الحساسية الدينية والصواب السياسي يحكمان خطاب الصحافة البريطانية
المشاهدات 1482
تاريخ الإضافة 2015/01/14 - 6:40 PM
آخر تحديث 2023/05/30 - 2:48 AM
[caption id="attachment_1562" align="alignnone" width="300"]

الحساسية الدينية والصواب السياسي يحكمان خطاب الصحافة البريطانية[/caption]
لندن/متابعة الزوراء:
بعد إدانة الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة، اتخذت غالبية الصحف البريطانية قرارها بعدم إعادة نشر صور شارلي إيبدو، موضحة أن سياستها التحريرية ترفض استفزاز مشاعر أصحاب الديانات. ما بين الشجب المطلق للعنف والتجنب المحسوب لدعم موقف مجلة شارلي إيبدو من نشر رسوم الرسول محمد هوة عظيمة. وعقب اليوم الدموي الذي راح ضحيته أصحاب القلم في مجلة الهجاء الفرنسية، وقعت مشاحنة على تويتر بين الكاتبة البريطانية جيه كيه رولينج وعملاق الإعلام روبرت موردوخ الذي سحب بحماقة اللوم على كل المسلمين بلا استثناء. واجهته رولينج بأنها ولدت مسيحية، “ولو أن هذا يجعل موردوخ مسؤوليتي، سأعاقب نفسي تلقائيا بالحرم الكنسي”. تتوخى فرنسا -رغم فشلها الذريع- “التكامل” الثقافي بين الأديان والأعراق على حين تنتهج بريطانيا سياسة أقل طموحا، وهي سياسة “التنوع” الثقافي، رافعة شعار “عش ودع غيرك يعيش”، ولا يعبأ واضعو السياسيات إن عاش الطرفان في دائرتين منغلقتين لا تَواصل لإحداهما مع الأخرى. وعلى النحو ذاته توالت ردود أفعال الصحافة البريطانية على مجزرة رسامي الكاريكاتير. إذ تلونت مواقف الكتاب البريطانيين بقدر ملحوظ من الحذر، والتفسير بحسب بعض المحللين، قد يتلخص في خوفهم من اتهام المسلمين إياهم بمناصرة توجه المجلة الفرنسية، لذا تخفى البريطانيون وراء شعارات “الحساسية الدينية” و”التناغم بين الأديان”. وحاولت الجرائد القومية، ذا إنديبيندنت وذا صن وذا ميرور وذا أوبزرفر، ألا تستفز أي فريق. وسارت على الحبل في توازن، أدانت العنف، وفي الوقت ذاته أوحت برفضها لاستثارة العنف من قِبل صحفيين يثيرون استياء العالم الإسلامي. ووصمت ذا تايمز الجريمة بأنها “هجوم على الحرية”، ولكنها وصفت رسوم شارلي إيبدو “بالاستفزازية”، “مع كامل رفضهم للعنف”. ومثلها مثل العديد من الجرائد البريطانية، شددت على قلقها من تأثير الجريمة على المجتمع الفرنسي، وحذرت من أن القوميين المعادين للهجرة بزعامة مارين لوبان واليمين الفرنسي المتطرف سوف يستغلون الواقعة لجني مكاسب سياسية على حساب الأقليات المسالمة من الشعب الفرنسي. جرائد أخرى اكتفت بوصف مجرّد للحدث لا يتضمن حكما أخلاقيا واضحا: “مجزرة” كان عنوان جريدة مترو، “قتل في خلال دقائق” كان عنوانا تصدَّر جريدة ديلي أكسبريس، بينما نشرت جريدة ديلي ستار أكثر العناوين تجردا على الإطلاق، “قتل أثناء العمل”. وعلى المواقع الإلكترونية دعا الفنان البريطاني ستيفين فراي مطبوعات العالم الغربي إلى نشر رسوم الرسول الكريم، “أريهم أن القلم سيزدهر والسلاح سيصدأ”، ولكن رؤساء التحرير أضمروا رأيا مختلفا، إذ لم تنشر جريدة بريطانية واحدة تلك الرسوم، “إنها ببساطة ليست سياسة الجريدة،” هكذا أعلن رئيس تحرير جريدة ذا صن. جريدة الغارديان بدورها علقت على الحدث بكارتون خاص بها، يحمل الصحيفة المسؤولية عن سفك الدماء، وفيه يوحي الفنان بأن رسامي الكاريكاتير جلبوا لأنفسهم الخطر وكذا لزملائهم، “إن الرسوم مثلها مثل المتفجرات” على حد تعبير ستيف بيل فنان الكاريكاتير بجريدة الغارديان. ونفى أن شارلي إيبدو تضطلع بدور مجلة برايفيت آي البريطانية، مدافعا عن عدم انتهاج الغارديان المنهج الفكري نفسه الذي انتهجته المجلة الفرنسية قائلا “إنها مجلة كاريكاتير، هناك كاريكاتير ضخم ملعون على غلافها”. وفي مقالة أخرى أوردت الغارديان أن العديد من المسلمين سيعتبرون مثل تلك الصور “تجديفا”، ولكن محرري المجلة الفرنسية لم يستجيبوا للتحذيرات، “وواصلوا نشر هذا التحريض في عدد خاص له محرر ضيف، والمحرر هو الرسول”.أما جريدة ذا تيليغراف فقد ناصرت حق الصحافة في نشر آراء “مسيئة”، مردفة ذلك بنبرات حريصة على أن القرار بنشر هذه الرسوم يعود أولاً وأخيرا إلى قرار فردي من رئيس التحرير، “يعتبر كل الأشخاص الذين تربوا في أوروبا مثل ذلك الهجاء بمثابة جوهر الحياة في دولة حرة. ولكننا لا نشك في أنه مسيء للعديد من المسلمين، مثلما يشعر المسيحيون واليهود بالإهانة لو طعن أحدهم في دينهم، حتى لو لم يصدر منهم رد فعل متطرف بهذا الشكل”. وواصلت، “تُقدم حرية التعبير حرية في الاختيار غير أنها ليس بالضرورة رخصة مطلقة. ولا يعني عدم نشر العديد من الجرائد، مثل جريدتنا هذه، رسوم لمحمد أنها تخشى التحدث علانية. وأي إيحاء بأن عدم تقليد نموذج شارلي إيبدو استسلام للإرهاب إيحاء عبثي: فكلنا نتخذ قرارات تحريرية لتفادي إزعاج الآخرين”. ومع ارتفاع الطلب على العدد المقرر، تعتزم المجلة الأسبوعية طباعة ما يصل إلى ثلاثة مليون نسخة مقارنة مع عدد النسخ المعتادة التي كانت تصدرها وتبلغ 60 ألف نسخة. وقال أحد كتاب المجلة باتريك بيلو إن “العدد الخاص الذي سيصدر اليوم، سيتوفر بـ 16 لغة للقراء في جميع أنحاء العالم”. وقامت الصحف الفرنسية بنشر غلاف العدد التذكاري من المجلة قبل صدوره. وكانت مراكز بيع الصحف تحدثت عن أعداد كبيرة من الزبائن في أنحاء البلاد يتقدمون بطلبات للحصول على العدد قبل إصداره.