رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الأزمة واحدة و التشخيص متعدد


المشاهدات 1169
تاريخ الإضافة 2023/04/01 - 5:08 PM
آخر تحديث 2024/04/05 - 10:09 AM

احتدم النقاش العام في المغرب حول الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد ، و التي تسببت في ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية . و لم يقتصر هذا النقاش الساخن، على الرأي العام و وسائل الإعلام ، و لكنه امتد إلى المؤسسات الدستورية المتخصصة ، التي اختلف تشخيصها و تباينت اقتراحاتها بالنسبة للحلول التي تراها مناسبة للحد من الآلام الاجتماعية التي تسببت فيها هذه الظرفية .
في هذا الصدد أكد المندوب السامي للتخطيط الذي يرأس أهم مؤسسة رسمية مختصة في التخطيط و التوقعات ، أن الاقتصاد الوطني ليس على ما يرام ، و دعا الحكومة إلى التعامل مع الرأي العام باحترام و إخباره بالحقيقة . و أضاف بالقول « ما أراه هو أننا نفعل العكس تماما بالقول إن كل شيء على ما يرام ، و أن مشكل التضخم سيحل من خلال الآليات النقدية ، لسبب بسيط هو أن هذا يسعد المنظمات الدولية ) معتبرا أن ( الرافعة المالية ليست هي الحل لخفض التضخم ، و إنما الاصلاحات الهيكلية لسياسات الإنتاج). و أن أسباب الأزمة داخلية و ليست خارجية ، و يقدم هذا المسؤول السامي وصفة مغايرة للخروج من الظرفية الاقتصادية الصعبة تتمثل في الإبقاء على ارتفاع الأسعار ، و اعتبار التضخم جزء من فترة الإصلاح .
والي بنك المغرب (رئيس البنك المركزي) لا يشاطر المندوب السامي للتخطيط التشخيص و لا الحلول المقترحة . فقد اعتبر مجلس البنك المركزي في بلاغ رسمي له أن العوامل الخارجية كانت سببا رئيسا في دخول المغرب في مرحلة اقتصادية حرجة . و قرر مجلس البنك المركزي الرفع من معدل الفائدة للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من سنة ، و قال إن رفع سعر الفائدة من شأنه كبح جماح التضخم الذي وصلت نسبته لأول مرة إلى 10 بالمئة .
الحكومة من جهتها تقدم طروحات مختلفة ، إذ ترد أسباب الظرفية الاقتصادية الصعبة إلى توالي سنوات الجفاف ، بما أثر بشكل كبير على القطاع الفلاحي . إذ عرف الموسم الفلاحي السابق جفافا خطيرا ، بينما عرف الموسم الحالي شحا كبيرا في نسبة الأمطار ، لذلك كان من الطبيعي أن تنعكس التقلبات المناخية على حجم الإنتاج الفلاحي ، مما كان سببا في تراجع العرض و ارتفاع أسعار العديد من المواد الفلاحية و الاستهلاكية . كما تؤكد الحكومة في دفوعاتها على أن الاقتصاد المغربي تضرر كثيرا من العوامل الخارجية ، خصوصا ما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية و تداعيات جائحة كورونا . و هي العوامل التي أحدثت اختلالات عميقة و ضخمة في سلاسل الانتاج و التسويق . و أن الارتفاعات المهولة في أسعار النفط في الأسواق العالمية كلفت المغرب مبالغ مالية ضخمة إضافية لم تكن متوقعة . و يذكر أن المغرب يستورد جميع احتياجاته من النفط و الغاز من الخارج . و ترد على منتقديها بالقول إنها بذلت مجهودات كبيرة و جبارة للحد من تأثيرات جميع هذه العوامل على القدرة الشرائية للمواطنين ، من قبيل تقديم دعم مالي منتظم لمهنيي النقل لتجنب الزيادات في أسعار النقل ، كما قررت زيادات مهمة في رواتب موظفي العديد من القطاعات كما هو عليه الحال بالنسبة لقطاعات الوظيفية كما قدمت دعما ماليا ضخما للمكتب الوطني للماء و الكهرباء لتجنب الزيادة في أسعار الكهرباء ، كما واصلت إنجاز الاصلاحات الهيكلية ، خصوصا ما يتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المواطنين ، مما كلف خزينة الدولة مبالغ مالية أخرى .
الأطراف الثلاثة متباينة فيما بينها حتى في توقع معدل النمو المرتقب تحقيقه هذه السنة ، فقد تراجع والي بنك المغرب ( مدير البنك المركزي ) عن نسبة 3 بالمئة التي حددها سابقا ، و قال إن هذه النسبة لن تتجاوز 2 بالمئة ، بينما يرى المندوب السامي للتخطيط أن هذه النسبة لن تتجاوز 2,5 بالمئة ، في حين تقدر الحكومة نسبة النمو هذه السنة في 4 بالمئة .
هكذا حينما تتفرق السبل بالمؤسسات الرسمية في تشخيص الوضعية و في تقديم الحلول ، فإنه من الطبيعي أن تزداد الصورة التباسا و غموضا لدى الرأي العام الوطني الذي يعيش قلقا متزايدا بسبب استمرار تعقيدات و تداعيات الظرفية الاقتصادية الصعبة .
 


تابعنا على
تصميم وتطوير