رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
حكايا وخواطر ناهد تاج .. قراءة تحليلية في مولود المؤلفة الفني (ولأنها درويشة)


المشاهدات 1306
تاريخ الإضافة 2022/09/29 - 12:55 AM
آخر تحديث 2024/04/21 - 12:13 PM

أمل رفعت
صنفت ناهد تاج الفنانة التشكيلية، والأديبة مولودها الأدبي الفني بأنه حكَايا وخواطر مصورة؛ حيث دمجت الألوان مع الحبر، وشيء من الصوفية التأملية؛ لتقدم لنا هذا الفن السردي الذي يدعو إلى التأمل والتصالح مع النفس مع لمسات من ألوان الحزن كما يبدو من اللوحات التشكيلة والتي كانت معظمها من فن البورتريه وبعض لوحات الورود التي تتآلف في غموضها مع لوحة زهور الخشخاش للعبقري فان جوخ.
حينما يبدأ المتلقي القراءة سيواجه أولًا بالعنوان وهو عبارة_ من وجهة نظري_ عن جزئين؛ عنوان رئيسي( ولأنها درويشة)، وعنوان تصنيفي وهوحكايا وخواطر مصورة.. وفي تحليلي المتواضع كمتلقي؛ اسمحوا لي أن أبدأ من هذا العنوان الذي يوحي بالتأمل والإيحاء التصوفي، كما هو معروف بأن الدرويش يحمل تصوفه وعشقه الإلهي في قلبه، ويدندن يهذا العشق هائمًا في الملكوت، ربما من خلال تأمله في صمت، أو علنًا في تغنٍ بهذا العشق الإلهي وهو يدور بتنورته، أو قد يؤخذ هذا التصوف كمعادل موضوعي لعرض حكايا وخواطر الفنانة ناهد تاج، ومن هنا يستدرج القارئ للجزء الثاني من العنوان حيث يتخيل ما هو مقبل على قراءته، وقد يتوقع، فقد توقعت مثلا أنني مقبلة على نوع من فن المقامات كمقامات الحريري مثلًا، أو كسرد حكائي كحكايات الجاحظ؛ وهذا العنوان يتيح للقارئ أن يتحسس طريقه السردي فهو عنوان صريح ومريح لأي قارئ بعيدًا عن تشتيتات التصنيفات المختلفة كالقصة القصيرة جدًا، وهذا ما سأطرحه من خلال هذا التحليل فيما بعد.
نأتي بعد ذلك للغلاف وهو لوحة فنية لناهد، ومن الواضح أن ألون الموف المتدرجة، أو البنفسجيات هي ألوان الفنانة، ولن أتطرق للوحات بداخل الكتاب فهي تحتاج فنان متخصص لتحليلها، لكن دعونا نربط بينها وبين السرد لأن بالتأكيد وجودها هو من مفاتيح السرد، أو أن هناك ما يربط السرد باللوحات، وما وجدته في معظم السرد تأملات حزينة وهو الرابط الوحيد الذي يربط السرد باللوحات الفنية، فمعظم البورتريهات حزينة وأكثرها باكية، حتى الورود لها ألوان بنية موحية بالخريف والتساقط  والاصفرار وبداية الشيخوخة، ولن أخفي أنني كمتلقي حاولت أن أجد روابط أكثر من ذلك، وقد تعثرت في البداية وخاصة مع أول حكاية حيث كان قبلها لوحة وبعدها لوحة، وكنت أتساءل هل أول حكاية تأخذ أي لوحة حتى أرتب ذلك على ما بعدها من سرد ولوحات، وهذا أصابني ببعض التشتت إلى أنني ارتحت إلى جعل اللوحات فنًا موازيًا للسرد ولا أجعله يتقاطع معه.
أو ل حكاية أدهشتني لأنها ببساطة تحمل كل سمات القصة القصيرة جدًا والقصة بعنوان شامبين، وقد ظننت بأنني مقبلة على قصة قصيرة جدًا وأن الفنانة لم تغرر بي كقارئ ولكنها دفعت ببعض القصص القصيرة جدًا حتى يعلم القارئ أنها تكتب هذا النوع من الفن السردي، وربما كات تخرج لسانها لبعض المتشددين من النقاد؛ فهم لن يستطيعوا أن يفرضوا آرائهم المتشددة في فن القصة القصيرة كوجوب بدايتها بفعل مضارع مثلًا، ولم تكن شامبين القصة الوحيدة التي عثرت عليها، ولم أبحث كثيرًا، فنص رجاء له من الغموض التصوفي ما يؤهله لأن يكون قصة قصيرة جدا، كذلك في نص( محطة مصر) فنهاية هذا النص داهشة.
لم اتعب نفسي بعد ذلك في البحث عن التصنيفات فقد تركت نفسي للخواطر التي سرت معها في طريق التأملات الروحانية، وهمت كطيور من الظلال فوق العالم مع عوالم ناهد تاج ولوحاتها؛ ألتقط أنفاسي في ثنيا رقة المشاعر وتعابير البورتريهات واللون البنفسجي الحزين.
ولقد اخترت هذا النص الرقيق الذي يحمل لغة شعرية حالمة، النص بعنوان لا تلمني:
«إن مات الورد الذي أهديتني في عيد مولدي لا تلمني فقد قتلني العطر الذي اعتصرته لك من أريجه فأهديته لغيري»
 نجد أنه مقطوعة غاية في الرقة وبالرغم من عدم وجود الفصلة المنقوطة بعد كلمة مولدي، وبذلك يقرأها المتلقي خاطرة ويهيم معها فوق سحابات التأمل، ولن أجامل بأنني سعدت بأن أقرأ هذا الكتاب الفني الراقي وأهيم مع الدرويشة ناهد تاج.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير