الزوراء / سها الطائي/ خاص
حين يرتل الشعر ابن كربلاء يتحفنا بحرف مولع بالعشق يسبقه حب الحسين “ع” ويختمه مبجلا للحبيب .. أنثى كانت أم وطن ! فيرتمي بأحضان النقد دون عمد ليرى نفسه ناقدا قبل أن يكون شاعرا فيجسد المواهب بانتقادٍ بناءٍ ليظهر مكامن الروعة ويشير بلطف لمواقع الضعف.
شاعر وناقد وكاتب حاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية ، له تسع مطبوعات أربع مجاميع شعرية وهي أوراق الخريف ومدن لم يهطل عليها المطر وأوراق مبعثرة ومحطات الطريق وله في النقد أربع مؤلفات بعنوان نص وتحليل لثلاثين قصيدة عربية معاصرة والبعد الفلسفي لقصيدة حفار القبور وكبرياء قلم مجموعة مقالات وقراءات في مؤلفات أدبية.
* كيف كانت نكهة أول قصيدة وهل سبقت تخصصك بتدريس اللغة العربية؟
أول قصيدة كتبتها وأنا طالب في الصف الثاني متوسط وكانت لا تتعدى كلمات غزلية بسيطة فمنذ نعومة أظافري وأنا مولع بالشعر حافظٌ له وخاصة الشعر الجاهلي.
*من خلال إصداراتك الشعرية الأربعة كيف رأيت نافذة الشعر بقلبك وهل ستفكر يوما بالتوقف على ضفاف النقد؟
أنا بالأصل شاعر وليس ناقدا والشعر جزء من حياتي لا يتجزأ ويسري في دمي أينما أمضي فأنا أتنفس الشعر حتى في منامي ولن أترك الشعر على الإطلاق لأنني إن تركته أشعر بأنني ابتعدت عن الإنسانية ، أما النقد فقد جاء بعد الشعر وقد اعتمد على ذوقي الرفيع للشعر وجماليته فأنا لست متلقيا فحسب بل ممن يغوص بعيدا في اللغة والمفردات ليعرف الجماليات الباطنية وليس الظاهرية فحسب وسأبقى شاعرا أولا ثم ناقدا .
*أين يرى الدعمي نفسه في شعره أم نقده البناء؟
في الحالتين الشعر أم النقد أجد نفسي لأنني ما تعودت أن أكتب القصيدة بتكلف وكذلك النقد ما تعودت أن أطرق أبوابه من دون تأثير مؤثر من خلاله أدخل خفايا النصوص ففي الحالتين أجد نفسي رغم أني أميل للشعر أكثر لأنه يعبر عن مكنونات نفسي بينما النقد ترجمة لأديب آخر.
*ما هو باعتقادك سبب خوف الشاعر من الناقد وكيف تقييم نقاد عصرنا هذا؟
النقد ملازم للشعر منذ أقدم العصور والشاعر ذاته ناقد لنصه حينما يقف عليه ويهذبه لكي يظهر بالمظهر الذي يليق به أما خوف الشاعر من الناقد هو حرص على نتاجه ليس إلا ولكن هناك حقيقية يجب أن يعلمها الجميع وهي أن الناقد مهما كان حصيفا في النقد فلا يمكنه الوصول لأعماق الشاعر الحقيقية بل هو مترجم ليس إلا وأكيد الطريقة تختلف من ناقد لآخر حسب ما يراه الناقد وتعدد الآراء والوجهات أمر حسن يزيد النص جمالا وسر من أسرار استمرار الشعر وإلى ما لا نهاية ، أما رؤيتي للنقد في الوقت الحاضر تختلف حسب الناقد فهناك من اتخذ النقد وسيلة للوصول إلى أغراض دنيئة ليس إلا وبهذا ترك شرف المهنة وهناك من هو ناقد يرى بعين البصيرة ولا يميل ولا يحيد عن الحقيقية وهناك من يحاول أن يهدم ولا يبني متناسيا أن النقد عملية بناء وتطوير ليس إلا أما أنا أظهر جماليات النص قدر المستطاع وأدعم الإبداع وأنوه على بعض نقاط الضعف بطريقة مرنة وأعتبر النقد رسالة إنسانية عظمى وأدعو جميع الشعراء أن لا يلتفتوا للنقاد مهما تكن أسماؤهم وعناوينهم.
*أ يمكن أن يأخذك النقد عن دائرة كتابتك للشعر؟
الشعر أولا وقبل النقد وهذا لا يمنع أن أزاول النقد لأنني مؤمن بأن القصيدة ولادة تأتي لا أعرف زمنها لذا أتركها متى ما ولدت أما النقد فيحتاج منا البحث والدراسة ولكن يبقى الشعر أولا وقبل النقد.
*هل تعتقد أن كل شاعر متمكن يمكن أن يكون ناقدا يوما ما ؟
أنا ذكرت مسبقا أن كل شاعر ناقد والدليل أنه يقف على قصيدته ويهذبها حينما يفرغ منها وهذا نوع من أنواع النقد وهناك شعراء متمكنون لكنهم ليسوا نقادا فليس كل شاعر ناقدا لأن عملية النقد تحتاج دربة ودراسة وبحث ومشقة كما أن الشعراء هناك من يتلقى النص ويكتفي بالتطلع عليه ، وهناك من يصر على أن يسبر أغوار النص ويدخل في طياته ليغوص بعيدا وبهذا يكون شاعرا ناقدا وأنا مؤمن بأن الشاعر الناقد أقوى من الناقد غير الشاعر والسبب أنه عانى ولادة الكلمة لذا تكون نظرته أوسع من الناقد الذي يعتمد على الأكاديميات والمصطلحات في أغلب الأحيان ولكن هذا لا يمنع أن هناك نقادا ليسوا من أهل الشعر برعوا في النقد كطه حسين والعقاد وغيرهم.
*هل لنا أن ندخل عالم الدعمي بقصائد حبه للوطن؟ وماذا يعني لك العراق؟
لم أكتب قصيدة إلا وكان العراق والوطن بطياتها حتى وإن كانت في الغزل أو الفخر أو المديح فأنا من الذين يؤمنون أن الوطن قبل العقيدة وأن الوطن أولا والبقية تأتي وما من ديوان صدر لي إلا وكانت القصائد الوطنية هي الأكثر فيه.
أنا ربُّ القوافي مــــــــــــن يُباري
عراقـــــــــــيٌ وأشرقُ كلَّ فجر
فيبصرُ مـــــــن شروقي كلُّ أعمى
ويأنسُ كـــــــــــلُّ مكروبٍ بشعري
أكابرُ مــــــــــــا شكوتُ و لا أبالي
وأطوي جُرحَ جرحي تحتَ صدري
أصارعُ قهرَ ضيمي فــــــي فؤادي
فأصرعُهُ ومــــــــا أشكو لغيري
عراقـــــــــــيٌّ وتاريخي عريقٌ
غرستُ أصالتي فـــــــــــي كلِّ شبر
*لكل منا سره الدفين الذي يحاول أن يلوح به بنصوصه الرمزية ! هل غيبت الحبيب يوما ما بحرفك؟
ليس لدي سرٌ أغيبه في أي قصيدة لأن صدق مشاعري يفضحني دوما ويظهر مكنونات ما أريد البوح به ولن أغيب الحقيقية ولن أستخدم الرمز مطلقا في أشعاري فقصائدي يتلقاها المتلقي ولا يتعب في مغزاها ومعانيها
أحاولُ أخفي مـــــــــــا بقلبي وأكتمُ
وأدري بــــــــــأنّ الحبَ جرمٌ مُحرّمُ
إذا بحتُ فـــــي شوقي يقولون كافرٌ
وأصلَّبُ جهرا بالحجـــــــــارةِ أرجمُ
وأدري بأنــــــــي لا أداري صبابتي
لأنـــــــــــــي رهينٌ في هواها متيمُ
إذا مــــــــرَّ ذكراها ليطرقَ مسمعي
وجدتَ حديثي فــــــــــي كلامٍ أُتمتمُ
*أربع مؤلفات نقدية تناولت فيها نصوصا لشعراء عدة؟ فما هو الكتاب الأقرب لقلبك منها؟
الكتاب الأقرب لي هو نص وتحليل لثلاثين نصا شعريا معاصرا لأنه كان تجربتي الأولى في عالم النقد والحمد لله حقق نجاحا باهرا بإجماع المتخصصين في الأدب وكان سببا قويا في ظهوري كناقد في العراق والوطن العربي.
*يتمنى الشاعر أن يستمر إبداعه من خلال الأبناء فهل وجدت موهبة أدبية في أولادك تستحق الصقل؟
هناك الكثير من المواهب التي يجب أن تدعم ونحن معها وسندعمها بقوة وسنكون لها سندا قويا من أجل إظهار الإبداع قدر المستطاع . وشكري وتقديري إلى الشاعرة والإعلامية المبدعة سها الطائي على الحوار راجيا من الله أن يوفقها في مسيرتها الأدبية.