رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
قلة الثقافة وكثرة التعليم !


المشاهدات 1134
تاريخ الإضافة 2018/08/07 - 5:09 PM
آخر تحديث 2024/05/05 - 6:02 PM

[caption id="attachment_175993" align="aligncenter" width="300"]قلة الثقافة وكثرة التعليم ! قلة الثقافة وكثرة التعليم ![/caption] جمال جاسم امين ينطوي عنوان هذه الفقرة على اكثر من مفارقة ساخرة وهو لا يتوقف عند العطل المفاجئ لماكنة الاكاديميات التي ينبغي ان تستمر بوتائر اعلى بل يتعدى ذلك الى ما هو اهم واقسى ، ذلك ما ذكره الدكتور خلف الدليمي من خلال عبارة صادمة اكدت بأن (المجتمع العراقي كثير التعلم قليل الثقافة) يظهر مثل هذا التشخيص واحدة من التصدعات الكبرى في مفهوم الثقافة بل ومفهوم التعليم ايضا خاصة اذا ما اكدنا على فهمنا للثقافة بأنها منظومة اداء وان التعليم هو واحد من الاساليب المتبعة لتحسين هذا الاداء ، لنبدأ اولا بالتصدع الذي اصاب منظومة التعليم / هذه المنظومة التي كفت عن انتاج (ثقافة) او المساهمة في انتاجها على الاقل ، نقول :ـ حصل ذلك عندما اصبح الدرس الاكاديمي (تلقيناً ) لا غير او هو (درس) معزول عن اية (فعالية) وهي عزلة غير منتجة سبق ان فصلنا فيها القول ، قد تكون هذه التوصيفات التي نذكرها الان ليست سوى نتائج وعلينا ان نبحث عن الاسباب التي ادت اليها ، ربما تكمن الاسباب الحقيقية في الظروف السياسية التي عملت على افراغ الاكاديمية من حراكها الجاد والمثمر لتستبدلها باشتراطات ايدلوجية لا علاقة لها بالمسألة، الامر الذي افرز طبقة من الاكاديميين الداخلين الى هذا البهو (بهو الاكاديمية) من باب ايدلوجي محض لا صلة له بالكفاءة او الانتاج ولعل المراقب يشهد مثل هذا التحول الخطير منذ ثمانينات القرن الماضي حتى لحظة وصولنا الى هذا الانحدار الذي نحن فيه اذ توقف التعليم بل غابت (المدرسة) بالمرة على حد توصيفات المفكر ميثم الجنابي في حوار معه ((من الصعب الحديث الان عن مدرسة وجامعة عراقية عصرية فالمدرسة اقرب ما تكون (مركز محو امية)والجامعة الى مدرسة ريفية! )) . واذا اردنا ان نتعمق اكثر في الاسباب المؤدية لمثل هذه النتائج يجب عدم اهمال طبيعة المنظومة الاجتماعية الطاردة لكل فواعل التغيير ، بمعنى ان ثقافة هذه المنظومة وقوة سلطتها التأثيرية الراسخة على ارض الواقع استطاعت ان تجرف صروح الاكاديمية وان تذيبها لصالحها ، والعجيب بهذا الصدد ان قابلية الاكاديمية العراقية على النمو والتطور في مراحلها الاولى كانت افضل مما نحن عليه الان أي عندما لم تكن هناك سوى ثلاث جامعات بينما الان تربو على العشرين وهذا ما اكده (الجنابي) ايضا في تتمة مقولته (كانت المدرسة العراقية قبل الانقلاب العسكري في العام 1958 وما بعدها بقليل احدى افضل المدارس واكثرها استعدادا للنمو والتطور )، اليست هذه مفارقة اخرى عندما نكتشف ان العدد لا قيمة له ! بل والزمن ايضا / مفارقة تضاف الى فهرس التصدعات الكبرى في مفهوم الاكاديمية التي خرجت من معادلة الثقافة بينما يفترض ان تكون واحدة من المؤسسات الفاعلة في هذا المضمار، الاكاديمية الان اصبحت ورشة لمزاولة الامية بدل ان تصبح معقلا للتنوير ، كيف يحصل هذا ؟ او كيف تنقلب الاشياء الى اضدادها ؟ في البلدان التي يتخلف فيها (الطب) يموت المريض بسبب فساد الادوية لا بسبب خطورة المرض ! يحصل هذا في فضاء المفارقات الحادة حيث لا تؤدي التسمية الا الى نقيض المعنى الذي وضعت له ، من الجدير بالذكر ان مثل هذا التلف الاكاديمي لم يتوقف عند حدود انقطاع الاكاديمية عن تغذية فكرة الثقافة بل تطاول اكثر حيث نجد ان المؤسسات الثقافية ودور النشر تحديدا تستدعي بعض الاكاديميين (الجدد) بوصفهم (خبراء) لتقرير صلاحية الكتب، لا نريد ان نتعدى على احد سوى الوهم / الوهم الذي يجعل من لا يجيد سوى (التلقين) خبيرا لكتب تتحدث عن الريادة والتحديث مثلاً .. يبدو ان مثل هذه المؤسسات التي نطلق عليها (ثقافية) لا تريد ان تؤمن بحقيقة انقطاع الاكاديميات عن حقول الثقافة والادب من ضمنها ، ان مثل هذه المسألة تحتاج الى مراجعات عديدة من شأنها ان تعيد الدور الفاعل للاكاديمية في مجالات الثقافة بدلا من ان يظل هذا العطل واحدا من فهارس تصدعاتنا الثقافية .

تابعنا على
تصميم وتطوير