رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الطريق إلى العدالة .. آلية الشكاوى امام غرفة فض النزاعات في الفيفا


المشاهدات 1288
تاريخ الإضافة 2025/11/12 - 1:14 AM
آخر تحديث 2025/11/14 - 8:41 AM

عندما يوقّع اللاعب عقده مع النادي، يعتقد أن الورقة التي تحمل توقيعهما كفيلة بحماية حقوقه طوال فترة التعاقد. لكن الواقع كثيرًا ما يضع هذه الثقة في اختبار صعب. فبين تأخر الرواتب، وفسخ العقود من طرف واحد، وعدم احترام بنود الاتفاق، يجد اللاعب نفسه في مواجهة طريق قانوني طويل قد يبدأ من النادي وينتهي عند غرفة فض المنازعات في الفيفا (FIFA DRC).غرفة فض المنازعات ليست مجرد لجنة قضائية عابرة داخل الاتحاد الدولي، بل هي الجهة المختصة عالميًا بالنظر في الخلافات التعاقدية التي تتجاوز حدود دولة معينة، خاصة إذا كان اللاعب أجنبيًا أو كانت العلاقة ترتبط بانتقال دولي. أهم ما يميز هذه الغرفة هو استقلاليتها، واعتمادها على أدلة مكتوبة، ومقارنة العقود مع لوائح أوضاع اللاعبين. إنها ليست محكمة جنائية، ولكنها محكمة احترافية تقيس السلوك قبل النص أحيانًا.لكي تُقبل الشكوى، على اللاعب أن يمرّ بعدة خطوات إجرائية واضحة. أولها توثيق المطالبة المالية لدى النادي، ثم إرسال إشعار رسمي يطلب فيه تسوية المستحقات خلال مهلة محددة. هذا الإشعار ليس مجرد ورقة شكلية، بل هو مفتاح قانوني ضروري. ففي كثير من القضايا التي وصلت إلى الفيفا، كان الحكم يُرفض فقط لأن اللاعب لم يقدّم الإشعار المطلوب. وهذا يعكس حقيقة مهمة: إن العدالة لا تُبنى بالعواطف، بل بالإجراءات. بعد إرسال الإشعار وعدم الاستجابة، يُرفع الملف عبر نظام TMS أو عبر الاتحاد الوطني. وهنا تبدأ مرحلة تقييم الأدلة. الفيفا لا تستمع لشهادات ولا تتعامل مع المشاعر، بل تشاهد ما هو مكتوب: عقد، تواريخ دفع، رسائل، كشوفات رواتب، مراسلات رسمية. كل شيء يعتمد على الدقة، ولا مكان لعبارة “اتفقنا شفهيًا”. الاتفاق الشفهي في الاحتراف يشبه الكتابة على الماء.لكن رغم وضوح النظام، لا تزال هناك عقبة تتكرر كثيرًا وهي سوء الفهم. بعض اللاعبين يعتقدون أن تقديم الشكوى يعني فورًا استلام الحقوق. في حين أن العملية قد تستغرق أسابيع أو أشهر بحسب تعقيد القضية. وقد تحتاج إلى ترجمة المستندات، وإثبات نوع العملة، وسلامة البنود، بل وحتى إثبات نية الطرفين في مرحلة التنفيذ.من جهة أخرى، تواجه الأندية أيضًا صعوبات حقيقية. فليست كل الأندية تُماطل أو تتهرب، بعضها يعاني من أزمات مالية حقيقية، أو اعتماد غير مستقر على التمويل الحكومي أو العقود المؤقتة. لكن اللائحة لا تعترف بالأزمات المالية كذريعة لإهمال الرواتب. فمن يدخل عالم الاحتراف عليه أن يعرف أن الالتزام المالي أساس وليس نتيجة.الأندية التي تخسر قضايا أمام الفيفا لا تكتفي بدفع المبالغ المتأخرة، بل قد تواجه غرامات وعقوبات إضافية، قد تصل إلى منع تسجيل لاعبين جدد، وهي عقوبة مؤلمة على المستوى الرياضي والاستثماري. هنا ندرك أن اللائحة لا تضرب بالعصا من أجل العقاب، بل من أجل تثبيت الانضباط داخل النظام.
الخاتمة:
غرفة فض المنازعات ليست عدوًا لأحد، بل هي الضمان الأخير لعدالة قد تتعثر أحيانًا في الطريق. اللاعب الذي يعرف إجراءاته ويحفظ مستنداته، والنادي الذي يحترم عقده، لن يحتاجا لطرق أبواب الفيفا.أما من يستهين ببنود الاتفاق، أو يخلّ بمواعيد الدفع، فلا يلومنّ إلا نفسه حين يجد اسمه… في مرمى اللائحة.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير