رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
التظاهرات والتغيير في المواقف


المشاهدات 1026
تاريخ الإضافة 2018/07/16 - 5:30 PM
آخر تحديث 2024/10/26 - 2:08 AM

[caption id="attachment_132514" align="aligncenter" width="267"]يحيى الزيدي يحيى الزيدي[/caption] الحديث عن التظاهرات والتغيير في المواقف السياسية ومتغيراتها واسع ومتشعب، كما نراه اليوم. منذ سنوات والعراقيون ينتظرون تغييراً حقيقياً واضحاً وملموساً في المواقف السياسية، لا سيما في ملف الخدمات.. هذا الملف الذي أصبح هم الناس الأول والأخير، والبعض يعتبره شائكا ومعقدا، وهذا غير صحيح.. والأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية تحدث في أغلب البلدان، لكن الخروج منها يتطلب دراستها ممنهجة بشكل مهني، ومن ذوي الاختصاص حصراً، من خلال وضع الحلول الناجعة والفورية حسب متطلبات وضع البلد . ان ما يحدث في بلدنا الان من خروج للمتظاهرين في عدة محافظات يطالبون بتوفير الخدمات الأساسية «الكهرباء والماء وتوفير فرص العمل»، يتطلب الوقوف بشكل جاد عند مطالبهم، وتحقيقها بشكل ملموس ومدروس، غير قابل للتسويف والتأخير، احتراماً لمشاعرهم وللسيطرة على وضع البلد. ان اقالة الحكومة لاي مسؤول مهما كانت درجته الوظيفية، لا سيما اذا كان غير كفوء ومقصراً في عمله، ولم يستطع أن يقدم شيئا للمواطنين، لا تعني شيئا أمام إراقة دماء المواطنين، أو الإخلال بامن البلاد.. فالبلاد لا تقف على شخص بعينه، وهي مليئة بالكفاءات من ذوي الاختصاص. ان تغيير المواقف السياسية يتطلب أحياناً تغيير الأشخاص، واستبدال المناصب، وتبديل الحقائب، من اجل مصالح البلد، واحتواء الفشل ان وجد، وقد تكون هذه الخطوات من الضرورة في وقت ما. في السابق لم يكن من المعتاد إن تتغير مواقف رجال السياسة بين ليلة وضحاها، وكذلك ليس من المعتاد ان يصدر موقفا من إنسان ويبقى ثابتا عليه لمدة طويلة.. وخلال معايشتنا ومشاهدتنا للكثير من المواقف السياسية في زمننا هذا، نجد ان تغيير المواقف السياسية لا بد ان يحصل كلما تطلب الامر ذلك، وبشكل طبيعي وفي بعض الاحيان فجائي.. وبالتأكيد إن هذا التغيير لم يحدث دون وجود اسباب حقيقية وجوهرية. أقول: المواقف السياسية قد تتغير بناء على معطيات الوضع، لكننا يجب ان نقف قليلا عند المبادئ.. ويجب ألّا نخلط بين المبادئ والمواقف السياسية، ففي الكثير من الأحيان يجري الخلط بينهما. تعتبر المبادئ عن المنطلقات الفكرية والأخلاقية الأساسية المنسجمة مع منظومة القيم الراسخة، التي يؤمن بها الإنسان، والتي عادة ما تميل إلى الثبات.. أما المواقف السياسية فهي آنية، تكتيكية، وليدة الحدث، يتم تبنيها وفق قراءة معينة وتقدير الموقف، وبناء على حسابات المصالح - أو هكذا يُفترض - والتي عادة ما تميل إلى التغير والتبدل بحسب تغير المعطيات أو اختلاف الرؤى والتوجهات. التغيير في المبادئ مذموم، إلا أن يكون وفق مراجعات فكرية معينة، لإعادة صياغتها وتحسينها وتطويرها وفق مقتضيات الزمان والمكان والحال. والمشكلة في هذا السياق تكمن في احتساب العديد من المواقف السياسية على أنها مبادئ، نتيجة المبالغة في النفخ والتعبئة والتنظير، لذلك تحدث ارتباكات، وربما تصدعات عندما يطرأ تغيير في المواقف لأنه تم رفعها لمرتبة المبادئ. المبادئ لا تتغير، وإنما تتغير الأفكار المبنية على هذه المبادئ، بما تفرضه قوانين و ظروف العصر. أما المبدأ والسلوك وأيهما يأتي اولاً. . فإني أرى أن كليهما واحد ومتلازم، فكيف يعتنق الإنسان مبدأ أن الحرية المنضبطة هي أساس من مبادئ الديمقراطية، و ترى في سلوكه التشدد العقيم أو التسيب الذي قد يصل لحد الانحلال الأخلاقي.. اويقول شيئا ويفعل شيئا آخر، فإن لم يتوافق ويتطابق المبدأ مع السلوك فنحن أمام حالة مرضية لشخص مصاب بالانفصام في الشخصية. ويضرب لنا القرآن الكريم صورة بيانية رائعة لمثل هؤلاء، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}. وفي الختام أقول: التغيير من صنع البشر، وما علينا الا ان نفكر بما يخدم بلدنا، ونضع المصالح والمنافع الشخصية جانبا.

تابعنا على
تصميم وتطوير