رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حدود الحرية المطلوبة


المشاهدات 1024
تاريخ الإضافة 2018/02/21 - 7:36 PM
آخر تحديث 2024/04/24 - 1:29 PM

[caption id="attachment_129610" align="alignnone" width="300"]احمد الجنديل احمد الجنديل[/caption] اتذكر قولا للراحل محمد الماغوط : ( ومن اليمين الى اليسار ومن اليسار الى اليمين ، من دون حرية لا يمكننا الانتصار حتى على دودة القطن ) . الحرية بحدودها لابد منها ، فهي المنبع الذي يمنحنا التفكير دون خوف ، والقول دون توجس ، والكتابة دون تقرير سري يدفعك الى السجن أو الى حبل المشنقة ، وهي المصب الذي تتفاعل فيه الآراء للخروج برأي يحمل دلالة عافيته ، ويدفع بالجميع الى الرؤية الواضحة لما يدور حولنا . الحرية مصدر كل ابداع ، ملهمة لكل رأي سديد ، وراضعة لكل فكر مجيد ، وفي اطار حدودها التي لا تؤدي بنا الى الفوضى وفتح الابواب لكل من هبّ ودب من الناس . لا نستطيع الانتصار على دودة القطن من دون الحرية المطلوبة ، ولا نستطيع الانتصار على دودة القطن عندما تكون الحرية سائبة لا حدود لها . الحرية التي لا تعرف الحدود جعلت الكثير يدخل الى بيوت غير بيته ، والى مناطق غير منطقته ، فاختلط بذلك الحابل بالنابل ، وضاعت المقاييس ، وغابت الرؤى السليمة ، الابواب المفتوحة جعلت الكثير يدخل دون معرفة ولا ادراك ، واصبحنا لا نميز في نهاية المرء بين حفيف الافعى وبين غناء البلابل . ومع كل حدث كبير ، يخرج لنا البعض من الذين دخلوا عالم التحليل السياسي سهوا ، وألسنتهم جاهزة لإطلاق الفرقعات والتصريحات النارية ، والنتائج التي لا تعرف الصواب بسبب الابواب المشرعة لهم . المحللون يدخلون الواضح من الاحداث الى ورشاتهم ليخرجوا لنا بتصريحات لا تعرف الوضوح ، وهم يقسمون أغلظ الايمان على ان ما يقولونه عين الصواب وأصل الحكمة وينبوع الابداع ، وكل عباد الله الذين منّ عليهم الخالق بالفطنة والذكاء يفهمون ان التحليل السياسي يعني قراءة الواقع السياسي بكل مساراته وتفاعلاته وجذوره قراءة دقيقة قائمة على أساس الوعي المنظم المدعوم بالفطنة والذكاء ومتابعة خيوط الاحتمالات التي يتمخض منها هذا الواقع ، وربط الظاهر بالباطن ، والحاضر بالمستقبل ، والمهارة العالية على الاستنتاج والاستنباط ، والتجرد من خطابات العواطف ، والابتعاد عن الاحكام الجاهزة المطلقة ، وامتلاك اللغة الغنية بكل عوامل التوصيل ، ووضع النقاط على الحروف بوضوح تام لغرض معرفة خط البداية للوصول الى تحليل صائب يمتلك مقومات نجاحه . وفي هذا السياق ، أتذكر ثانية قولا للشاعر الراحل نزار قباني (قرأت كتاب الأنوثة حرفا حرفا ولا زلتُ أجهل ما يدور برأس النساء ) . كم نتمنى ان يخرج لنا ممن ركب الموجة ، ودخل الابواب من دون اذن ليقولوا لنا ما قاله نزار قباني ، ليريحوا أنفسهم ويوفروا الفرصة لنا لكي نرتاح من تحليلاتهم التي لا تشبع جائع ولا تضع ثوبا على جسد عريان . الى اللقاء .

تابعنا على
تصميم وتطوير