أن ننادي بإلقاء رداء الأدب على لغة الإعلام الإذاعي والتلفازي، كون لغتهما تتمتعان بالخصوصية، وهي لغة وسطى موجهة للعامة وكافة الناس، بالتالي لا يمكن تعميم لغة الأدب على الجميع. وما ينفع في الصحافة المكتوبة لا ينفع في الكتابة للسينما والتلفاز والراديو، من جانب اخر نؤكد بأن أساس العمل الإعلامي قوة النص والثراء اللغوي، فالقلم، وقوة النص، وسلامة اللغة، وسعة الثقافة، هي ما يُميز الإعلامي الحقيقي عن غيره، وما يلي ذلك يرتبط بطبيعة عمله في مؤسسته، فالإذاعة تتطلب صوتاً رخيماً وإتقاناً لمخارج الحروف، والتلفاز يتطلب فضلاً عمَا سبق ذكره أخرة الكاريزما وحسن المظهر.
السطور أعلاه مقدمة وإستهلالية لا بد منها قبل الحديث عن موضوع وظاهرة غاية في الأهمية شاعت وسادت خلال المدة القليلة الماضية لا سيما في الإعلام المرئي والبرامج الرياضية الحوارية، إذ بات الصوت العالي وتدني لغة الحوار والألفاظ غير اللائقة سمة مميزة لأغلبها عَكَسَت مدى إنحدار الثقافة السائدة في الوسطين الرياضي والإعلامي بفعل الطارئين عليهما، والأدهى من ذلك هو تشابه هذه البرامج في طريقة الطرح، وإسلوب التقديم، والمواضيع التي تطرحها، لذا يتوجب وضع قيود قانونية تضع حداً للأدب والثقافة الإعلامية، فالبعض من الواضح أنه فهم حرية الإعلام بمفهوم خاطيء وسار على مبدأ “الجمهور عايز كده” وسمح لنفسه بإفساد ذائقة المشاهد المثقف والمختص عبر إستضافته لشخوص تفتقر لمقومات اللياقة والأدب ولغة الحوار جعلونا نفقد الثقة بالإعلام الحر ونقرأ عليه السلام أحياناً، ودفع البعض إلى اليأس والقنوط لا سيما عند التعامل مع الأحداث الرياضية الساخنة.
إن الإعلام الرياضي الجديد من الممكن أن نطلق عليه الإعلام الشعبي كونه يضم أناساً لا يتمتعون بمستوى علمي وثقافي رصين ومكانتهم الإجتماعية بسيطة وضعيفة جداً، يتأثرون بما مكتوب في وسائل التواصل الإجتماعي، وبعضهم لا يسلط الضوء سوى على السلبيات والعثرات والمشاكل والهموم الموجودة في الوسط الرياضي ويوجهون رسالتهم بلغة الشارع السلسلة والمقبولة بشكل عام في الوقت الذي تتطلب فيه لغة إعلامية وسطى لا تنزل لمستوى الشارع ولا ترتفع لمستوى الفرزدق وجرير، وبعضهم لا يستطيع إحتواء الأزمة والتوجيه السيلم لأجل تخطي العقبات التي تواجهها رياضتنا اليوم، وتغيب عنهم الموضوعية ولا يستطيعون تحويل مسار الأفكار إلى الطريق الإيجابي بما يخدم مجتمع الشباب والرياضة. أما أغلبهم وبكل أسف فإنهم يختصرون رياضتنا بكرة القدم فقط، في الوقت الذي يُعد الإعلام عين صادقة على الجميع تنظر إلى هذا الجانب كما تنظر إلى الجانب الآخر، وكا ما سبق ذكره في السطور أعلاه ليس تشاؤماً بل واقع حال فرضته علينا ظروف البلد عقب عام 2003.