رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
الإيحاء والانزياح في قصة «السيكارة».. القصيرة جدا نموذجا للنص المكثف ذرائعيا


المشاهدات 1322
تاريخ الإضافة 2022/09/27 - 7:09 PM
آخر تحديث 2024/04/15 - 8:55 AM

دراسة مختزلة للناقد الذرائعي هيثم محسن الجاسم 
القاص خالد مهدي الشمري / صدر له في القصة “ نبوءة حمامة “ و”انا الظل”و “جذور عنيدة”و “غبار الارواح “
الرواية :”على حافة الخوف “
النص : “السيكارة” ق.ق.ج 
“اشعلها بمشاعره الهياجة بعد ان اغوته, يراقبها عن قرب ,يطيل التأمل وهي تحرق نفسها, تذوب بين يديه ,تشعل الذكريات والاحاسيس ,تجمعهما النشوة والخدر ,تخلع ثوبها فيزداد توهجها اكثر  ,تطوف عليه الافكار ,يسرح في ملكوت العزلة ,يؤرجح قدميه كي تداعب اصابعه الامواج وجبينه المتعرق يصافح الشمس, يرمق بطرف عينه بين حين واخر ,يبحث في السماء عن الطيور, لكنها تحلق فقط في مخيلته ,تتوهج كلما داعبها بشفتيه ,تحمر اكثر فاكثر, ليشتعلا معا بثورة جمرها ,ويكتفيا من بعضهما لتنتهي اللحظة ,ويخمد الشوق ,وتنتهي اللذة ,ليطفئها بقدمه.”.
ديباجة النص العام :
في هذه القصة دلالات تشير الى رموز غامضة خفية لا تحدد الاشارة الى المعنى,استعان القاص بعدة بنى تعبيرية وانزياحات في حبك متكامل لنص قابل ان يكون ثيمة لرواية. هنا, القاص اعتمد الاسس السردية البنائية من مقدمة ومتن ونهاية . فنلاحظ, قد اشار الى رمز محمل قابل للتأويل لوغيبنا العنوان المفتوح ,فقد نفهمه نصا عن المرأة او النار, لكن عنوانه الصريح اختصر التفكيرعلى المتلقي وضيع عليه متعة التأويل لاستنطاق النص يحثا عن الثيمة الرئيسة المخبوءة . ولكن برزت امكانيات القاص في السرد بجماليات النص وبيانه وبلاغته الرائعة .
التحليل الدلالي الايحائي :
ابتدأ النص بدلالة ارتكازية “ اشعلها بمشاعره الهياجة بعد ان اغوته, يراقبها عن قرب ,يطيل التأمل وهي تحرق نفسها, تذوب بين يديه “
عبر مفرداته “اشعلها... , تحرق ... , تذوب ...” فكانت الافعال محملة لكي نصل الى معاني الدلالات بالبحث عن مدلولاتها في الذهن . وتبعها بدلالات اخرى “ يسرح في ملكوت العزلة , تداعب اصابعه الامواج , يبحث في السماء عن الطيور , تحلق فقط في مخيلته”, وعند الغوص في اعماق النص تتكشف لنا احاسيس ومشاعر البطل زمكانيا وهو يمتص السيكارة ويسرح بخيال جمالي هياة له القاص من الكلمات المكثفة لتحملها الى المتلقي مثيرة فيه الدهشة والاعجاب .
ثم يتدحرج الى النهاية بدلالات “ لتنتهي اللحظة , ويخمد الشوق , وتنتهي اللذة , ليطفئها بقدمه “ هنا يكتفي القاص في سرد احداثه “باكتفائهما من بعضهما “, ولولا فتح الرمز بالعنوان المباشر لا بقى القاص المتلقي سارحا في هيام اللذة الجنسية الايحائية من دلالاته الموحية التي تدفعها عقل المتلقي للتاويل الدلالي ولكن فتح الرمز بالعنوان جرد النص من حلاوة التأويل الذرائعي (الايحائي). 
المستوى النفسي :
عاش البطل لحظات من الخيال الجميل في عزلة ملكوتية لما دخن السيكارة وساح في عالم الطبيعة بتأمل جمالها والقها وتلاشت بإطفائها .
المستوى الديناميكي : 
تميز القاص بإبداعه بتوفر عناصر البناء الفني والجمالي لما امتلا نصه بالانزياحات نحو الخيال والرموز عبر دلالات محملة بالمعاني اضافة لتقنيات السرد من الصور البلاغية وعناصر البيان من الاستعارات والتشبيهات الموفقة والتشخيص (أنسنة السيكارة).
المستوى الاخلاقي :
حافظ القاص على القيم الانسانية الاخلاقية ولم يتجاوز الذوق العام بخدش الحياء , وكانت النص بالرغم من كونه موحي جنسيا, لكنه بفك طلاسم  الرمز طوعا بالعنوان المباشر حال دون تأويل رموزه المخبأة . 
 


تابعنا على
تصميم وتطوير