
في سلسلة حوارات مع المبدعين نستعيد معًا صفحات مشرقة من تاريخ الفن العراقي عبر لقاءات مع فنانين تركوا بصمتهم على الشاشة والإذاعة والمسرح. ضيفنا اليوم الفنان وليد العبوسي، الذي عرفه الجمهور من خلال أدواره المتنوعة، وحضوره المتميز في عدد كبير من الأعمال التلفزيونية، منها مناوي باشا وغربة وطن و أوان الحب و سأمكو .
في هذا اللقاء يتحدث العبوسي عن بداياته، ومشواره الفني، ورؤيته للفن والجمهور، ومواقفه من بعض الظواهر السلبية في الوسط الفني.
* أهلاً وسهلاً بك فناننا القدير في هذا اللقاء.
ــ أهلاً وسهلاً بكم وبجريدتكم واهتمامكم بالفنانين العراقيين.
* نبدأ كعادتنا ببطاقتك الشخصية وسيرتك الفنية.
ــ اسمي وليد سعيد عباس ، أما الاسم الفني فهو وليد العبوسي ، تولّدت عام 1955، وأنا متزوج. بدأت حياتي موظفًا في وزارة الزراعة والآن متقاعد، لكن عملي الفني استمر معي منذ بدايتي في عام 1972، حين كنت طالبًا في المرحلة المتوسطة، من خلال عمل لتلفزيون العراق بعنوان رحلة ماجلان ، من إخراج الفنان المرحوم وجيه عبد الغني. لم أكن حينها أعرف شيئًا عن الفن، لكن من تلك اللحظة أحببت الوسط الفني، وبدأت نشاطي في مراكز الشباب ، وخاصة في مركز شباب الإسكان ، الذي خرّج العديد من الفنانين، منهم عبد الرزاق حيدر، حسين التكمجي، عادل عبد الكريم، وسعد بدر. كما عملت مدربًا لإحدى الفرق النسوية في المركز. لم أكمل دراستي الأكاديمية لظروف خاصة، لكنني واصلت مشواري العملي والفني بحب وإصرار.
* حدثنا عن علاقتك بالإذاعة والتلفزيون؟
ــ كانت علاقتي وثيقة جدًا، فقد عملت كثيرًا في إذاعة بغداد في مسلسلات وبرامج وتمثيليات عديدة. كما قدمت برنامجًا اجتماعيًا نفسيًا بعنوان (من حياتي)، من إخراج شكري العقيدي . كنت أيضًا أمارس كتابة التمثيليات القصيرة منذ المرحلة الإعدادية. استمر نشاطي حتى عام 1980 حين التحقت بالجيش، وبعد عودتي من الأسر عام 1990 انقطعت لفترة بسبب الظروف المعيشية. عدت للفن عام 2004 ، وكان أول أدواري بعد العودة هو شخصية نوري السعيد في مسلسل مناوي باشا – الجزء الثالث . بعدها قدمت أعمالًا عديدة للإذاعة والتلفزيون والمسرح والسينما، لكن التلفزيون يبقى الأقرب إلى نفسي، خصوصًا بعد مسلسل غربة وطن الذي جسدت فيه شخصية أسطة عبد البنّا ، وهي من الأدوار التي أحبها الجمهور كثيرًا.
* أين تجد نفسك بين التمثيل والإعلان والعمل في المسلسلات؟
ــ أنا أؤمن أن الفنان ملك للناس وليس ملكًا لنفسه، والتواضع يرفع من شأن الفنان. لا أتعالى على أي عمل أو مشهد، حتى لو كان صغيرًا أو في إعلان لا يتجاوز الدقيقة. المهم أن يكون العمل قريبًا من الناس ويخدم المشاهد. كثير من الفنانين الكبار بدأوا من «كومبارس»، وأنا واحد منهم.
* وما مدى حبك للمشاهد العراقي؟
ــ المشاهد هو مكسبـي الحقيقي وسندي الدائم في كل أعمالي. هو ربحي المادي والمعنوي، ولأجله أعمل وأسعى لأن أقدم ما يفيده ويرضي ذائقته.
حب الناس هو الرصيد الذي أعتز به أكثر من أي شيء آخر.
* ما الذي لا يعجبك في الوسط الفني اليوم؟
ــ ما لا يعجبني هو دخول وجوه لا تمتّ للفن بصلة، تقدم أعمالًا هابطة تحمل الإسفاف والكلمات البذيئة. لا أقصد التخصص الأكاديمي، بل غياب الذوق والوعي الفني. الفن رسالة أخلاقية وجمالية، وليس مجالًا للسخرية أو الابتذال، ومجتمعنا العراقي أرقى من أن تُقدّم له مثل هذه الأعمال.
* حصلتَ على وسام الإبداع والتميّز لعام 2016، ماذا شكّل لك هذا التكريم؟
ــ التكريم دائمًا يزرع الفرح في قلب الفنان، لأنه يشعر أن هناك من يتابع ويقدّر الجهود الفنية. وسام الإبداع الذي منحته لي رابطة المبدعين العراقيين للفنون الجميلة برئاسة الأستاذ كريم ديوان كان عن أعمالي لعام 2015. في حينها كنت في إيران لتصوير مشاهدي في مسلسل بستان شهر رمضان ، فتسلم الوسام نيابة عني الأستاذ كريم ديوان. وعند عودتي، أقام معهد الدراسات النغمية الموسيقية احتفالًا خاصًا لتكريمي، وكان ذلك من أسعد لحظات حياتي.
* حدثنا عن مشاركتك في فيلم الشهيد الصدر.
ــ الفيلم من تأليف وإخراج عبد العليم طاهر ، ويتناول سيرة السيد الشهيد الصدر (الصدر الثاني) منذ ولادته حتى استشهاده. جسدت فيه شخصية الشيخ العسكري، الأب الروحي للشهيد الصدر، وشارك معي فنانون مبدعون مثل محسن الجيلاوي وعبد الستار الربيعي وعلي الشجيري.. الفيلم من إنتاج قناة دجلة الفضائية، وقد عرض لأول مرة في مهرجان بهو الإدارة المحلية بمدينة الناصرية في الرابع من مارس الماضي. كان عملًا وطنيًا وإنسانيًا نفخر جميعًا بالمشاركة فيه.