رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
اللغة الشعرية عند نزار قباني


المشاهدات 1275
تاريخ الإضافة 2018/07/24 - 5:40 PM
آخر تحديث 2024/05/05 - 1:59 AM

[caption id="attachment_173279" align="aligncenter" width="300"]اللغة الشعرية عند نزار قباني اللغة الشعرية عند نزار قباني[/caption] ثقافة الزوراء تعد التجربة الشعرية في الأساس تجربة لغة، فالشعر هـو اسـتخدام فنـي للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة. و بناء لغوي مميز يبنـى علـى تفجير طاقة اللغة، ويجعلها تضيف إلى نفسها ومن دواخلهـا عنـصراً آخـر هـو الإيقاع، الذي يسهم ـ بدوره ـ في شحن الدفقات الشعرية والشعورية، تبعاً لحالـة الشاعر الانفعالية، لذلك يمكننا القول: “إن لغة الشعر هي الوجود الـشعري”. الشعر هو القدرة على استثمار خصائص اللغة، بوصفها مـادة بنائيـة، فالكلمـات والعبارات في الشعر يقصد بها بعث صورة إيحائية، ومن خلال هذه الصور يعيـد الشاعر إلى الكلمات قوة معانيها التصويرية الفطرية في اللغة. إنّ اللغة كما يقول طه وادي في كتابه: “جماليات القصيدة المعاصرة” هـي المادة الأساسية المشكّلة لوجودنا الثقافي والحضاري، وبالضرورة هي الأساس أيضاً في عملية الإبداع الفنّي، لذلك فإن لكلّ أديب طريقة خاصة فـي اسـتخدام الكلمـة وتركيب الجملة من حيث النحو البلاغي. إن الأديب لا يركّب الجملة ليعبر بها عـن معنى تقريري مألوف. وإنما يتعامل مع اللغة بطريقة تفجر فيها خـواص التعبيـر الأدبي، وتجعل للعبارات والأنساق والجمل قوة، تتعدى الدلالـة المباشـرة،. ويتابع قائلاً: “يجب الوصول إلى المجاز، لتفي بحاجة الفن في التعبير والتصوير” أن ندرك أن التركيب “التشكيل” اللّغوي هو المادة الحقيقية المشكِّلة لفن الأدب، لهذا ينبغي بذل جهد كبير في التعرف على كيفية استخدام الأديب للغة” يؤكد رولان بارت أن “ الشعر مغاير للنثر ولكن الفرق بينهمـا لـيس فـي الجوهر وإنما في الكم، فهو فرق لا يمس وحدة اللغة، فأسـاليب التعبيـر تختلـف، ولكنها تظل في جميع الأحوال لغة واحدة تنقل مقولات الفكر الخالد أن الحديث عن لغة الشعر ولغة النثر والتفريق بينهما، ولد مـصطلحا آخـر وقضية أخرى، هي قضية الشعرية. والشعرية توجد في الشعر والنثر على حد سواء، فهي تعتمد على ما تنتجـه الكلمات من تواصل شكلي يولد كثافة ثقافية أو شعورية، يستحيل وجودهـا بـدون الألفاظ، فالمفردة ليس فيها شعرية بذاتها، وإنما تقتصر وظيفتها على كونها إشـارة لشيء ما، وتكسب شعريتها بدخولها مع مفردات أخرى تشكل علاقة شعرية. تعد اللغة من أهم العناصر التي يعتمد الشاعر عليها في بناء القصيدة ، فمن التركيب اللغوي تتضح لنا جودة الشعر. واللغة الشعرية هي الكائن الحي في أعماق الشاعر ووجدانه وأحاسيسه، وهو يعبر بها عن تلك المـشاعر والأحاسـيس. و إن صدق الشاعر في تلك المشاعر يتضح من تراكيبه اللغوية. وبشكل عام إن الـشاعر يجب أن يكون متمكنا من لغته ليتسنى له أن يطوعها للتعبير عن غاياته و مقاصـده الشعرية، و إن كان كذلك فإن من السهل عليه أن يستحضرها متـى شـاء ذلـك ، ويوجهها الوجهة التي يريد فاللغة كنز الشاعر و ثروته وهي جنيته الملهمة ، فـي يدها مصدر شاعريته ووحيه ،فكلما ازدادت صلته بها و تحسسه لها كـشفت عـن أسرارها المذهلة وفتحت له كنوزها الدفينة. والشعر هو لغة القلوب ومرآة النفوس وهو يعبر عن الخلجـات الغامـضة ويكشف الأحاسيس العميقة، فهو يخاطب وجدان الإنسان ويغوص في أعماقه ليعبر بلغة شعرية عما تختزنه النفوس، ويجب أن يعتمد الشاعر على الألفـاظ الرشـيقة والتشبيهات البليغة والموسيقا التي تخلق إيقاعا جميلا وكذلك علـى تـصوير ذلـك تصويرا دقيقا. إذن فإن اللغة الشعرية هي ذلك الوعـاء الـذي يحمـل مـشاعر الـشاعر وأحاسيسه.. فهي نتاج تلاحم وانصهار اللفظ مع المعنى مكونا نسيجا جديدا أو مولودا جديدا نسميه النص.. فقد تمخض هذا النص من رحم دلالات لغوية بديعية واتحاد بين التعبير والمضمون.. في إطار البيئة التجريبية للشاعر.. فهي مـزيج لفنـون وآداب وتجارب مر بها الشاعر واختزلها في عقله الباطن.. فما يطرحه من الأطروحـات والانفعالات في نصوصه ما هي إلى تراكمات لغوية يختزنها الشاعر في مخزونـه اللغوي فيعبر عما يختلجه وينتابه. وهي جسر بين الشاعر والمتلقي ينقـل خلالهـا عواطفه وقلقه وتأملاته.. فهو يتعدى بنا التقريرية ويمضي بنا قدما نحو التعبير عن خلجاتنا، وما يحتويه من دفء وحنان ورضى وغضب شوق ووله شموخ وكبريـاء في حس شاعري بين الخيال والواقع بين الوعي واللاوعي.

تابعنا على
تصميم وتطوير