رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
عقدة الدولة


المشاهدات 1428
تاريخ الإضافة 2022/09/27 - 6:58 PM
آخر تحديث 2024/04/08 - 11:11 AM

بعد 11 شهرا من إجراء انتخابات وصفت بالمبكرة، تعاود الأحزاب نفسها التي فازت والتي خسرت والتي انسحبت، الحديث عن انتخابات أخرى ومبكرة أيضا.. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فبسبب عدم القدرة على تشكيل حكومة أغلبية من قبل طرف قرر أن يذهب الى الأغلبية بعد 19 عاما من تداول السلطة توافقيا بسبب فخ الثلث المعطل قررت كل الأحزاب والقوى باستثناء الطرف المنسحب وبعد 19 عاما على إدارتها الدولة تشكيل ائتلاف جديد اسمه ائتلاف «إدارة الدولة».. ألا تبدو العملية أشبه بالداوركيسة التي تحتاج توضيحا. التوضيح ليس للمواطن إنما للباحثين والدارسين والحامضين والمؤرخين و»المرتخين». أما لماذا لا يحتاج المواطن الى توضيح فلأن لدينا نوعين من المواطنين.. مواطن كريم حسب وصف القوى والأحزاب والشخصيات والزعامات من كل المكونات، وهذا جمهور النعم والبصم بالعشرة.. طالما الزعيم سالم فهذا المواطن الذي يخرج من عام 2005 الى اليوم ينتخب ونسبته في أقصى حالاتها 25% سالم. مع أن هذا المواطن نفسه الذي منح صفة الكريم يخرج الى الفضائيات شاكيا باكيا من قلة الخدمات التي يسردها أمام كل فضائية مع بعض التقديم أو التأخير.. مرة يبدأ بالكهرباء وينتهي بالماء ومرة يبدأ بالماء وينتهي بالتعيين وهكذا دون كلل ولا ملل.. مع ذلك حين يقال له اخرج متظاهرا يخرج متظاهرا، اخرج الى الانتخابات حتى لو كل أسبوعين يخرج منتخبا بل يبالغ في «تغميس» إصبعه بالحبر البنفسجي. 
المواطن الآخر غير الكريم هو المواطن الذي لا علاقة له إن شرقت أو غربت. أصلا «السالفة مو يمه».. صارت انتخابات أم لم تحصل. تظاهر القوم أم لم يتظاهروا. قطعت الطرق وأغلقت الجسور أم لم تقطع أو تغلق.. وهذا المواطن نسبته أكثر من 70%.. لا يشارك في أي شيء ولكنه يريد التغيير.. ربما المتغير المهم على صعيد المشاركة من عدمها هي انتفاضة تشرين عام 2019 التي أرادت تغيير المعادلة عبر شعار «نريد وطن» وهو أول تأسيس صحيح لبناء دولة.. لكن الذي حصل لتلك التظاهرات، وبرغم المآخذ بشأن ما كان ينبغي أن يكون عليه مسارها، فإنها قدمت تضحيات كبيرة جدا دون أن تكون مخرجاتها بحجم تضحياتها. ومع كل ما يمكن قوله بشأن تباين المواقف بين من يريد دولة وأي دولة وبين من لا يفرق بين الدولة والحكومة، فإن التخبط سيد الموقف بسبب عدم القدرة على الفرز وبسبب رسوخ عقدة الدولة دون فهم واضح لها.. على صعيد هذه النقطة تحديدا، فإن العراق، وبرغم أن عمر دولته تعدى القرن، لكن لايزال الجدل قائما حول الكيفية التي بنيت عليها الدولة العراقية منذ العشرينات عند أول التأسيس الى اليوم مرورا بالتأسيس الثاني عام 2003.. ومع أن حنا بطاطو بحث كل التفاصيل المتعلقة بالإشكالية التي مثلتها الدولة العراقية وعلاقاتها بالمكونات العرقية والدينية والمذهبية التي يتكون منها العراق شعبا وجغرافية والتي يطلق عليها تحببا وبدون مضمون فعلي «شدة الورد»، فإنها لاتزال قائمة بسبب إشكالية المواطنة.. فالدولة العراقية بنسختيها البريطانية (1921ـ 1958) والأميركية (2003 ـ الى اليوم) لم تتمكن من ترسيخ هوية مواطنة عابرة.. وبسبب ذلك فقد تم القفز على كل ما يتعلق بآليات بناء الدولة على أساس هوية المواطنة باتجاه إقامة حكومات مكوناتية فشلت في تحقيق الحد الأدنى من طموح المواطن العراقي. فالمواطن العراقي هو شيعي وسني وكردي ومسلم ومسيحي وتركماني وأزيدي وصابئي يفخر بتكويناته ومكوناته لكنه يصبح عراقيا فقط وللعظم حين يتعلق الأمر بالحاجة الى الماء والكهرباء وفرص العمل والوظيفة الحكومية والخدمات العامة.. وهذه بحد ذاتها إشكالية تجعل من الصعوبة التعامل بنسبة معيارية واحدة بين الدولة والحكومة.. العراقيون يريدون دولة تمنح لهم كل ما يريدون مثل ما تقدمه أي دولة في العالم.. لكنهم في مقابل ذلك ويحصل هذا بالتماهي مع الأحزاب التي تقود (الدولة) التي لاتزال مفترضة يريدون حكومة من 22 وزيرا فيها 12 وزيرا شيعيا و6 وزراء سنة و3 للأكراد وحصص لباقي المكونات.. هذا التقسيم المسبق للمناصب والمواقع أدى الى تغليب فكرة الحكومة وقوتها على الدولة كمفهوم وواقع.. لا أعرف إن كانت الأحزاب التي فكرت اليوم بإنشاء ائتلاف تحت مسمى «إدارة الدولة» يمثل رؤية بهذا الاتجاه أم هو مجرد تسمية تضاف الى سجل هذه الأحزاب الحافلة بالتسميات.. خالية الدسم.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير