يختص بتوزيع الوحدات الطباعية «الحروف والعناوين والنصوص والأشكال والصور» ... الإخراج الصحفي: علم وفن يختص بتحويل المادة المكتوبة إلى مادة مطبوعة قابلة للقراءة
المشاهدات 1052
تاريخ الإضافة 2018/07/16 - 5:48 PM
آخر تحديث 2025/05/10 - 3:32 PM
[caption id="attachment_132514" align="aligncenter" width="267"]

يحيى الزيدي[/caption]
قبل الولوج في موضوع وتفاصيل الاخراج الصحفي ومفاهيمه لا بد ان نستعرض قليلا التطورات الواسعة خلال العشرين سنة الاخيرة، فقد شهد حقل اخراج الصحف وطباعتها تطورات واسعة، وبالتحديد منذ اواخر الثمانينات من القرن الماضي وحتى الان، وقد أرجعت دراسات صحفية غير قليلة هذه التطورات الى النمو المتزايد في استخدامات وتطبيقات الحاسوب الآلي في العمل الصحفي.كما ارجعت عدة دراسات اخراجية متخصصة ظهرت خلال العقدين الماضيين التغيرات التي طرأت على شكل الصحف والمجلات الى التوسع في استخدام الحاسوب الآلي في قاعات او غرف التحرير وبروز برامج النشر الالكتروني لا سيما برامج معالجة الكلمات والصور والرسوم وتصميم الصفحات، لا سيما بعد التزاوج والتلازم في التطورالذي شهده العالم في مجالي الاتصالات والمعلومات، وبحيث اتفقت هذه المجموعة من الدراسات على ان الحاسوب الآلي وبرامجه الخاصة بتصميم وتنفيذ الصحف هي العصا السحرية المسؤولة عما شهدته الصحف من تغيير في الشكل. وفي رأينا فان هذا يمثل خلطا كبيرا للادوار والمفاهيم ، فضلا عن الخلط الاكبر في النظر الى الصحف كمنتجات طباعية تخضع لآليات انتاجية تكنولوجية تتطور باستمرار، بخلاف كونها اوعية وروافد فكرية وثقافية تنويرية تحمل من فكر وابداع وسمات منتجها على مستوى الشكل والمحتوى اكثر مما تحمله من بصمات الآلة المستخدمة في عملية الانتاج بجميع مراحله.
وقد ادت المبالغة الشديدة في الدور الذي تلعبه تكنولوجيا الحاسب الآلي بمعداته الصلبة وبرامجه التطبيقية الى تقزيم دور المخرج الصحفي الفرد امام تضخيم دور الحاسوب الآلي في عملية الاخراج الصحفي ،كما ادت التوقعات الكبيرة التي اثارتها وروجت لها بعض الدراسات والتجارب الصحفية الفعلية الى حالة من حالات التراخي الشديدة والاعتمادية الكبيرة من جانب بعض المخرجين الصحفيين على الحاسب الآلي .
مفهوم الإخراج الصحفي
الإخراج الصحفي هو فن عرض المادة التحريرية المكتوبة عرضا يحقق الجمال والمتعة والوظيفة في آن واحد .. لأنه يعمل على توصيل المادة إلى القارئ بطريقه سهله ميسورة وبصورة جميلة شيقة تعمل على جذبه لهذه المادة ... وعلى ذلك يمكن القول أن تيسير عملية القراءة وتحقيق الانسياب البصري على سطح الصحيفة المكتوبة .. هما جوهر عملية الإخراج الصحفي... ويمكن القول أيضا أن الإخراج الصحفي هو عملية بناء وعرض، والبناء يتم بصورة جيده إذا توفرت المواد الخام، أسهمت وسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل: الحاسبات الرقمية، والأقمار الصناعية، وطابعات الليزر، وأجهزة المسح الضوئي في تطور عملية الإخراج.توجد أهمية كبيرة للإخراج الصحفي لجذب انتباه القارئ إلى المحتوى، خاصة أن القارئ يتعامل مع الصحف بشكل انتقائي، والانتقائية ذات شقين، الأول منهما: متعلق بوسائل الإعلام عامة. والآخر : متعلق بالصحيفة نفسها كوسيلة إعلام.
أسباب تقدم فن الإخراج الصحفي: ظهور التنافس بين الصحف الشعبية أدى لاستخدام العناوين المنتشرة والصور لجذب الجمهور إليها. تحول الصحف إلى وسيلة شعبية تخاطب العديد من الناس بعد الثورة الصناعية، وانتشار الديمقراطية والتعليم، وكانت الصحافة في بدايتها تخاطب فئة ضيقة تقتصر على أصحاب المصالح من التجار أو الرسميين. اتساع إمكانيات الصحف نتيجة ارتفاع مدخولاتها وازدياد أهميتها كوسيط إعلاني بين المنتج والمستهلك. التقدم الكبير في صناعة آلات الطباعة، وحروفها، والورق وما يتصل بها وانخفاض أثمان الورق، وقلة تكاليف الطباعة. اتساع صفحات الصحف والمواضيع التي تناقشها.
الإخراج الصحفي layout علم وفن. وهو يختص بتحويل المادة المكتوبة إلى مادة مطبوعة قابلة للقراءة تؤدي الغاية التي توخاها المخرج، أو بمعنى آخر يختص الإخراج بتوزيع الوحدات الطباعية typographic units (الحروف والعناوين والنصوص والأشكال والصور والخرائط) وترتيبها في حيز الصفحة واختيار ألوانها بأسلوب يغري القارئ بقراءتها ويلفت انتباهه إلى ما فيها. ويكون انتقاء الوحدات الطباعية وإبرازها وفق خطة وإرشادات مدروسة تستند إلى سياسة الصحيفة أو المجلة. فالطباعة تعنى بإعطاء الصفحة شكلها المادي المجرد من حيث المساحة المطبوعة وعدد الأعمدة ونوع الحرف وتسلسل الوحدات ووضوحها وتناسقها طولاً وعرضاً. أما الإخراج فهو فن تحريك الوحدات الطباعية وترتيبها وتوزيعها في عملية محددة لتحقيق غاية معينة. فالإخراج، على هذا النحو، يشتمل على ناحيتين أساسيتين أولاهما عملية إبداعية تستند إلى مبادئ نفسية وجمالية هدفها إعطاء الصحيفة مظهرها الخارجي المناسب. والناحية الأخرى: توافر المعارف والمهارات والوسائل والتقنيات الضرورية لبناء ذلك المظهر وإلباسه الصورة المناسبة. ويقوم الإخراج نظرياً على أساس العلاقة الجدلية بين الشكل والمضمون، وتتيح مثل هذه العلاقة إبراز ما هو عام وخاص بين الشكل والمضمون، على أن يكون للمضمون المحل الرئيس والمحدد. فكل تبدل في المضمون يفرض تبدلاً في الشكل، إلا أن الشكل لا يتبع المضمون آلياً، لأن للشكل دوره الخاص الذي تقيده قواعد داخلية تحدد أثره في المضمون كما تحدد تنوعه. وعليه فإن للإخراج الصحفي قواعده الناظمة التي يؤثر تطبيقها على مضمون الصحيفة سلباً أو إيجاباً، وهي تصنف عادة في قواعد عامة تصلح لكل زمان ومكان، كشرط توافر صحة القراءة مثلاً، وقواعد خاصة ترتبط بمدرسة معينة من مدارس الإخراج.كذلك فإن الإخراج الصحفي يقوم على مجموعة أسس يمكن تصنيفها في أربع فئات هي:
1- الأسس الصحفية: وهي التي تتصل بتقويم الأخبار والموضوعات ومواد النشر واختيار ما يهم الجمهور منها.
2- الأسس النفسية: وتتصل بمعرفة اتجاهات الرأي العام وعقلية الجماهير وأذواق القراء وعادات القراءة، وتأثير الألوان فيهم.
3- الأسس الفيزيولوجية: وهي تتصل بقوانين الرؤية وحركات العين ومدى استيعابها وظروف التعرض للضوء.
4- الأسس الفنية: وهي التي تسعى إلى تحقيق التوازن والإيقاع والوضوح وسهولة القراءة وتوفير الحيوية والجاذبية والجمال.
وقد فرض تطور الصحافة أن يكون للإخراج الصحفي أسس علمية تعتمد مبادئ نظرية تتعلق بشكل الصحيفة ومكوناتها. إلا أن البحوث النظرية في هذا المجال ما زالت في بداياتها ولا يمكن عدها علماً مستقلاً. أما التطبيق العملي فقطع أشواطاً كبيرة يمكن معها استخلاص قواعد ثابتة للإخراج الصحفي. ومن تلك القواعد تطبيق المبادئ النظرية العامة التي توجه المخرج الصحفي اجتماعياً وعقيدة وجمالياً، ومنها معرفة مبادئ الفنون التطبيقية، ولا سيما الرسوم والتصوير، وعلاقتها بالشكل والمضمون، والإلمام بالمبادئ العامة لتقنيات تكوين الصحيفة وتشكيلها، وهذه المبادئ هي الأساس الذي تقوم عليه مبادئ الإخراج الأخرى .
والإخراج الصحفي كذلك قريب الشبه من الإخراج الموسيقي، فهو يستعير من الفن التعبيري أشياء كثيرة، وله طرائقه التي يؤثر بها في القارئ عاطفياً وجمالياً. ويتوقف اختيار الطريقة المناسبة في الإخراج على مقدرة المخرج الفنية وإتقانه إخراج الصحيفة وبنائها، وعلى مهارته في انتقاء العناصر وتحديد بنيتها وتحقيق الانسجام والتوازن والإيقاع فيما بينها، وكذلك اختيار الخطوط والألوان. فعملية الإخراج ليست تقنية صرفة ولا هي فن صرف، وهذا ما يؤكد اعتماد الإخراج على الظروف التقنية السائدة في زمن معين وعلى الأسلوب أو الأساليب الفنية السائدة في ذلك الزمن. وقد عرف الإخراج الصحفي نزعات واتجاهات فنية مختلفة في تاريخه القصير، فسادت المراحل الأولى من عمر الإخراج النزعة التقنية التي كانت تسعى إلى إبراز إمكانات الطباعة تقنياً. ومع ازدهار الطباعة والصحافة، وبروز شخصية المخرج الصحفي ودوره في العمل الصحفي سادت النزعة الجمالية التي سعت إلى إضفاء مسحة جمالية متميزة على النتاج الطباعي والصحفي، وهنالك أيضاً النزعة «التنميقية» التي تهدف إلى إعطاء الصحيفة - لا سيما الصحيفة القومية - طابعاً مميزاً، وهنالك أيضاً النزعة «الوظيفية» التي تهدف إلى توظيف عناصر الإخراج كلها نوعاً وكماً وحجماً لتحقيق الغاية من المادة وموضوع النشر مع الاستعانة بالنزعات السابقة.ومع أن الصحافة وجدت منذ ما يزيد على أربعة قرون، فإن الإخراج الصحفي لم يدخل التاريخ إلا منذ قرن واحد فقط. فقد كانت الصحف بادئ ذي بدء مجرد نشرات تجارية موجهة إلى جمهور خاص جداً، وكانت إمكاناتها التقنية محددة تماماً. وكان يتولى الإخراج طباعيون لا يعنيهم إدراك مضمون المادة موضوع النشر ولا الهدف منها، ويقتصر عملهم على توزيع المواد المراد نشرها على الصفحة بحيث تستوعبها تماماً من دون خطة أو هدف. وفي أواخر القرن السابع عشر حدثت تطورات مهمة وتحسينات كبيرة في صناعة الصحافة. فقد تقدمت صناعة مكائن الطباعة وصناعة الحبر والورق تقدماً كبيراً، وأدخلت أساليب حديثة في مجالي التنضيد والتصوير وطورت وسائل النقل والاتصال، وأدى ذلك إلى ازدياد سرعة تواتر الأنباء وأحجامها، وأدت الثورة الصناعية واكتشاف الكهرباء وتطور الصناعات الإلكترونية فيما بعد، وكذلك انتشار التعليم إلى تبدل نوعية الجمهور وازدياد عدد القراء وتوزعهم على مساحات شاسعة وفي مناطق متباعدة، كما طرأ تغير على اهتمامات القراء أدى إلى تنوع مواد الصحف ومضاعفة حجم المواد المطلوب نشرها. وكان لظهور الإعلان، وعِظَم دوره ومكانته وتنوع حاجات المعلنين ونفوذهم أثره الكبير في ازدياد انتشار الصحف وتنوعها وزيادة عددها واحترام المنافسة فيما بينها. ومال أصحاب الصحف والصحفيون إلى تقديم صحف مقروءة على نحو سريع ومريح تتجاوب مع متطلبات القارئ المعاصر المتعب المتعجل. وقد أثّر ذلك كله في مضمون الصحف وأسلوب إخراجها، وغدت الصحيفة وسيلة الإعلام الوحيدة التي تعتمد تأثير الكلمة المطبوعة والصورة الملونة في القارئ. وتطور الإخراج الصحفي مع تطور وظيفة الصحيفة في المجتمع، وفرضت على كاهل الإخراج الصحفي مهام متعددة أبرزها إسباغ شخصية متميزة على الصحيفة والتعبير عنها والمحافظة عليها، والإسهام في تحقيق سياسة الصحيفة وإبراز توجهاتها وتقويمها للأحداث والموضوعات وموقفها منها، ويكون ذلك بتبني هيكل طباعي متماسك والإفادة من المساحة المتاحة في الصحيفة أقصى إفادة ممكنة لكثرة المواد وزيادة أهمية الإعلان اقتصادياً، إضافة إلى إعطاء الصحيفة مظهراً جمالياً يجتذب القارئ، وإيجاد علاقة مناسبة بين الشكل والمضمون، والمحافظة على وحدة الأسلوب مع التنوع في الشكل وسهولة القراءة وإبراز ما يشد انتباه القارئ ويعرِّفه الموضوع ويربطه بالصحيفة.وقد استدعى تنوع مهام الإخراج وجود مخرج صحفي متخصص يملك ثقافة فنية عالية وحساً جمالياً يمكنانه من تلبية الشروط المطلوبة منه وتطبيق أسس الإخراج تطبيقاً صحيحاً. كما اقتضت تلك المهام أن يكون لدى المخرج الصحفي ثقافة صحفية جيدة تمكنه من تقويم الأخبار والمواد وإدراك كنهها والغاية منها في ضوء سياسة الصحيفة. والمخرج الصحفي أقرب ما يكون إلى المصمم الفني، وهو يجمع بين الفن والصحافة، ويجب أن تتوافر لديه القدرة على الإبداع في وقت قصير يتناسب مع ظروف عمل الصحافة اليومية. فالمخرج هو المهندس الذي يصمم الصفحات ويشرف على تنفيذها، وهو حلقة الوصل بين قسم التحرير والإعلان من جهة والأقسام الفنية والمطبعة من جهة أخرى، وهو يتوخى في عمله وحدة الأسلوب وتنوع الشكل في كل عدد من أعداد الصحيفة بما يتفق مع سياسة الصحيفة والمواد المعدة للنشر والأنباء المطلوب نشرها.
تعطى الصفحة الأولى من الصحيفة المكانة الأولى في الإخراج. فهي الواجهة التي تعبّر عن شخصية الصحيفة وتبين سياستها وتوجهاتها. وثمة مدارس ثلاث رئيسة لإخراج الصفحة الأولى من الصحف اليومية: أولها المدرسة التقليدية التي تقوم على أساس التوازن الطباعي في الشكل. وتتصف هذه المدرسة بالرتوب والبعد عن الإثارة، وفيها مذاهب كثيرة تختلف فيما بينها حول مفهوم التوازن، ومن أبرز هذه المذاهب مذهب التوازن الدقيق ومذهب التوازن النسبي. أما المدرسة الثانية فهي المدرسة المعتدلة التي تقوم على نبذ فكرة التوازن المفتعل والجامد وتطبيق المبادئ الفنية في التعبير مع تحقيق الانسجام بين أجزاء العمل لتخرج الصحيفة وحدة متناسقة متماسكة، ومن مذاهب هذه المدرسة مذهب التوازن اللاشكلي الذي يتجنب قيود الشكل الهندسي، ومذهب التربيع الذي يقوم على أساس تقسيم الصفحة أربعة أقسام متساوية، ومذهب الإخراج المختلط وهو مذهب متطرف يتعمد فيه المخرج المركز الذي يقوم على تطبيق نظرية البؤر لإبراز الموضوع الأكثر أهمية من بين سائر موضوعات الصفحة. أما المدرسة الثالثة فهي المدرسة المحدثة، وهي امتداد لحركة التجديد في الفن وفي الطباعة، وتسعى إلى أن تكون الصفحة معبرة عن مضمونها تعبيراً حياً طبيعياً من دون تقيد بأي شكل أو تقليد طباعي. ومن مذاهب هذه المدرسة مذهب التجديد الوظيفي الذي يرى أن الوظيفة هي التي تحدد شكل الصفحة وبنيتها، ومذهب الإخراج الأفقي الذي يعد تطويراً لفكرة حركة العين أفقياً وليس عمودياً في أثناء القراءة، ومذهب الإخراج المختلط وهو مذهب متطرف يتعمد فيه المخرج تحطيم كل قيود الشكل، ولا يرى في الصفحة وحدة متكاملة بل يعالج كل موضوع من موضوعاتها معالجة مستقلة.
تتميز الصفحات الداخلية في الصحيفة من الصفحة الأولى بأنها تجمع بين مواد التحرير والإعلان. ويجب عند إخراج هذه الصفحات تحقيق التوازن والانسجام في عرض موادها وشد انتباه القارئ إلى ما تحويه. ويسهم قسم الإعلان إسهاماً كبيراً في تصميم هذه الصفحات وحجز أماكن الإعلان فيها، وله في ذلك أساليب منوعة، أما المخرج فيختص بتوزيع مواد التحرير على المساحات المتبقية منها.
تزداد أهمية المخرج ودوره في إخراج الصحف لأسباب كثيرة. ومن هذه الأسباب تنوع المجلات من حيث أدوار صدورها وحجمها وطرائق طباعتها ونوعية الورق المستعمل والألوان. وجمهور المجلات أشد خصوصية في الغالب من قراء الصحف فقد يكون أكثر جدية وأعلى ثقافة وأشد تعلقاً بالمجلة التي يفضلها، كما أن المجلة توفر للمخرج إمكانات أكبر لتطبيق أسس الإخراج الفنية والتصرف بحرية مع إعطاء المجلة شخصية مميزة وإسباغ نكهة خاصة عليها ومساعدتها على مزاحمة التلفزيون والمجلات الأخرى. وتتميز المجلة عن الصحيفة في أن لها غلافاً وجسماً، ولكل منهما خصائصه وأسلوب إخراجه. ويبدأ إخراج الصحيفة بالتخطيط للعدد المقرر منها، واختيار المواد والعناصر التي يتضمنها كل موضوع سينشر في ذلك العدد، ثم توزيع المواد على الصفحات ووضع نماذج العرض والتصميمات المناسبة لها. ويعد تصميم الصفحة الاولى أهم أعمال المخرج، إذ يفترض فيه أن يعبر عن رأي الصحيفة وأن ينسجم مع شخصيتها وأن يجتذب القارئ إليها ويحقق انتشارها. وقد تكون الصفحة الاولى موضوعاً مستقلاً بذاته، أو إيضاحاً لموضوع حوته صفحاتها الداخلية، أو مجرد لوحة جمالية، أو رمزاً لا غير. أما جسم الصحيفة فيجب أن يحقق تماسك مواد المجلة وتعاقب موضوعاتها بأسلوب يدفع القارئ إلى مطالعتها من دون كلل من الغلاف إلى الغلاف.
فن الاخراج الصحفي الرقمي
يُعَدّ الإخراج الصحفي عملية فنية وصحفية لها جانبان الأول جمالي والآخر وظيفي، فهو يعد خطوة مهمة من خطوات إصدار الصحف لعرض المضامين التحريرية على الصفحات، وبشكل جذاب ومميز. وان التطور التكنولوجي الذي أصاب مختلف وسائل الاتصال اثر بشكل كبير على المضمون والشكل الإخراجي للصفحات، فالإخراج الصحفي (Layout) « هو فن تطبيقي لهُ أَغراضه فالصحيفة تصدر ليقرأها الناس، وكلما سهلت عملية القراءة كان ذلك دليلاً على نجاح الإخراج الصحفي». والتصميم (Design) هو رسم أَولي يوضح تصور المصمم لعمل الصفحات في الصحف متوخياً توزيع العناصر البنائية، توزيعاً يضفي عليها وضوحاً وجمالاً، ولا يراعى في الرسم الأولي ضوابط الدقة إلا لحفظ النسب في الإبعاد .
الإخراج الصحفي الرقمي
دخلت صناعة الصحافة مرحلة جديدة تتحكم فيها التقنية الرقمية في مختلف اطرافها وعملياتها بدءاً من إعداد المادة التحريرية وصفها ومروراً بتصميم الصفحات وإخراجها، ووفق هذا النظام الجديد للإنتاج الرقمي للصحف سوف تتحد حدود الكلمة والصورة والرسوم والصوت والتي ستعمل معاً وبشكل تفاعلي لإنتاج مستندات ووثائق ذات جودة ودقة ومرونة، إذ تقوم فكرة الإنتاج الرقمي (Digital Production) للصحيفة على أساس التجميع الكامل لعناصر الصفحات من نصوص وصور ورسوم وإعلانات وغيرها من العناصر البنائية على شاشة حاسوب واحد يضم المراحل الإنتاجية كلها، أو على مجموعة من الحاسبات المرتبطة معاً من خلال شبكة إنتاجية واحدة. وبلغ التأثير الأكبر لتقنيات الصحافة على الإخراج الصحفي في جوانبه المختلفة في إعداد الاشكال والتصاميم الأساسية للصفحات، فضلاً عن بناء الوحدات البنائية حداً كبيراً توصلت معهُ الصحف إلى استخدام التقنية الرقمية (الحاسبات) بشكل رئيس في إخراج وتنفيذ صفحاتها بطريقه آلية، وهو ما وصفهُ (جوزيف م. بونقارو) بالإخراج الإلكتروني «وهو يعني العملية الحاسوبية التي يتم فيها بناء الوحدات (البنائية) باستخدام العناصر المختلفة من الحروف والصورة وعناصر الفصل.... وكذلك التأثيرات الخاصة بالأرضيات المختلفة...الخ»، ومن أهم البرامج الخاصة بأنظمة الإخراج الرقمي، برنامج صانع الصفحة (page Maker) وبرنامج كوارك أكسبرس(Quark Xpress) إضافة إلى برنامج الناشر المكتبي(Ready Set Go) وبرنامج الناشر الصحفي (Design Studio)، وجميع هذهِ البرامج تعمل وفقاً لنظام ماكنتوش، وقد عملت شركة ديوان على تعريب أغلب هذهِ البرامج ويعد برنامج الناشر الصحفي أول برنامج متعدد اللغات متخصص في النشر الصحفي وإخراج الصفحات وفرز ألألوان، ويضاف إلى هذهِ البرامج برنامج العربي للنشر الذي يعمل وفقاً لنظام I.B.M وهو أول برنامج معرب يعمل وفقاً لهذا النظام، وكذلك (Oryx) الذي صممتهُ شركة «لينوتيب هيل» ليعمل وفقاً لنظام I.B.M وهو أول برنامج عربي للإخراج الصحفي الرقمي. وقدمت التكنولوجيا الرقمية للمصممين والمخرجين نظاماً جديداً من الخبرات والإبداع في مجال عملهم (الإخراج الصحفي)، وظهور التكامل الرقمي بين الحروف والصور من خلال جيل جديد من نظم التجميع الرقمي للصفحة، وكانت هذه الآلات المكلفة مادياً تحصل على مدخلاتها من أجهزة المسح بالليزر التي تتمتع بقوة عالية وقواعد بيانات وأشكال الحروف الرقمية، وهو ما أتاح للمصمم والمخرج الصحفي القيام بتجميع هذه العناصر جميعها على الشاشة للحصول على صفحات كاملة. وبذلك بدأت الصحف تتحول من منتج مطبوع إلى منتج يتم استقباله على الشاشة.
وقد أتاحت شبكة الإنترنت مجالاً رحباً، ومرونة في التصميم وإخراج الصفحات الإلكترونية، فقد منحت الشبكة للمصممين القدرة على الإبداع في التصميم بما يناسب مستخدمي الشبكة الذين يتطلعون لتصاميم سهلة تيسر عليهم الوصول إلى محتويات الصفحات (المواقع)، ولقد تحقق للصحف الإلكترونية ذلك بفعل الاعتماد على النصوص المتشعبة التي تضم عنصري الشكل والمحتوى، ويعتمد إنشاء وتصميم وإخراج المواقع على الإنترنت على عدد من القواعد والعناصر التي تكون في مجملها أسساً تساعد على سهولة القراءة وسهولة الحصول على المعلومات من الموقع ومن أهم هذه القواعد الإلمام بلغة ترميز النصوص المتشعبة وما يتطور عنها، مع الفهم الصحيح لِماهية الصحيفة أو الموقع الإلكتروني مع ضرورة ضمان سهولة التعامل مع الموقع وقابليتهُ للاستخدام. وإن نجاح الموقع الإلكتروني يعتمد بشكل كبير على حسن إخراج صفحاتهِ خاصةً الصفحة الرئيسة التي تمثل الواجهة الرئيسة للموقع، باعتبارها أول ما يقع عليه عين القارئ (المستخدم)، كما أَنّ الصفحة الرئيسة تعطي انطباعا عاماً عن قدرات الموقع وإمكاناتهِ.