رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
القاص والروائي العراقي إبراهيم سبتي في ضيافة ثقافة "الزوراء"


المشاهدات 1128
تاريخ الإضافة 2018/07/24 - 5:42 PM
آخر تحديث 2024/05/07 - 7:09 AM

ما يميز القاص والروائي العراقي ابراهيم سبتي قدرته على الابحار طمعا في التقاط الجملة المحملة بالدلالة ، واقتناص الفكرة المعبرة وتناولها دون ترهل أو انكماش ، يتبرعم الحرف على شفتي قلمه ليخلق من خلاله عالماً غنياً بالدهشة ، يحسن صياغة الاستهلال والخاتمة وما بينهما ، يجيد توظيف الحوار والوصف ، يدخل باقتدار الى النص ويخرج باقتدار منه ، يمتلك كفاءة عالية في تحويل المكان في نصوصه من حالته الميكانيكية الى حالة جديدة تزخر بالديناميكية . رحلته الاولى مع الحرف عام 1983 ، وصلت لنا مجموعته القصصية الاولى ( الغياب العالي ) عام 2001 والصادرة عن دار الشؤون الثقافية ببغداد ، عام 2002 أصدر مجموعته القصصية الثانية ( ما قالته الضواري في حداد الانس ) عن اتحاد الادباء العرب بدمشق ، ثم الحقها بالمجموعة القصصية الثالثة ( نهار بعيد ) عام 2007 ، و ( حيطان مسلية للدموع ) والصادرة عن وزارة الثقافة عام 2013 ، و ( طائر في غيبوبة ) الصادرة عن دار الشؤون الثقافية عام 2014 . عام 2003 أصدر روايته الأولى (نخلة الغريب) الصادرة عن دار الشؤون الثقافية ، وعام 2010 خرجت روايته الثانية ( جنة العتاد ) عن دار الينابيع في دمشق . ما يلاحظ على قلمه الروائي انه يرسم الفضاء الروائي بمهارة عالية ، ويتعامل مع وحدات النص بحرفية كبيرة ، ويحسن التعامل مع المتواليات السردية ، ويجتهد في زرع عناصر التشويق على جسد الرواية في المكان المناسب ووفق رؤية تعبر عن معرفته الواسعة ببناء المنظومة اللغوية والدلالية للرواية . مارس كتابة القصة القصيرة جدا ، وصدرت له مجموعة عن دار ميتوبوزميا عام 2012 . حصل على جائزة القصة العراقية لعامي 1992 ، 2006 . ترجمت بعض قصصه الى اللغتين الانكليزية والالمانية ، وساهم في تحرير بعض الصحف والمجلات ، وشارك في ندوات ومؤتمرات ثقافية واعلامية دولية ومحلية ، كتب عن تجربته أدباء ونقاد عراقيون وعرب ، أعدت بعض قصصه كتمثيليات اذاعية وتلفزيونية منها : ( وجوه في ذاكرة الليل ) و ( الطريد ) و ( مباغتة جبل ). يعمل حاليا خبير تربوي في وزارة التربية . ثقافة الزوراء دخلت الى بيدر القاص والروائي ابراهيم سبتي وخرجت منه بهذا الحوار : *ما رأيك بالذي يقول : ( النص الجيد يفرض نفسه على الجميع ) في هذا العالم الذي تتلاعب فيه قوى الدعاية والاعلان ؟ النص الجيد هو نص تعبيري يسجل قدرة الكاتب به على الاقناع صنع النص . اللغة والتشويق .. النصوص الجيدة هي مخاضات عسيرة وليس من السهل ايجاد النص المقنع في ظل تراجع الاهتمام واللامبالاة بالكتاب الورقي على حساب الاهتمام بما تنشره الشبكة العنكبوتية . مع اني متفائل من وجود اهتمام جيد لدى النخب بالتواصل مع النصوص المعبرة والمقنعة . والدليل هو الاهتمام بكثير من الاصدارات الجديدة والاحتفاء بها مما يؤكد ان الكاتب سيجد من يقرأ له ويكتب عنه . انها معادلة الابداع المستمرة والتي لا تنقطع مهما تطورت وسائل الاتصالات وغزت الاعلانات الفضاء الاعلامي . *كيف تنظر الى اللغة في عملية البناء السردي للقصة أو الرواية ؟ اللغة هي العنصر المهم والخطير في بناء القصة والرواية . ولا اعتقد بان اهمال اللغة سينتج نصا مرموقا ابدا .. اللغة هي المشوق والمعبر عن مديات النص وامتداداته . وكم من النصوص القصصية والروائية لم تحض بالاهتمام والذكر بسبب لغتها الضعيفة . القارئ الجيد يكتشف ترهل اللغة او قوتها في اول السطور وهذا يحيلنا الى مدخل مهم في كتابة القصة او الرواية وهو ثقافة ووعي الكاتب وبالتالي مهارته في صنع النص وادارته بحنكة وقدرة فنية مبهرة. وتلعب اللغة دورا فاعلا في عملية المعنى العام للنص اي القصدية التي من ورائه ، فلها معنى ظاهر مكتوب ومقروء ومعنى اخر اخطر وهو المعنى الباطن الذي يريده الكاتب ويفهمه من يستلم الفكرة ويعرف القصدية من وراء ذلك . * القصة العراقية ، وأنت على معرفة واسعة بمسيرتها ، كيف تراها اليوم ؟ ولان القصة كانت مولودا حديثا ، فإنها لم تحظ بما حظي به الشعر من انتشار وتأشير من قبل النقاد والمؤرخين والدارسين .. وهذا سوء حظ القصة في العراق . لأنها لم تعرف وتقبل عربيا الا بعد ان نشر بعض المغامرين قصصهم في مجلات عربية معروفة . وهذا لا يعمم على الجميع . فبعضهم توجه بقصصه خارج الحدود لأنها كانت تستحق المحاولة .. فنشر محمد خضير في نهاية الستينيات قصته الأرجوحة في مجلة الآداب البيروتية ونشر احمد خلف قصته خوذة لرجل نصف ميت في نفس المجلة عام 1969 .. وقبلهما نشر شاكر خصباك قصصه في مصر ونشر فؤاد التكرلي قصصه في مجلة الأديب اللبنانية التي كان يديرها البير أديب وكذا الحال لعشرات الكتاب العراقيين .. واعتقد جازما بان ذلك النشر كان مهما في الانتشار العربي للقاص العراقي . والنشر في مجلات عربية وقتها ليس شيئا عابرا والحال نفسه مع أدباء عرب آخرين ، لان الفضاء الثقافي العراقي كان يفتقر الى الانتشار ، لضعف الوسائل المقروءة آنذاك ومحدودية أو انعدام خروجها من العراق . ولذا كان احتياج القاص العراقي إلى وسائل نشر محترفة ومتواجدة على الساحة العربية ، له أهميته الفنية في الانتشار وتعريف النقاد والناشرين والقراء العرب بوجود قصة عراقية تكتب بشكل يشبه ما يكتبه أهل القصة عندهم وربما اختلفت التقنية وتطورت في العراق وخاصة بعد محاولات بعض الخمسينيين في الدعوة الى الكتابة الجديدة ونشروا دعواتهم تلك على شكل مقالات ودراسات عن القصة . ولان الوضع السياسي الذي ساد العراق خلق تخبطا وعدم استقرار وفوضى في بعض الميادين وخاصة الثقافية ، فقد اثر على الكتابة عموما وجعل هواة المغامرة من الأوائل يلجؤون الى أنماط كتابة لم تكن معروفة. فكانت القصة تنوء تحت كاهل كثير من الكتاب الخائفين من التقنية الجديدة أو الضعفاء فنيا أو الذين خذلتهم ظروف البلد الجديدة ولم يكن بمقدورهم اختراق الحواجز النفسية التي وضعوها لأنفسهم . فيما لجأ البعض القليل جدا إلى القيام بثورة قصصية على غرار الثورة الشعرية للسياب ونازك التي عمت الشعرية العربية بانطلاقة غير مسبوقة . * تمنح المكان في الكثير من قصصك هيمنة كبيرة ، كيف تنظر اليه وأنت تضع جغرافية القصة التي تريد كتابتها ؟ المكان هو الامتداد المفترض للأحداث ، ويشغل حيزا جماليا في النص كما يقول باشلار . اعتقد ان أي كاتب قصة يجب ان يستوعب الفضاء الذي يصنعه لشخوصه استيعابا فنيا وبالتالي سينطلق بنصه نحو الجمال كاتب النص في تأويل المعنى وهو ما يخالف التوجه السيمائي القرائي والنقدي الذي يقوم على الغاء المؤلف دون مشاركته في شيء وكأن النص وجد هكذا. في تحليل لغة النص وفهم اشاراته من القارئ أيمكننا القول بخفوت ألق القصة القصيرة المعاصرة ؟ اعتقد ستكون الإجابة ملبدة بغيوم الإشكالية الفنية والنقدية والقناعة المتولدة من المتلقي بمختلف مستوياته . فالقصة القصيرة جهزت بفنية عالية منذ مولدها مما أتاح لها الاستمرار بالتوهج الذي نراها اليوم عليه . ولذا يمكن اعتبار المكان مكملا لعناصر النجاح في النص . شخصيا اتعامل مع المكان باعتباره الحيز الذي تتدفق في ربوعه اللغة وتتفجر . * هل توافق على القول بأن الزمن الذي نعيشه اليوم هو زمن الرواية ؟ الرواية اليوم اخذت بعدا مهما في الانتشار والتميز احيانا . لكني ارى بانها لم تحجب الفنون الاخرى . مقولة اننا نعيش عصر الرواية او زمن الرواية من البعض ، هم بذلك يلغون عقودا من نجاح القصة وفضلها في إظهار أسماء كبيرة لم يُعرفوا بغيرها ، ناهيك عن انهم يحاولون وضع جدران وسواتر بين الجنسين في محاولة لاعتبار الرواية قمة الهرم الذي يصعب الوصول اليه من بعض الكتّاب . ان القصة القصيرة ، سحر الكتابة المدهش في مداها المعلن وهي تغوص في اغوار النفس وتحاور الجمال وزوايا الحواس بلغة خاصة شفيفة بالغة الاتقان . ومن يعتقد بان فن القصة في طريقه الى الخفوت او التلاشي بحكم طغيان الرواية ، فهو واهم وغير مدرك لركائز البناء القوي التي قامت عليها وما تزال . ونذكر بان اكثر كتاب الرواية ، بدأوا كتابا للقصة القصيرة ان لم نقل جميعهم . مع اننا كتبنا الرواية ومازلنا نكتبها الا انها ستبقى نوعا مهما وصعبا لكن الفنون الاخرى ما زالت تتمتع بحيزها الابداعي الكبير * يلاحظ انك بعيد عن صخب الساحة الثقافية، ما سبب ذلك ؟ سؤال في محله ، انا بعيد عن صخب الساحة الادبية واكتب بعيدا عن الاضواء ، ليس لأني لا استطيع دخولها انما لكي اكون أكثر قربا من الفضاء الابداعي بالمتابعة وليس بالصخب كما تسميه . مقتنع جدا بما انا عليه واكثر المبدعين هم البعيدون عن الاعلام ومشاكله . * أحد الروائيين ذكر لي بانه يشعر بالرهبة عندما يكتب جملته الاولى ، فبماذا تشعر وانت تكتب روايتك الجديدة ؟ الرهبة عند الكتابة شيء مشروع . ولولا الخوف لما قرانا الكثير من الاعمال الخالدة . خوف الكاتب ليس ضعفا ، انما هو شعور داخلي مفاده بان كل عمل ابداعي هو ناتج صعب وولادة مدهشة فمؤكد يخشى الروائي او غيره من الشروع بكتابة مخطوطته .

تابعنا على
تصميم وتطوير