جريدة الزوراء العراقية

ثقافة الرصيف .. ما لها وما علينا


 هيثم محسن الجاسم
 من فضيلة السفر زيادة المعرفة، ومن ولعي ومزاجي زيارة المكتبات واقناء بعض الدوريات العربية التي لاتصل العراق.. ولفت انتباهي ولامس فكري في مجلة ادب ونقد المصرية العدد ٤١٦ ديسمبر٢٠٢٢  تقريرا ثقافيا تصدر المجلة للكاتب المصري عيد عبد الحليم بعنوان «ثقافة الرصيف خطر يهدد العقل المصري» . والحقيقة يهدد العقل العربي ، فكل ماسطره عيد من سطور ما هي إلا دليل على حسن المتابعة والبحث القيم لانقاذ الواقع الثقافي الرسمي من ثقافة الرصيف كظاهرة سرطانية تهدد وجودنا الحضاري كأمة عربية لها جذور تاريخية عميقة موغلة بالقدم بل من ارضنا سطع اشعاع الحضارة الاول ، وضمن تقريره او بحثه عناوين داخلية لأذرع تلك الثقافة واسباب انتشارها ، منها اولا: «الارصفة وثقافة الظل» ؛ وهو خطاب ثقافي مغاير للخطاب الثقافي الرسمي، وهذه الثقافة الظل كما اطلق الباحث عليها منتشرة بين شبابنا كلغة تخاطب وتشمل اختلافهم في انماط سلوكهم واذواقهم الجمالية والفنية حتى مايرتدونه من ثياب وما يبدونه من اهتمامات تختلف بدرجة واسعة عن ابائهم . ويتساءل الكاتب: هل يمكن بناءً على هذا ان ننسب ثقافتهم الى الثقافة الشعبية الشائعة اليوم ؟
 ويجيب عليها نفسه : ان هذه التسمية ثقافة الظل لاتتفق مع مفهوم الثقافة الشعبية المحدد من علماء الانثروبولجي والفلكلور . 
وتحت الفقرة واحد  تناول مظاهر ثقافة الظل ؛» الطب الروحاني» وهو من اكثر الكتب رواجا ، بعضها بدون تصريح من المؤسسات الاسلامية المعنية وبعضها بدون رقم ايداع بل حتى بدون مؤلف اصلا، وهي كتب تختلف عن الطب الشعبي او التداوي بالاعشاب، وتزعم العلاج ببعض الايات القرآنية او التعاويذ . 
وعنوان اخر «الادب الهامشي»؛ واسند هذا المصطلح الادبي الى ريشار جاكمون وهو بعيد عن الجوانب الفنية ويجد ارضا خصبة لدى عامة القراء وهو ادب بوليسي عن الجاسوسية وسلاسل قصصية ذات طابع  شعبي تلبي حاجة الجمهور جنسيا . وعنوان ثالث «ادب الجان» ويلقى رواجا واقبالا جظاهيريا وهو قصص يكون فيها الصراع دراميا بين الانس والجان . 
وفي الفقرة ثانيا من البحث بعنوان «مشايخ الكاسيت في الريف المصري» يتناول الكاتب عيد وجها اخر لثقافة الرصيف تتضمن شرائط الكاسيت والكتب التي تبث المعرفة بشكل مغلوط في اذهان العامة،وافرزت تلك الثقافة نوعا من الغناء الشعبي رغم عدم دقة التسمية ، هي تجارة مضمونة الربح .
خلاصة القول ان الكاتب عيد عبد الحليم من خلال منبر ادب ونقد وضع اليد على جرح عميق ملتهب سيودي بثقافتنا العربية الاصيلة اذا لم يعالج الى هلاكها، ويمسخ شكلها ومضمونها التاريخي ويجعلها امة هجينة ورجعية متخلفة عن الامم المنطلقة بقوة في افاق التمدن والحضارة .


المشاهدات 1228
تاريخ الإضافة 2023/03/29 - 5:19 PM
آخر تحديث 2024/03/29 - 6:17 AM

طباعة
www.AlzawraaPaper.com