عفرين بعد حلبجة واخفاق في صنع السياسة
أراء
أضيف بواسطة zawraa
الكاتب
المشاهدات 1140
تاريخ الإضافة 2018/03/24 - 5:21 PM
آخر تحديث 2025/06/24 - 10:13 PM
[caption id="attachment_156560" align="alignnone" width="213"]

كامران جرجيس[/caption]
في مثل هذه الأيام، وفي صباح ربيعي جميل وقبل ثلاثون عاماً، قٌتلت خمسة ألاف إنسان عزل غاليبتهم من الاطفال والنساء، ليس بسبب تفشي وباء الكلويرا، ولانتيجة الكواراث الطبيعية بل جراء استخدام غازات كيمياوية المحظورة دولياً وفق القوانين والاعراف. في مثل هذه الأيام توقفت مأذن الجوامع عن الصلاة وتعطلت أجراس الكنائس وإنسدت أبواب السماء ومات ضمير المجتمع الدولي عندما لم يتردد نظام البعث في العراق في 16 آذار 1988عن أرتكاب جريمته البشعة بحق سكان مدينة حلبجة حين أستخدم الغازات المذكورة لمنع سقوط المدينة بيد الايرانيين.
لم تسقط المدينة في الحرب الدائرة انذاك بين البلدين لكن سقطت خمسة ألاف إنسان كردي كسقوط أزهار وأوراق اشجار حلبجة، حتى الطيور لم تنجوا من هذه الفاجعة قتل قسم كبير منهم وهاجر قسم أخر المدينة وربما الى الأبد بعد تدمير أعشاشها وتلوث أجواء المدينة ومياها.
منذ فاجعة حلبجة، لم يتوقف العالم عن إنتاج المذابح الجماعية والحروب، تحت ذريعة العرق والعقيدة. حروب البوسنة والشيشان في التسعينيات من القرن المنصرم ،والتطهير العرقي في ميانمار بحق اقلية روهينغا المسلمة في 2017هو خير دليل على ذلك . لم تتوقف مصانع الأسلحة في الدول المتقدمة عن صنع أسلحة جرثومية وكيمياوية. ولم تتردد عن بيعها الى الأنظمة الاستبدادية كنظام بشار الاسد الذي لم يتردد عن إستخدامها ضد مواطنيه بعد انتهاكه «لخطوط الحمر».
قدم المتهمون في إرتكاب جريمة حلبجة الى المحاكمة وأنزل بحقهم عقوبة الإعدام، لكن لم ينته حزن حلبجة ولم تنته معاناة أقارب الضحايا والمصابين، ولم تزل اثار التلوث في مياه المدينة وتربتها. ولم تنتهي سلسة جرائم الأبادة الجماعية بحق الكرد، ومايجري في عفرين من احتلال وقتل عشوائي وتهجير قسري هو فصل أخر من فصول الإبادة والتطهير العرقي بحق الكرد.
ونحن ككرد العراق أخفقنا في تدويل قضية حلبجة ومنحها الوزن التي تستحقها، ولم نستطع أن نكون سندا لأهلنا في عفرين، لأننا أخفقنا في صنع السياسة والدبلوماسية ولم نتعلم من تجاربنا. انشغلنا كثيرا في الفساد وتعزيز نفوذ ومواقع الاحزاب على حساب تأسيس المؤسسات الجامعة.
أخفقنا في الانسجام مع المتغييرات وفهم مخاوف وقلق الاخرين. أخفقنا في استيعاب أهداف وستراتيجيات الدول الداخلة في الصراع على ترتيب مناطق النفوذ في العراق وسوريا. اعتقدنا بان حصة الكرد في مرحلة مابعد داعش في العراق وسوريا هي غير قابلة للنكران لكن نسينا بأن السياسية هي فن تحقيق الممكن وأن العالم يحكمه منطق المصالح.