نعيد مقالا نشرناه في الصحافة العراقية قبل اثني عشر عاما، ومناسبة الاعادة تفاعل دعوى رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال مطر على الإعلامي حيدر عبدالزهرة زكي، هذه القضية التي خرجت عن اطارها المنطقي بين محب ومبغض ، وعارف وجاهل ، ومخلص ومحترف رقص على الحبال .. نعيد المقال كي نقول انه لا جديد تحت الشمس وانه لا يصح الا الصحيح ، وان على الإعلاميين والرياضيين الاطلاع على التاريخ وعلى القانون وعلى مواثيق الشرف كي لا يطغى الهرج على صوت العقل ..
نص المقال القديم الجديد :
ليس كل من دخل المحكمة ارتكب جرما او اقترف ذنبا، فهناك من يدخلها لانه كشف عن حقيقة، او دافع عن مبدأ او نهج صحيح، وهؤلاء هم ارباب القلم من شرفاء اهل الصحافة والادب، ومن الثوار الذي يأبون السكوت على الظلم او التدليس ومجاراة اهل السلطة في غيهم، انما هم ناصحون مضحون من اجل اوطانهم.
وقبل ثلاثين عاما تقريبا اصدر الكاتب الصحفي العراقي المعروف احمد فوزي المحامي كتابا بعنوان “اشهر المحاكمات الصحفية في العراق” فكانت تلك المحاكمات وسام عز وفخر لأبطالها الذين اريد لهم الوقوف في اقفاص الاتهام، وتحولت الى ذكرى خزي وقلق على من رفع الدعاوى، لان النصر في النهاية للكلمة الحرة غير المدنسة بأوحال النفاق، وللرأي الشجاع غير المتورط في مؤامرة المجاملة والمداهنة.
هذا هو التاريخ وهكذا سيظل حال الدنيا، فالحق منصور لان ارادة الخالق سبحانه وتعالى هي التي تكفلت بنصرته ولو بعد حين. هذه البديهية تغيب عن بعضهم ممن تأخذهم العزة بالإثم فلا يشكرون الله على ما اسبغ عليهم من نعم لا تعد ولا تحصى، فجعل لهم كلمة تسمع بعد ان كانوا يجوبون الاراضي خائفين فزعين من صروف الدهر، وهؤلاء تراهم في كل مكان في السياسة وفي العسكرية وفي الثقافة وفي الفن وفي الرياضة وفي التجارة، وحتى في المهن التي قد تكون بسيطة، الا ان الرغبة في التعالي والتسلط على رقاب العباد تظهرهم كما هم.
هذه توطئة للاشارة الى مسألة خطيرة في الرياضة العراقية اخذت ابعادا لا يمكن الصمت ازاءها بعد الاحتلال البغيض، اذ صار التهديد بالقضاء نغمة نشاز تعزف في غير اوانها ولا المكان المناسب لها. هؤلاء من يهددون بالقضاء يسعون الى خلط الاوراق واسكات اصحاب الرأي الشجاع ولاسيما انهم يملكون حضورا اقوى من الصحفي في ساحة التحدي غير المشروع لا بالنيات ولا بالادوات، وهكذا فإن الصحفيين العراقيين اما يقتلون بأيدي المجهول بالنسبة لهم المعلوم عند غيرهم، او يهددون بالقضاء والتعويض الخيالي، وفي الحالتين الهدف واحد هو اسكات الاصوات القادرة على تخطي حاجز الجبن واشهار الحقائق بما ينفع الوطن.
ان سبلا كثيرة يمكن بها تصحيح الاخطاء التي يرتكبها الصحفي المشهود له بالنزاهة والشرف والمكانة الرفيعة وكل انسان خطاء وهذه من سنن الله عز وجل في كونه وفي عباده، إلا ان التهديد يبقى سلاحا بيد المستشار الضعيف يسلمه الى ولي امره فيغشه ويقلل من قيمته، لان التهديد من موقع القوة المكتسبة بطريقة ما ليست من شيم الفرسان، فالرجال الحقيقيون سلاحهم الاول الصبر والمقارعة بالحجة والرأي، وكل ذلك يدفع به بواسطة وقود النية الصادقة، فهل نبني رياضة بنيات فيها من الدفين ما لا يعلمه الا الله؟، طبعا لا والف لا، كما ان الرياضة لا تبنى بتهديد الصحفيين بالمحاكم، لانها انما تتحول الى وقفات عز يلتف حبلها السميك على رقبة رافع الدعوى ومن خذله بتقديم استشارة لئيمة. ان الطرق الى تصفية القلوب وتحقيق الاهداف الكبرى اكثر من ان تحصى حين يمتلك الجميع القدرة على التسامح والتحاور والتعاون لبناء رياضة غد افضل خالٍ من مستشاري السوء.
1/ 9 / 2012