[caption id="attachment_148307" align="alignnone" width="221"]
من اجل عينيه[/caption]
الزوراء / خاص/ عبد الرضا صالح محمد
من أجل حور عينيه، طردتُ ألوساوس التي كانت تحوم فوق رأسي، وكتبتُ بأقلام متنوعة أنغاما على أوتار اللوعة، ورسمتُ حواجز بفرشاة الهموم؛ لحجب ألعيون المتطفلة التي تتابعني كلما مررت، وكأنها دبابيس تغرس في جسدي 0
وبكل جرأة حطمتُ ألصخرة ألماسية على عتبة بيتي، وخرجتُ لأرى ثلمة الشمس المستحية؛ لعلي أتمتع بدفء بقايا أشعتها، سرت في طرقات ألشبهة، على حافات مائلة كدت أن أنزلق منها، لولا هبات الصدفة التي انتشلتني من أدران السقوط في هاويتها المريرة، وفي كل مرة ، أعود أليه، وحقيبتي فارغة، فأجده لا يزال ينظر إلى الباب الذي ودعته عنده، فأحنو عليه، وأضع رأسي بين ركبتيه ألجاثيتين في عربة احتوته من جراء شظية طائشة، أرسلها أليه هواة الدمار، أحسّ بأنامله تداعب خصلات شعري، وبقايا دموع تتساقط بصمت، ثم أفيق، فأرى حور عينيه، فأذوب في بحر الحز، وأتمرغ برمال الأسى 0
أسقطتُ كل شيء من مفردات بيتي، ما كان ثمينا ونادرا ابتداء من : مجوهراتي الغالية، و انتهاء بعفش البيت المحبب، ولم يبق لي سوى الفراغ والهم وجسدي الممشوق ، الذي كان وبالا علي في أزمتي الخانقة ، وخاتم الخطوبة الذي وضعه في خنصري عندما كان شعلة أستضئ به 0
كل ذلك بسبب ما يسمونه ـ الحصار ـ الذي صدره لنا القابعون خلف أكوام ألخراف ألمفلطحة و الحمام المحشى ...
تجولتُ كثيرا، وبحثت كثيرا، وجربتُ أنواعا من الحرف المتواضعة التي لا تناسبني. شاهدتُ ألأجسام المسندة، والشخوص المتحذلقة، والكل يقدم لي أوراقه ألصفراء ألمخادعة، قصدتُ أسواق الثقافة، ومكاتب الدعاية، وعشرات ألمؤسسات وشركات النشر، علني أحظى بومضة نور، أو أهتدي إلى ظل خفيف احتمي به، أخيرا فشلت وقصدت أصحاب ألجيوب ألمنتفخة، الذين يهمسون لي بضمير ألغائب بالفردوس عن لحظة لقاء0
وفي أول تجربة لي، بدأتُ أخلع عفتي مستسلمة لمخالب الجوع، التي تمزق أحشائي، وألقيتها في أدران ألحضيض؛ من اجـــل فتاة ألطعاـــم ألرخيص، الذي يملأ قمـــامة ألمدينة ، والذي توارى عنا بحجب ظلامية، لا يمكن الاهتداء إليه إلا بالنزول عند رغباتهم0
في أللحظات ألأولى أخذتني وعكة قوية في أمعائي، وانتابني الذهول والغثيان كدت أن أسقط على الأرض لولى أن تداركت نفسي وتماسكت بقوة .
عمدت إلى أخفاء الأزرار في بيوتها الآمنة؛ خوفا عليها من الأنامل المتلهفة، التي تدفعها رياح المجون الفاسدة، وتغري أفكارها الغريزية نحو مكامن الحمام، أعدت ترتيب هيأتي، وهرعت إلى بيتي مسرعة وغمامة من الحزن والقنوط تجتاحني .
وفي طريق عودتي صادفني مدير دار النشر! وأخبرني بقبول طلبي في نشر مجموعاتي القصصية! التي كتبتها بألوان مختلفة، وواعدني بالحضور غدا لتوقيع العقود الخاصة بها! طرت فرحا وأنا عائدة للبيت، كان في وسط البيت ينتظر، وعيناه معلقتان في فضائه، يترقب عودتي ... وقفت أمامه أنظر إلى حور عينيه0
أبتسم لي ...
ابتسمتُ له ، بعد أن أدركت كياني ، قبل فوات ألأوان0