توجه العراقيون أمس الثلاثاء إلى مراكز الاقتراع في كافة المحافظات من أجل إنتخاب 329 نائباً جديداً ، وتكتسي هذه الانتخابات أهمية بالغة واستثنائية ، إن كان ذلك  على المستوى المحلّي ، حيث تخضع التجربة الديمقراطية العراقية إلى امتحان فعلي ومصيري  ، أو على المستوى الإقليمي المتقلّب وشديد الإضطراب ، ذلك أنّ هذه الانتخابات تجاوز كونها مجرّد إستحقاق دستوري لتحدّد موقع العراق من عديد الملفات الإقليمية الحسّاسة .
  ويُجمع الملاحظون على أنّ نسبة الإقبال ستشكل معيارا أساسيا لمدى نجاح هذه الانتخابات البرلمانية السادسة منذ 2003 , وهي إلى ذلك مؤشّر مهمّ لقياس مدى ثقة العراقيين في نظامهم السياسي وسط تحديات في ملفي الفساد والخدمات العامّة.
 وقد تكون المشاركة الشبابية المنتظرة في الإنتخابات ، والتي تشير التقديرات أنّها قد تفوق نسبتها ال 40 في المائة من الجسم الإنتخابي ، فرصة مواتية أمام العراق لتجاوز الشعور بخيبة الأمل من التجربة الديمقراطية العراقية التي مضى عليها 20 عاماً .
 وإذا كان من غير المتوقّع أن تغيّر بشكل جذري هذه الانتخابات المشهد السياسي العراقي ، فإنّ سيناريو فشلها في إفراز سلطة سياسية قوية ومتوازنة التمثيلية ، سيؤدّي إلى مزيد إضعاف المشهد السياسي ومؤسّسات الدولة ، فضلا عن التهديد الجدّي للديمقراطية العراقية على المدى المتوسّط والبعيد .
 إنّ العراق الموغل في الحضارة الإنساني في إمتحان مصيري وفي مفترق طرق حاسم ، فأمّا القطع مع التيه السياسي والإجتماعي والثقافي والأجندات الخاصّة والإقليمية الملتبسة أو هي الفوضى وانهيار الدولة والمجتمع ؛ وإنّ العراقيين ينشدون مع هذه الانتخابات تحقيق الانفراج والإنطلاق نحو التقدّم المأمول .
 وإنّ العراق العظيم ، إِذْ يحتاج أكثر من أيّ وقت مضى لملمة جروحه من أجل التصدّي لكلّ المؤامرات والدسائس التي حيكت وتحاك ضدّه وتستهدف حضارته المجيدة ،
 فإنّ حاجة حضارة العرب إلى عراق مكتمل السيادة وديمقراطي المنظومة السياسية هي أكبر وأكثر إلحاحا ، وهو ما يدفع إلى القول بأنّ انتظارات المواطن العربي عموما لا تقلّ عن انتظارات العراقيين في رؤية هذا البلد العريق في تاريخه يأخذ دوره الريادي في النهوض بالحضارة العربية والإسلامية التي شهدت إنتكاسة ووقع امتهانها والعبث بمقوّماتها على مدى السنوات .