رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
تجليات الإنساني والعاطفي في ديوان (لا حياة بدونك) للشاعرة سعاد محمد الناصر


المشاهدات 1247
تاريخ الإضافة 2018/09/25 - 5:38 PM
آخر تحديث 2025/02/03 - 4:56 PM

[caption id="attachment_183860" align="alignnone" width="211"]تجليات الإنساني والعاطفي في ديوان  (لا حياة بدونك) للشاعرة سعاد محمد الناصر تجليات الإنساني والعاطفي في ديوان
(لا حياة بدونك) للشاعرة سعاد محمد الناصر[/caption] الزوراء / خاص عبد المجيد بَطالي “لا حياة بدونك” عنوان ديوان الشاعرة سعاد محمد الناصر، عتبة خطابه توحي منذ الإشارة الأولى إلى ما يتعلق بحياة الشاعرة عاطفيا من حيث الأحاسيس والمشاعر والوجدان عموما سواء تعلق الأمر بالذات أو بالحبيب أو بالوطن ... جملة العنوان تركيبيا رغم بساطتها فهي تدعو المتلقي إلى التأمل وتستقطب القارئ إلى معرفة ما خلف العتبة من عوالم التجربة الشعرية والعاطفية للشاعرة... وإذا تأملنا في هذه الجملة “لا حياة بدونك” فإننا نجد الشاعرة قد نفت لفظة (حياة) نفيا صريحا لا احتمال معه لغيره عموما باختيارها تركيبيا ودلاليا الأداة (لا) النافية للجنس، ولها هنا دلالة الاستغراق والشمول الذي يفيد كل حياة، وكأنها تريد القول أنه: لا حياة كائنة بغير وجودك، إذ تتوقف كينونة ووجود ذات الشاعرة على كينونة ووجود الآخر المتعدد الذي يتمظهر في: الأب/ الابن/ الحبيب/ الوطن... تسبل الحياة العاطفية الجياشة بردائها الحريري على عتبات القصائد المبثوثة في الديوان، فتنسج من الكلمات العذبة نسقية موحدة تطرزها خيوط المعاني والدلالات العميقة التي تلامس الذات الإنسانية وتحفر في القضايا الاجتماعية والهواجس النفسية... كما تحيل على ذلك العلامات التي تتقلد بها عتبات النصوص التالية على سبيل المثال: (ذكريات/ وعاد الحب/ لأني امرأة/ حدثوني/ ما أجملك/ لنبحر معا/ وتدور الأيام/ شقيق الروح/ ضاعت وسادة أيامي/ ميت ينتحب/ أمسيات/ حنين/ رحيل القمر/ نبض قلبي/ خريف العمر/ أنا معك/ رفقا بقلبي/ نبع الحنان/ رحلت أمي...) والقائمة طويلة يمكن الرجوع إليها من خلال الديوان... باقة أزهار من النصوص مختلفٌ ألوانها، تكشف للمتلقي عن مسار الكتابة الإبداعية عند المبدعة “سعاد محمد الناصر” والتي تنضد وتولّف بين حروفها وكلماتها بسلاسة وانسجام، دون تكلّف للإتيان بالصور المعبرة عن المواقف الإنسانية والعاطفية... لغة شاعرية فيّاضة بمعاني الحب في شتى مظاهره، ومعاني الأمل في أبهى تجلّياته... خطّت أناملها ذلك بأسلوب تميز بالسهولة والوضوح، ولفظ تميز بالجزالة والعذوبة... مما يجعل المتلقي ينجذب إلى قراءة نصوصها تترى، دون توقف حتى النهاية... حين يتصفح المتلقي نصوص ديوان “لا حياة بدونك”... يحس بقوة ما تعكسه النصوص من أحاسيس ومشاعر غامرة عبّرت بعمق عن عالمين متناقضين من الحياة الإنسانية في شموليتها وهو شيء طبيعي جدا حيث لا حياة للإنسان بدون هذه المتناقضات (الحب =/= الكره)، (اللقاء =/= الفراق) (البكاء =/الفرح) ... إلى غير ذلك... تناقضات عبّرت عنها نصوص ديوان الشاعرة سعاد محمد الناصر، فترجمت من خلالها خلجات النفس، وصورت لحظات مشاعر الوجدان الهائجة تارة والهادئة تارة أخرى.. كما غاصت في أعماق النفس البشرية، فشخصت بعض تجلياتها في الحياة الإنسانية والعلاقات الاجتماعية وفي الأغوار النفسية والعاطفية... تصور الشاعرة في نص (ذكريات): لحظات من الزمن النفسي المشحون بالكثير من المعاناة... لكنها تظل مرابطة تحتفظ بالأشياء الجميلة التي تضيء بها مسار الحياة رغم قساوتها... تقول الشاعرة: “أشياؤنا الصغيرة شمعة نصف منتهية عاشت معنا لحظات حلوة عود كبريت أشعلنا به لفافه ..... إلى أن تقول: أشياؤك حبيبي أكثر من أن تلملم لن أسلمها لأنياب النسيان لن أدخل في ضبابة بيضاء كثيفة .......... سأحتفظ بأشيائنا كي لا يصيبها أذى حبيبي إن احترقت كتبنا وأشياؤنا سأحفر اسمك على الألواح النارية كي لا تؤذيه النار.” أليس هذا تحديا جليّا، وتجلّدا باديا من أجل الحب للآخر في صوره المتعددة؟: الحبيب/ الوطن/ التاريخ/... ألا تحمل الكتابة الإبداعية عند سعاد محمد الناصر رسالة الأدب الإنساني الذي يسعى إلى الدفع بعجلة التنوير الكوني بقيم الحب والجمال والخير، وقيم المواطنة والدود على صرح كينونة العروبة وأمجادها... وما أروع أن تقرأ هذه الأسطر من النص (أمنيات) لتتضح لك مساحة الحب لدى المبدعة سعاد أكبر وأشسع من أن تضيق بأحد.. “كلما قيدتني أحبك أكثر وكلما ضاق بي الزمان أحبك أكثر وأكثر ألا تعلم أن حياتي معك مسك وعنبر” إحساس عميق بقيمة الحب في حياة الإنسان وترجمة لأيقونة عنوان الديوان (لا حياة بدونك) التي اختزلت الكثير من الدلالات والمعاني في بنائها التركيبي المنفتح على تأويلات ثرة ممكنة... “لا حياة بدونك” ديوان الشاعرة سعاد محمد الناصر، روضة أدبية شهية بامتياز، تدعو للذاذة القراءة، وبستان من المعاني والقيم التي تشد المتلقي إلى النهل منها، والاغتراف من ينبوعها المتدفق منسابا بحلو العبارات، وبديع الألفاظ...

تابعنا على
تصميم وتطوير