رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
طبّ العرب قديماً من تراث إلى حضارة


المشاهدات 1559
تاريخ الإضافة 2025/10/29 - 8:56 PM
آخر تحديث 2025/11/02 - 11:44 PM

يُعدّ الطبّ العربي القديم من أعرق العلوم التي أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية، إذ لم يكن مجرد ممارسات علاجية، بل منظومة فكرية تجمع بين العلم والتجربة والفلسفة. وكان للعراق، بمدنه الكبرى مثل  بغداد والحيرة وجنديسابور  دور الريادة في هذا المجال، حيث ازدهرت فيه المدارس الطبية، وتراكمت الخبرات التي مزجت بين الطبّ اليوناني والسرياني والفارسي والعربي، لتنتج علماً متقدماً سبق عصره.
قبل الإسلام، كان الطبّ في الجزيرة العربية والعراق يعتمد على التجربة الشعبية  و الطبّ العشبي  و المعالجة الروحية 
وقد عُرف الأطباء الشعبيون باسم  الحُذّاق  أو  الأطباء الحكماء . استخدموا النباتات الصحراوية والزيوت والعسل لعلاج الأمراض.
في  العراق القديم (بلاد الرافدين) ، سُجلت أقدم الوصفات الطبية على الألواح الطينية السومرية والبابلية، مثل  وصفات  نفر  و»آشوربانيبال ، التي تضمنت وصفات لعلاج الحمى والكسور وأمراض العين.
في العهد العباسي، وخاصة في  بغداد ، بلغ الطبّ العربي قمّة تطوّره.
بيت الحكمة  كان مركزاً علمياً عظيماً تُرجمت فيه كتب الطبّ من اليونانية والفارسية والسريانية إلى العربية و برز أطباء كبار مثل:
جورجيس بن بختيشوع  (أول أطباء العباسيين) حنين بن إسحاق  (مترجم جالينوس وأفلاطون في الطبّ)
  الرازي  (أبو الطبّ التجريبي، مؤلف  الحاوي )   ابن سينا  (مؤلف  القانون في الطبّ )
كانوا يعتمدون على  الملاحظة السريرية والتجريب العملي ، وهو ما ميّز الطبّ العربي عن الطبّ الفلسفي القديم.
استمرّ  الطبّ الشعبي  في الريف والمدن:
الحجّامون  كانوا يُستخدمون لإخراج الدم الفاسد.
العطّارون  كانوا يحضرون الوصفات العشبية مثل:  المرّة، الحلتيتة، الكندر، القسط الهندي، الزعفران، والحنظل. وهناك الداية (القابلة) كانت تمارس التوليد والعناية بالنساء.
ومع تطور الازمان أصبح العراق مركز تصدير للمعرفة الطبية إلى المشرق والمغرب فمن بغداد انتقلت كتب الطبّ إلى الأندلس ومصر ودمشق. والجامعات الأوروبية في القرون الوسطى اعتمدت على مؤلفات الرازي وابن سينا في مناهجها الطبية حتى القرن السابع عشر.
ومن اهم الامور التي ما زال بعضها قائما التداوي بالأعشاب المحلية مثل الزعتر والبابونج والحبة السوداء واستخدام الحجامة والكيّ  في الطبّ البديل.
وهكذا يبقى  الطبّ العربي في العراق  شاهداً على مرحلة ذهبية من الإبداع العلمي الذي جمع بين العقل والتجربة والإيمان. لقد أسّس العراقيون والعرب لنهضة طبية سبقت أوروبا بقرون، وما زالت آثارها تتردد في الجامعات وذاكرة الناس حتى اليوم.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير