رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
محمّد.. «الرحمة المهداة»


المشاهدات 1419
تاريخ الإضافة 2022/09/26 - 8:25 PM
آخر تحديث 2024/03/28 - 7:53 PM

تحتفل الأمّة الإسلامية والشعب العراقي بمولد سيد الكائنات وفخرها وخاتم الانبياء والرسل، محمّد «صلى الله عليه وآله وسلم» والذي يوافق في الثاني عشر من ربيع الاول من كل عام، وكلٌ على طريقته الخاصة. 
والاحتفال بمولد الرسول محمّد «عليه الصلاة والسلام»، «الرحمة المهداة»، هو استذكار لسيرته العطرة، ورسالته العظيمة، وفضائله وأخلاقه.. فتجد ألسنة الناس في هذا اليوم رطبة بذكر الله، والصلاة على رسوله الكريم، وسط أجواء من الفرح والبهجة، وسماع المناقب النبوية والمدائح، والأحاديث التي تتحدث عن مكانة رسولنا الكريم.
إن أعظم رحمة حظيت بها البشريّة من ربّها هي إرسال نبيّ الرحمة والهدى محمّد، «صلى الله عليه وسلم».. قال سبحانه وتعالى، مبيّنا هذه النعمة، وممتناً على عباده بها: « وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ » ، فما من مخلوق على هذه الأرض إلا وقد نال حظا من هذه الرحمة المهداة. 
وإذا كانت بعثته «عليه الصلاة والسلام» ما هي إلّا رحمة، فكيف كانت رحمة من هو في أصله رحمة؟! 
والرحمة صفة إلهيّة، نعت الله بها نفسه في مواضع من القرآن الكريم.. فهو سبحانه رحمن رؤوف، غفور رحيم، بل أرحم الراحمين، وأخبر سبحانه عن نفسه بأنه واسع الرحمة، وأن رحمته وسعت كلَّ شيء. 
لقد تمثّلت «الرحمة» في رسولنا الكريم في أكمل صورها، وأعظم معانيها.. ومظاهر رحمته قد حفلت بها سيرته، وامتلأت بها شريعته.. فرحم الصغير والكبير، والغنيّ والفقير، والقريب والبعيد، والعدوّ والصديق، بل شملت رحمته الحيوان والجماد، وما من سبيل يوصل إلى رحمة الله إلا جلاه لأمته، وحضّهم على سلوكه، وما من طريق يبعد الناس عن رحمة الله إلا زجرهم عنه، وحذّرهم منه، كل ذلك رحمة بهم وشفقة عليهم. أما عن رحمته بأمّته، فهذا يحتاج لكتاب ومقالات لا تعدّ ولا تحصى، ولا تكفي هذه العجالة، وكفى بقوله تعالى: « لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ » .اقول.. لو سارت الشعوب الإسلامية والعربية جميعها على نهج ورسالة النبي محمد «صلَّى الله عليه وسلم» السامية لما اتّسعت دائرة العنف الدموي باسم الإسلام، ولا كثر الفساد والنفاق. 
إنّ قتل النفس البريئة هو جريمةٌ بكلِّ المعايير، مهما ارتدى الفاعل المجرم من عباءات دينية أو طائفية.. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: « مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا». أما الحديث عن انتشار الفساد الاداري والمالي في بلداننا الإسلامية التي من المفترض ان تسير على نهج الحبيب المصطفى، فحدث ولا حرج.  
سيبقى النبي محمّد «صلَّى الله عليه وسلم» هو “الأسوة الحسنة” للناس في كل زمان ومكان.. سيظلّ لأن الله تعالى أمرنا بهذا في القرآن الكريم، قال جلّ شأنه : « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا » . أما عن خلقه العظيم، فقد ذكره الله في القرآن الكريم بقوله تعالى: « وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ». يقول سبحانه وتعالى لنبيّه محمّد «عليه الصلاة والسلام» وإنّك يا محمد لعلى أدب عظيم، وذلك أدب القرآن الذي أدّبه الله به، وهو الإسلام وشرائعه. ولا عجب إذاً أنِ اختاره الله تعالى خليلاً، كما اتّخذ إبراهيم (عليه السلام) خليلاً، وختم به الرسالةَ والنبوّة.
كتب الكثير من العلماء والشعراء اجمل الكلمات بحق رسولنا الكريم، لكن شاعر الرسول حسان بن ثابت قال في «الرحمة المهداة» اجمل كلمات الشعر: 
وَأَحْسْنُ مِنْكَ لَمْ تَرَ قَطُّ عَيْنِي *** وَأَجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النَّسَاءُ 
خُلِقْـتَ مُبَرَّءًا مِنْ كُـلَّ عَيْـبٍ *** كأَنَّكَ قَدْ خُلِقْـتَ كَمَا تَشَـاءُ 
والاحتفال بالمولد النبوي الشريف في بلدنا العراق له طعم خاص، وسط أجواء مفعمة بالايمان والفرح.. تجد البهجة والفرح في بيوت الناس، وعلى وجوههم، صغاراً وكباراً، نساءً ورجالاً، والاهالي يتبادلون التهاني واطباق الطعام والحلوى، فضلا عن انتشار المناقب النبوية والأناشيد التي تمجد رسولنا الكريم وأعلام «محمد قدوتنا».
أما مدينة الأعظميّة، فتسمّى في مثل هذا اليوم بـ»عروس المولد»، لان الاحتفال المركزي في جامع ابي حنيفة النعمان له طعم خاص.. فتجد الناس والعوائل بكثرة في الأعظمية، وهنا أحب ان اقول، بعد ما كتبت، دعونا نستذكر في هذه الايام، وكل الايام، الرحمة والاخلاق، والأعمال والصفات العظيمة لرسولنا الكريم، ونتمسك ونقتدي بها.. ولنعلم أولادنا وبناتنا سيرته العطرة.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير