رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير
مؤيد اللامي
أول صحيفة صدرت في العراق عام 1869 م
يومية سياسية عامة
تصدر عن نقابة الصحفيين العراقيين
رقم الاعتماد في نقابة الصحفيين (1)
سجل العراق خلال عامي 2021-2020 أكثر من 4 آلاف حالة طلاق لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة ....خبراء وأكاديميون يحذرون من زيادة ظاهرة الطلاق في المجتمع ويطالبون بتجريم الزواج خارج المحكمة


المشاهدات 1493
تاريخ الإضافة 2022/09/25 - 9:38 PM
آخر تحديث 2024/04/24 - 3:21 PM

الزوراء/ ليث جواد:
سجل العراق في السنوات العشرة الاخيرة ارتفاعا كبيرا في معدلات الطلاق سنويا الامر الذي بات يشكل قلقا متزايدا لدى المختصين والباحثين الذين عزوا هذا الارتفاع الى اسباب عدة من ابرزها الزواج المبكر والوضع الاقتصادي والاستخدام غير صحيح لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل الزوجين، كلها عوامل اسهمت في ارتفاع معدلات  الطلاق، مطالبين  الجهات المعنية بضرورة ايجاد حلول  لهذه  المشكلة التي بدأت تتفاقم سنويا .  
التأثر بالمشاهير
وقالت الخبيرة في مجال الاسرة والطفولة رفاه حسين لـ”الزوراء”: ان هناك أسبابا عدة وراء ارتفاع حالات الطلاق في العراق من اهمها  الظرف الاقتصادي وانتشار البطالة التي القت بظلالها على المجتمع العراقي بصورة عامة كل هذه العوامل أدت  الى زيادة الاحباط لدى الكثير من الاشخاص وخصوصا الرجال العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود وبالتالي تؤدي الى حدوث المشاكل والمشاجر بين الازواج.
وتابعت: ان “وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير سلبي على العديد من النساء والرجال، من خلال متابعة حياة المشاهير والاحساس بأن الحياة الزوجية هي فقط تبضع ورحلات سياحية وحياة كريمة وهذا مخالف للواقع وبالتالي يحصل الطلاق “.
واضافت ان” الشباب اليوم المقبلين على الزواج سواء ذكورا ام إناثا اصبحوا يبحثون عن مواصفات وقياسات معينة ابتعدت عن الانسجام والاخلاق والتربية وهذا ما سبب  العديد من حالات الطلاق لعدم وجود التطابق والتوافق بينهم وبالتالي ينتج الانفصال بينهما “ .
واوضحت ان “الطرفين يتحملان مسؤولية الانفصال عن بعضهما لان الحياة الاسرية تحتاج الى التوافق والصبر والاتزان رغم وجود معرقلات كثيرة في الحياة، فأنا اتحدث في حالات وجود توافق وحب ومودة بين الطرفين ويجب ان يكون التعامل بهدوء في هذه الحالة والعمل على الحفاظ على الاسرة من التفكك” .
واشارت الى اننا “نحتاج الى ثقافة عامة  من خلال تغير الافكار السائدة في مجتمعنا بالنسبة للجنسين عبر حملات التوعية المكثفة للحد من الزواج المبكر واختيار الزوجة ضمن مواصفات معينة وعدم التأثر بحياة الاخرين وهذا الامر  يحتاج الى دراسات وتطوير خصوصا لدى شريحة طلاب الجامعات من فئة الشباب”.
ونوهت ان “الاطفال هم الخاسر الاكبر في هذه القضية ويكونوا ضحية التفكك الاسري وللأسف الشديد لا نملك ثقافة الاتزان بعد الطلاق والحفاظ على الحالة النفسية للطفل وهذا  يؤدي الى نمو الطفل في بيئة غير ملائمة لتكوينه وبالتالي قد  ينجرف الطفل الى امور لا تحمد عقباها “ .
فيما قال نوفل النعمان، تخصص خدمة عامة اجتماعية لـ”الزوراء“: ان “هناك أسبابا متعددة لارتفاع حالات الطلاق في العراق واهم تلك الاسباب هي (سوء الاختيار-الزواج المبكر-البطالة والفقر-تدخل الاهل في الحياة الزوجية  اختلاف في الثقافات بين الزوجين)”. لافتا الى ان “هناك اسبابا اخرى حسب الموقع الجغرافي والعادات والتقاليد وما  الى ذلك”.
سهولة الطلاق مجتمعيا
واضاف: ان “المجتمع اصبح يتساهل في حالات الطلاق بعدما كانت هذه الامور معيبة على الفتاة واهلها لان المجتمع متغير وغير ثابت  فما كان معيبا في فترة من الزمن اصبح امرا طبيعيا نتيجة لاندماج الثقافات”.
لافتا الى: ان الثورة المعلوماتية وما بعدها لها اثر كبير على عادات و تقاليد المجتمع لاسيما الزواج والطلاق والتغيرات التي حصلت على بعض عادات الزواج و الطلاق.
 وتابع “ لقد اصبحنا اليوم نسمع عن اقامة حفلات طلاق تقام من قبل بعض الازواج وهي حالات دخيلة على المجتمع العراقي و هي محدودة و ليست شائعة ومثل هذه  الحالات تقوم بها الزوجة او حتى الزوج  محاولة منها اقناع  من  حولهم انهما  سعداء  بالانفصال او حتى اقناع نفسه وهي في الحقيقة خدعة يقنع بها الشخص نفسه”.          
واشار النعمان الى ان “الطلاق ينتج لنا  اسرة مفككة  غير  مستقرة وبالتالي نصدر للمجتمع اشخاص -الاطفال- يعانون من ضرر مادي  ومعنوي  وهم معرضون  الى الانحراف الى الجريمة و غيرها فهي مصدر قلق  لدى المجتمعات”. 
من جانبها، اكدت المحامية ميناس السامرائي في حديث لـ”الزوراء”: انه” حينما تكون الحياة غير قابلة للاستمرار بين الزوجين، يكون الطلاق هو الحل الأخير بين الزوجين، لاسيما ان القانون حفظ حقوق الزوجة بعد الانفصال، ووفر حماية لها ولأطفالها”.
عواقب وخيمة
واضافت ان “ حالة انعدام الأمن التي خلقها الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة، وتلتها الفتنة الطائفية التي اجتاحت البلاد، فاقمت من تدهور الاسرة العراقية وبالتالي نتج عنها هذه الاعداد الكبيرة من حالات الطلاق التي بات تسجل شهريا وهي بارتفاع مستمر وهو مؤشر خطير جدا وله عواقب خطيرة على المجتمع في المستقبل القريب “.
ونوهت بأن “ احد اسباب ارتفاع حالات الطلاق في العراق هي زواج القاصرات والفقر والبطالة واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي بشكل غير صحيح والخيانة الزوجية، والعنف الأسري، وتدخل الأهل في حياة اولادهم” .
واشارت السامرائي الى ان “العراق سجل مطلع العام الحالي  أكثر 200 حالة طلاق في اليوم الواحد وهو رقم مخيف جدا ويجب ان تكون هناك وقفة جادة لإيجاد حلول مناسبة لهذه المشكلة”.
 موضحة انه للحد من ارتفاع معدلات الطلاق لا بد من  تجريم الزواج  خارج المحكمة  وهي واحدة من اهم الحلول تشريع قانون يمنع زواج القاصرين وتغريم من يقوم بهذا الفعل ومعاقبته، فضلا على التأكيد على اهمية  التوعية الاجيال بخصوص موضوع الزواج ومسؤولياته ومعايير الاختيار والنضوج الفكري والتوافق النفسي والعاطفي والاستعداد المادي وغيرها التي تضمن حياة مستقرة.”
واقترحت السامرائي على الزوجين البحث دائماً عن التجديد في طريقة الحياة الزوجية، مثلاً المرأة تجدد في طريقة الأكل واللباس والشكل، وفي طريقة ترتيب البيت، حتى لا يصبح هناك روتين، والروتين بطبيعته قاتل وممل، التطوير في الحياة الزوجية هذا يساعد كثيراً على إنجاح الحياة الزوجية، وعدم الوصول -لا سمح الله- إلى مرحلة التنافر، ومن ثم الطلاق”.
أما الدكتور حسام عبد الحمزة الزيادي، دكتوراه علم اجتماع، فذكر في حديث لـ”الزوراء”: ان” الارقام المعلنة في المحاكم لا تمثل الارقام الحقيقية لحالات الطلاق كون هذا يمثل فقط ما تم تصديقه في محاكم الاحوال الشخصية، اما ما يعقد خارج المحكمة فلم يتم معرفة اعداده، لذا فإن هذه المشكلة تزيد ارقام  حالات الطلاق”.
لافتا الى ان “هذه المشكلة اصبحت تشكل  ظاهرة اجتماعية تستحق ان تتوجه الاقلام والدراسات لتناولها بالشكل الذي يمثل الضرر الذي تلحقه بالمجتمع العراقي واوصي بالاستفادة من النتائج والتوصيات التي تتوصل اليها هذه الدراسات”.
المسلسلات المدبلجة
واضاف ان “ ابرز ما تم تحديده من الاسباب لهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة من قبل الباحثين حدد اسبابها في الحالة الاقتصادية والبطالة والفقر وما تسببه من مشكلات اخرى منها عدم رغبة الزوجة بالسكن مع اهل الزوج فضلا عن الاستخدام الخاطئ لشبكات التواصل الاجتماعي من قبل الشباب وكذلك صغر سن المقبلين على الزواج. وتابع الزيادي ان “ ادمان المخدرات وما تسببه من نتائج ومنها الخيانة الزوجية والاعتداءات الجسدية، فضلا عن محاولة الشباب المتزوجين تقليد الثقافات الغربية من خلال ما يبث من قبل وسائل اعلام من مسلسلات مدبلجة وافلام  وما تحمله من امور غير مقبولة في مجتمعنا العراقي الذي تسوده الاعراف والتقاليد وكذلك تمرد النساء المتزوجات من خلال محاولة تقليد شخصيات (لموديلز)”. 
واشار الى انه” على الدولة باعتبارها صاحبة السلطة وتتحمل المسؤولية كاملة في ضرورة التوعية بأهمية الأسرة وبنائها والمحافظة على كيانها ووجودها وان توفر فرص عمل للعاطلين عن العمل من ارباب الاسر وكذلك تحسين الوضع الاقتصادي لأرباب الاسر للتخلص من اعباء الحياة، اضافة الى فتح دورات توجيهية وتدريبية اجبارية للشباب المقبلين على الزواج وتفعيل القوانين ومحاسبة من يعمد على تزويج الابناء القصر ومن هم دون السن القانوني”. 
وكشفت إحصائية رسمية لمجلس القضاء الاعلى عن  تسجيل المحاكم العراقية 4092 حالة طلاق لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة خلال عامي (2021-2020).
فيما ذكر قضاة متخصصون بقضايا الأحوال الشخصية أن الزواج المبكر احد الأسباب الرئيسية التي تضاعف نسب الطلاق في العراق.
وذكرت الإحصائية “أن العام 2020 سجل 1498 حالة، بينما ازداد العدد إلى 2594 في عام 2021 ومن بين 16 محافظة أحصاها “القضاء” احتلت الموصل المرتبة الأولى بتسجيلها 1155 حالة طلاق، إذ انفصلت 442 فتاة عن زوجها في عام 2020، وتضاعفت هذه النسبة في العام 2021 حتى بلغت 713 حالة طلاق لفتاة شابة”.
ويقول قاضي الأحوال الشخصية في الموصل حسن جلوب “مع تطور المجتمعات، لا يزال العراق يعاني من وجود زواج القاصرات بسبب الأعراف والتقاليد المتوارثة، إذ يرى الكثير أن الزواج ستر المرأة ومستقبلها المعهود، وهذه الخطأ شائع في المجتمع”.
وعزا  القاضي  اسباب ارتفاع حالات الطلاق الى الوضع الاقتصادي الذي يساهم بشكل مباشر في الخلافات بين الأزواج، وكذلك المستوى الثقافي وعدم الانسجام الفكري بين الزوجين بسبب صغر أعمارهم، إضافة إلى الأسباب المباشرة في توتر العلاقات ومنها تطور المجتمع ومواقع التواصل الاجتماعي والخيانة الزوجية الالكترونية”.
واوضح:  أن “الانفتاح الاجتماعي الذي حدث بعد تحرر المدينة من عصابات داعش الإرهابية ساهمت أيضاً في زيادة الحالات فضلا عن  ان الكثير من أسباب الطلاق تبدو غريبة مثلا أن أستاذة جامعية ارتبطت بسائق تاكسي لا يمتلك مستوى علميا وانفصلت عن زوجها الذي يعمل تدريسيا في الجامعة نفسها”. وعن المعالجات للحد من ارتفاع حالات الطلاق، اكد القاضي أن “القضاة يبذلون ما بوسعهم عند حضور زوجين لمنعهم من الانفصال، إذ تقوم المحكمة بإحالة الزوجين إلى مكاتب البحث الاجتماعي لغرض الوقوف على أسباب الخلاف ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما وبعد ذلك يتم تحديد موعد للمرافعة أمام المحكمة حيث تقوم المحكمة متمثلة بالقاضي بتقديم النصح والإرشاد لغرض إصلاح ذات
 البين “.
 


تابعنا على
تصميم وتطوير