رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الأصول التأريخيّة للمسرح العراقيّ


المشاهدات 1192
تاريخ الإضافة 2018/04/08 - 6:05 PM
آخر تحديث 2024/12/22 - 3:46 AM

كثيرة هي المصادر التي تؤشر تاريخ المسرح العراقي الا ان اكثر المصادر تتطابق مع ما أكدته دراسات عراقية وعربية وأجنبية ان العراقيين القدامى الذين عاشوا قبل الميلاد قد عرفو أشكالا» ذات طابع مسرحي، وقدمت تلك الدراسات شواهد ما زالت قائمة على وجود المسرح في العراق القديم، كما في بابل والوركاء. وكذلك هو الحال في المراحل التأريخية التالية في العراق، وخاصة في العصرالعباسي، فقد شهدت هي الأخرى أعيادا واحتفالات وطقوساوأنماطا من الألعاب، لم يخلُ أي منها من مظاهرتمثيلية. ان الشواهد تلك كلها أصبحت معروفة ومتداولة بين المعنيين بالمسرح، وهي تذكر وترد في البال، كلما جاءت بها ضرورة في سياقات الأحاديث والابحاث، ومن ذلك الملاحم والحكايات والمقاومات والأسواق الأدبية والسماجات وخيال الظل والقصخون اضافة الى المراثي وطقوس الأديان التي تعايشت في رحاب العراق. وما نخلص إليه الأن، اننا قد بلغنا حالة جديدة في الموقف من موضوعة الجذور والمظاهر، هي اقرب الى القناعة بأن لبلاد الرافدين وفي عصورها المختلفة (مسرحها) الذي امتلك مقومات شكله الفني، واخص منها «النص» و«المؤدي» و«الجمهور». ويمكن لأي دارس وباحث التقرب من هذه القناعة، اذا ما تأمل في تلك التي شاعت في المجتمع العراقي على امتداد تأريخه وتفحصها بمنظور موضوعي بعيد عن تأثير المفهوم الأوربي للمسرح السائد الان الا ان الإشكال الحاصل في هذا الموضوع، ان تلك الجذور والمظاهر لم تخصب او تتبلور باتجاه حركة مسرحية مستقرة، قامت فيما بعد، عند بداية القرن التاسع عشر وبفعل مؤثرات خارجية جاء بها رجال عراقيون عاشوا في فرنسا وتركيا والشام واطلعوا على ما في هذه البلدان من عروض مسرحية. وقد تحدد ظهورالنشاط المسرحي في العراق الحديث في الربع الأخير من القرن التاسع. ولم يتفق الباحثون والموثقون حتى الآن على تاريخ لبداية هذا النشاط، ومن كان اول رائد له. الا ان الإشارات قد كثرت الى ما كان يعرض ويكتب في سنوات التأسيس التي تمتد الى عام 1921 حيث انفصل العراق عن الأنبراطورية العثمانية وكون دولته الجديدة التي تولت تشريع القوانين والأنظمة والتعليمات التي حاولت تنظيم المجتمع، وكان للحياة المسرحية نصيب في ذلك. فقد صدر اول قانون للجمعيات عام 1922 الذي اجيزت بموجبه الفرق التمثيلية والجمعيات الفنية. ان الاتفاق قائم الآن، على ان مدينة الموصل قد شهدت بدايات النشاط المسرحي في العراق، وفيها طبع اول كتاب مسرحي عام 1893، احتوى مسرحية «لطيف وخوشابا» التي تولى ( نعوم فتح الله سحار) ترجمة نصها عن اللغة الفرنسية واسقاط موضوعها على واقع المجتمع العراقي وصوغ حوارها بلغة دارجة. وأرى ان ما حققه نعوم فتح سحار (1855- 1900) نضجا في وعيه بأهمية المسرح كرسالة اجتماعية وشكلا فنيا جميلا. وفي ذلك ايضا دلالة اخرى تتمثل في وجود نشاط مسرحي جار، له انجازات تحققت في فترات طويلة. ومن ذلك النشاط الذي سبق لطيف وخوشابا «ان الخوري هرمز نورسو الكلداني قد كتب مسرحية تاريخية عن «نبوخذ نصر» التي قدمها عام 1888 على مسرح المدرسة الأكليركية في مدينة الموصل، ومن قبلها كانت هناك تمثيليات دينية تعرض داخل الأديرة، مثل « كوميديا آدم وحواء» و«يوسف الحسن» و«كوميديا طوبيا» والتمثيليات الثلاث ارتبطت باسم الشماس حنا حبش، والتي عثرنا عليها عام 1966 وقد ختمت بختم يشير الى سنة 1880. وشهد الربع الأخير من القرن التاسع عشر عروضا اخرى، منها «الأمير الأسير» التي ترجمها عن الفرنسية ايضا وعرضها عام 1895 نعوم فتح الله سحار. ونذكر من هذه العروض مسرحية « جان دارك» التي قدمت باللغة الفرنسية عام 1898 في بغداد وهي شعرية ذات خمسة فصول، ومثل فيها فضولي جاني توتونجي، والبيراصغر، وجبرائيل مارين، وسركيس بنزين، وتوفيق توما، وقسطنطين داود. ولم تشترك فيها اية امرأة وقد تخللت فصول المسرحية انغام موسيقية على العود والقانون، وصار هذا الفصل الموسيقي والغنائي تقليدا عرفته معظم العروض المسرحية التي تواصلت على مدى السنوات التالية وحتى اواسط الأربعينات. وهناك عروض عديدة قدمت في نينوى وبغداد في العقدين الاولين من القرن العشرين، وكانت هذه العروض تقدم من قبل المدارس ويتولى المعلمون اخراجها ويقوم الطلبة بتمثيلها، وفي اطار هذه الفترة شاهد الجمهور عروض باللغات العربية والفرنسية والانكليزية.وفي هذه المرحلة التي سبقت عام 1921 صدرت بضع مسرحيات طبعت داخل العراق وخارجه، منها : المسرحية الشعرية (بلهجة الابطال) للدكتور سليمان غزالة، التي تمت طبعتها الثانية عام 1911، اي قبل ان يطبع الشاعر احمد شوقي كل مسرحياته التي ذاع صيتها. ولمؤلف هذه المسرحية مسرحيات عديدة، في الطب واللغة والاجتماع منشورة بالعربية والفرنسية، وله الى جانب ذلك حوارية شعرية مطبوعة، كما ان له رواية اسمها (علي خوجة).ولم تظهر على مدى المرحلة نفسها اي فرقة تمثيلية، فقد تبنت المدارس هذا النشاط ومارسته وعرضته للجمهور العام، وشجعت طلابها على الاقبال عليه والولع به.

تابعنا على
تصميم وتطوير