
على الرغم من أن العراق لم يصل او يعلن عن حالة الإفلاس الفعلي كدولة غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، إلا أن هناك تحذيرات متصاعدة ومخاطر حقيقية يواجهها الاقتصاد العراقي، والتي يُعدّ الفساد المستشري عاملاً رئيسياً في تفاقمها. ثم إن مصطلح «الإفلاس» يعني عادة عدم القدرة على الوفاء بالالتزامات المالية بشكل كامل، ورغم وجود التحديات المذكورة، فإن الحكومة تأكد عن وجود احتياطي كبير لدى البنك المركزي لكنها تعترف بوجود عجوزات افتراضية أو مؤقتة يشير إلى أن الوضع لم يصل إلى مرحلة الإفلاس الحقيقي، بل يواجه أزمات سيولة مالية محتملة نتيجة الهيكل الاقتصادي الأحادي (النفط).
تتمثل أبرز التحديات الاقتصادية والمؤشرات في الاعتماد الكلي على النفط: يعتمد العراق بشكل شبه كامل على عائدات النفط (تصل إلى نحو 90% من الإيرادات الحكومية)، مما يجعل الاقتصاد هشاً للغاية أمام تقلبات الأسعار العالمية. كما ان ارتفاع النفقات التشغيلية بنحو 80% من الموازنة العامة لدفع المرتبات والمعاشات والرعاية الاجتماعية، مما يترك مجالاً محدوداً للاستثمار في البنية التحتية والقطاعات الأخرى. التوسع الوظيفي العشوائي يزيد من هذا العبء. ثم ان التقارير تشير إلى أزمة سيولة حادة في بعض الأحيان، مما يضطر الحكومة إلى اللجوء إلى الاقتراض الداخلي (من المصارف الحكومية) أو سحب الأمانات الضريبية لسد العجز وتمويل الرواتب. وقد ارتفع الدين الداخلي والخارجي للبلاد بشكل ملحوظ. والمصيبة الاعم وربما المستعصية على الحكومة هو الفساد الذي يعتبر الفساد المالي والإداري عاملاً هيكلياً يُهدر موارد الدولة ويحول دون تنويع مصادر الدخل، ويعطل المشاريع التنموية، ويُبقي نسبة كبيرة من السكان تحت خط الفقر، حيث يُنظر إليه على أنه التهديد الأكبر الذي يفاقم المشكلة الاقتصادية ويحول العجز المالي إلى ظاهرة هيكلية. يساهم الفساد والبيروقراطية في إهدار الموارد المالية وعدم كفاءة توزيعها. كما يُشكل الفساد والاعتماد الأحادي على النفط عبئاً ثقيلاً يضع العراق في منطقة خطر مالية قد تعرقل قدرته على دفع الرواتب والوفاء بالتزاماته الاستثمارية، خاصة إذا استمرت أسعار النفط في الانخفاض، لكن الدولة تمتلك احتياطيات وموجودات نفطية تسمح لها بتجاوز الأزمات المالية الخانقة في المدى القريب من خلال الاقتراض الداخلي. يرى الخبراء أن الحل يكمن في الإصلاحات الجذرية لتنويع الإيرادات ودعم القطاع الخاص ومكافحة الفساد. على الرغم من أن بعض التقارير تشير إلى أن العراق يمتلك احتياطيات مالية واحتياطيات من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي، وأن خبراء يرون أن الوضع المالي مطمئن في الوقت الحالي، إلا أن المخاوف بشأن إفلاس الخزانة أو مواجهة أزمة مالية تبرز بناءً على عدة دلائل وتحديات هيكلية في الاقتصاد العراقي على الرغم من إطفاء جزء كبير من الديون السابقة، لا يزال العراق يواجه ارتفاعًا في مخاطر الديون السيادية التي تتطلب تدخلاً عاجلاً على مستوى السياسات لضبط مستوى الدين على المدى المتوسط. ان تحذيرات المؤسسات الدولية ففي أشاره صندوق النقد الدولي إلى أن العراق بحاجة إلى تصحيح أوضاع المالية العامة وحذر من أن عجزاً مالياً يلوح في الأفق مع تقلص الإيرادات قد يهدد السلم الاجتماعي .