رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
المواطن بين الغلاء والاكتفاء


المشاهدات 1374
تاريخ الإضافة 2023/01/23 - 8:17 PM
آخر تحديث 2024/03/28 - 9:58 PM

كثر الكلام في الآونة الاخيرة عن تشجيع المنتوج المحلي بكافة اشكاله وصنوفه .
ونحن جميعا بلا شك نشجع الانتاج المحلي، والاكتفاء الذاتي للبلد ولاسباب كثيرة، أبرزها عودة بلدنا العزيز الى وضعه الاقتصادي الصحيح، من خلال فتح وتحريك المصانع والمعامل والمزارع، وعودة الايدي العاملة العراقية الى العمل الحقيقي مجدداً، وايضا من خلال التفكير ملياً وبشكل مدروس بالانتاج المحلي وتطويره، وارساء دعائم التنوع الاقتصادي بالبلد، من غير الاعتماد على النفط كمصدر اساسي لاقتصاد البلد. 
لكن عندما نرى ان المنتوج المحلي غير كاف لسد حاجة المواطن، يجب على الحكومة دراسة الموضوع بشكل جدي، وفتح باب الاستيراد أمام النقص الحاصل في السوق، حتى لا ترتفع المواد، ولاسيما الغذائية منها وتنهك المواطن.
وهنا اضرب مثلا ..ان استمرار ارتفاع  سعر بيض المائدة العراقي ومنذ أكثر من عام، حتى وصل حاليا سعر طبقة البيض من 7000 الى 8000 دينار في الاسواق، الامر الذي جعل المواطن في حيرة من امره، ويتساءل لماذا لاتسمح الحكومة باستيراد بيض المائدة بكميات تكفي لسد النقص في السوق، والسيطرة على الاسعار، وترك الاختيار للمواطن بحرية الشراء المحلي ام المستورد، وبذلك تقضي الحكومة على الغلاء الحاصل حاليا.
ايها السادة ..ان بيض المائدة ولحوم الدواجن ومقطعاتها مواد أساسية للعائلة العراقية، وهن أكثر المواد تاثراً من قرار منع استيرادها ، او التقليل من استيرادها، وبشكل كبير وملحوظ.
 ولربما سائل يسأل.. اذا كانت الحكومة حريصة على الانتاج المحلي، اما كان الاجدر بها أولاً ان تحدد سعر البيض ولحوم الدواجن رسميا، لكي لا يتم  التلاعب من هذا الطرف او ذلك باسعارها، وايضا تطلع على احصائيات انتاج البيض المحلي، هل هو فعلا يسد حاجة البلد باستمرار، ام هي فترة محدودة.. لان المواطن بدأ يرفض فكرة حماية المنتوج المحلي مقابل ارتفاع سعره وقلته في الاسواق. 
واقول ..اتمنى ان لا يكون حالنا كما يقول المثل العراقي « الشبعان ما يدري بدرد الجوعان».
جميعنا يعلم وضع المواطن الاقتصادي، الذي لا يحتمل الغلاء، ولاسيما الطبقة الكادحة والمدقعة التي تشكل نسبة كبيرة في البلد.
ان كتابتي عن الغلاء في السوق العراقية، مستشهدا بغلاء البيض والدواجن هي رسالة أضعها بين يدي المسؤولين على ملف الاستيراد والاكتفاء بالبلد، لاتخاذ الاجراءات اللازمة.
بالعودة الى التنوع الاقتصادي ..اقول.. ان التنوع الاقتصادي يهدف في اي بلد الى خلق قطاعات عمل وانتاج جديدة، واحياء ما كان متوقفاً او معطلاً.
ويعرف التنوع الاقتصادي على انه استخدام الأموال، ولاسيما أموال النفط لخلق قاعدة تديم الاقتصاد ما بعد النفط، من خلال تطوير البنى التحتية  والزراعة وإقامة الصناعات والاستثمار في المجالات ذات الانتاج الحقيقي، وإيجاد مصادر إضافية غير نفطية لزيادة الايرادات للموازنة العامة للبلد.
 وفي ذات الوقت خلق مصادر مستديمة للاستخدام في القطاعات الإنتاجية والخدمية لاستيعاب الأعداد المتنامية الداخلة لسوق العمل، بعيداً عن الاستخدام الحكومي.
اذاً  ان أهمية وضرورة التنوع الاقتصادي تظهر من خلال تجنب المخاطر والتقلبات التي تكون نتيجة للاعتماد على مورد واحد، وبما ان للتنوع هذه الاهمية الكبيرة.
 اذا ينبغي على جميع البلدان ذات المورد الواحد ومن بينها بلدنا العراق ان تسلك طرق التنوع الاقتصادية، من اجل الوصول الى بر الأمان من تلك المخاطر والتقلبات. 
من هنا اقول: صحيح ان النفط في بلدنا هو العامل الاول والاساسي للاقتصاد، لكن ليس من الصحيح الاعتماد عليه كمورد اقتصادي وحيد للبلد، بل يجب، ان تفكر الدولة بشكل ممنهج وعملي على فتح منافذ اخرى للتنوع الاقتصادي لتزيد من ايراداتها، وتخفف عن كاهل المواطن. 
ختاما.. ان التفكير بعملية التنوع الاقتصادي يؤدي إلى فتح مجالات جديدة وعديدة ذات قيمة عليا، وقادرة على توفير فرص عمل أكثر إنتاجية للأيدي العاملة، وهذا سيؤدي إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي في البلد، والقضاء على النسبة الكبيرة من البطالة بشكل واضح وملموس.

 


تابعنا على
تصميم وتطوير