جريدة الزوراء العراقية

« الأشقاء»


ابراهيم الديب
 شديدي القوة، والبأس، والطول، والعرض أكثرهم عقلا شقيا  مخبولا ...لا تصلح اللغة من وجهة نظرهم للحوار، أو للنقاش أما العقل : فهو مستبعد تماماً إذا نشب ببنهم خلاف على أتفه الأسباب وقد ينشب دون سبب، هم دائما أبدا  مختلفون  وكأنهم لذلك خلقوا من أجل ذلك .
  المعارك تدور بينهم على الدوام وكأنها طقس مقدس، وهي القاعدة التي تخترقها أحياناً ببعض الاستثناءات من فترات الهدوء الحذر  التي لا تستمر طويلاً... تنشب إحدى المعارك الطاحنة بينهم مثلا بسبب نظرة من أحدهم لأخيه  لم يجد فيها الطرف الآخر ارتياحاً حسب تفسيره بأنها: تنطوي في جزء منها على احتقار أو استخفافا فيسأله بلهجة غاضبة لماذا تنظر إلى هكذا؟ لينوب من سئل على الفور بلكمات وضربات يسددها له مباشرةً  للسائل، قبل روسيه توقع اسنانا وتفتح رأسا وحاجب وعمل لأطباء تسعف وتداوي، ليرد عليه المصاب بضربات أقوى منها أو مثلها .
 في بادئ الأمر تتدخل المارة ومعهم الجيران من أجل إيقاف المعركة، لن يمر وقت طويل حتى تنقل سيارة الإسعاف كل من تدخل من أجل انهاء القتال للمستشفيات؟! بينما يظل الإخوة  أكثر نشاطاً وقوة يسددون ضرباتهم القوية باتجاه بعض، لم ينل منهم كل ما سبق أو يبدو عليهم شيء من الإرهاق البدني، ثم ينضم بقيت الأشقاء لساحة القتال كل يعاضد ويساند فريقه الذي يؤيده، ثم تتدخل مجموعات جدد من الناس  لمحاولة فض الشجار العنيف والتهدئة، لا يكون نصيبهم وحظهم أفضل من سابقيهم فليحقون بهم إلى المستشفى أيضاً، بينما الإخوة في أرض المعركة مثال حي لنظرية دارون البقاء للأقوى لتكافئ الفرص والقوة البدنية والتناحة ليوم الدين والقدرة على المناورة.
 ثم تتقدم أطراف أخرى بحذر شديد دون الاتحام معهم من أجل فض المعارك تقف على مسافة من أجل الحل الودي  تحافظ هذه المجموعة على  أن تكون بينهم وبين الأشقاء مساحة من الأرض تبقيهم بعيدا نسبياً عن مصدر الخطر و من الاصابات، ولكن تبوء محاولتهم بالفشل، أحد الجيران يتمتع بذكاء وخبرة وبعد اعمال عقله في هذه المعضلة قدم اقتراحا لهذه والمشكلة المستديمة العصية على الحل، مفاد رأيه أنه بعد مشاهدة عدة معارك طاحنه بين الأشقاء في السابق ،انتهي لنتيجة أنه في كل مرة بتدخل فيه الجيران والمارة لفض الشجار هم من يذهبون للمستشفيات، و يظل الأشقاء في ساحة المعركة لأنهم يتمتعون بتكوين بدني ضخم و عقلي مختلف و متخلف في نفس الوقت، وأن لاحظ أيضاً أن بداخلهم طاقة ولابد أن تخرج  ومن الأفضل  أن يخرجوها باتجاه بعض لأن لديهم قدرة  على التحمل،فلا ذنب لكل من يريد أن يفض النزاع بالذهاب للمستشفى تكسر له اسنان واذرع ، ولأنهم لا يشعرون بالاصابات أو بأي إنهاك  بدني: إلا بعد  مدة تتراوح ما بين خمس، أو ست ساعات من بداية المعركة  ،فبعد هذه الفترة الطويلة تحدث لهم إصابات ينتج عنها، وعاهات  فيما بينهم ويسقط أكثرهم علي الأرض من آثار الطحن المستمر في الفترة التي بين الخمس والست ساعات .. فمن الافضل أن تظل الجيران تراقب عن كثب من بعيدا  ودون  تدخل لأنه خطأ  تكتيكي في  السابق ،ل لأن الأشقاء ما زالوا بقوتهم وباسهم الشديد،  وبالفعل نجحت الخطة وطبقت على معركة بينهم، فانتظر الجيران والمراقبون الفترة التي قدرها الرجل الذكي حتى خارت قوة الأشقاء  وتتابع سقوطهم علي الأرض، ليبدأ الجيران بعدها في التدخل بأرسالهم للمستشفيات في سيارات الإسعاف ..


المشاهدات 1318
تاريخ الإضافة 2023/04/01 - 5:14 PM
آخر تحديث 2024/03/20 - 1:17 PM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com